من هو البرادعي؟
عبد الله كمال
بشكل مباشر طلب الدكتور محمد البرادعي أن يطلب منه الشعب أن يتقدم للترشيح للانتخابات.. وفي السياسة هذه خطيئة سياسية كبري.. السياسي يتقدم للناس ويطلب منهم.. ويعرض عليهم.. فإن قبلوا.. كان له أن يقوم بما طلبوه منه.. الذي يطرحه البرادعي إذن معادلة مقلوبة.. لا تستقيم إلا مع ذاتيته وتعاليه.
الديمقراطية في أساسها تقوم علي صندوق الانتخابات.. أي أن يتفضل الناخب ويذهب إلي الصندوق ويضع صوته مؤيداً لهذا أو ذاك.. بناء علي المفاضلة بين عروض مختلفة تقدم بها مجموعة من السياسيين المتنافسين.. واقتراحات وأفكار ورؤي عرضت.. وحدث بينها جدل.. واستقر الناخب في لحظة الشرعية علي أن يمنح صوته لمن اختار.
هذه هي طبيعة الأمور التي ليس فيها أو منها أن ينتظر السياسي في بيته حتي يأتيه الناس وقبل الانتخابات، وحتي في التمهيد لها، يذهب السياسي إلي المواطن.
هنا نلحظ ثلاثة منطلقات خاطئة تحرك منها البرادعي في اتجاه أن يعلن أن علي الناس أن يطلبوه.
المنطلق الخاطئ الأول أنه يمثل مشروعاً متكاملاً يريده الناس.. وحتي اللحظة هو لم يعلن أي شيء، لا الرغبة ولا الفكرة ولا الرؤية.
المنطلق الخاطئ الثاني هو الاقتناع الهائل لديه بأن الناس أصبحت في حالة غضب مهول مما هو في واقعها بحيث إنهم يجدون أنه منقذ لا فرار من المضي خلفه ومناشدته لكي يرضي بدوره التاريخي المرسوم.. وهو اقتناع أظن أنه بني علي أسس غير سليمة علي الإطلاق.. ليس لأن الواقع سوف أقول إنه مرض ولكن لأنه لا تتوافر لدي الناس هذه الطاقة والدوافع المهولة التي تجعلهم راغبين في ذلك.
المنطلق الخاطئ الثالث هو أن يعتقد البرادعي أنه نموذج تاريخي مذهل، تتمني فئات الشعب أن يقودها وأعتقد أنه تخالجه تلك الفكرة.. علي الأقل من خلال قراءتي لمن يكتبون عنه أو من وحي مشاهد صنعت له.. أو كان فيها.
هل مثلاً يعتقد أنه "أوباما" رسول التغيير.. طيب.. أوباما ابن الواقع الداخلي في الولايات المتحدة لم يعش بعيداً عنها 30 سنة.. سيناتور سابق.. عضو نشط وفعال في حزب.. كلها صفات لا تنطبق علي البرادعي.. وحتي بعد أن انتخب واختبرته الأنواء الأمريكية.. فإن الناخب الأمريكي لا يعتقد أن ما انتظره منه قد تحقق أو في طريقه إلي التحقق.. والأهم أنه بالتأكيد لدي أوباما "كاريزما" ليست لدي البرادعي.
هل مثلاً من وحي طلبه توكيلات الشعب يعتقد أنه سعد زغلول.. طيب.. الزعيم الراحل قائد ثورة 19 كان يناضل ضد الاحتلال.. والبلد غير محتل.. وقتها أراد المناضلون من حوله أن يقولوا: إنهم لديهم شرعية المطالبة.. وهذا ليس قائماً.. وهناك آليات شرعية لكل من يريد أن يمارس العمل السياسي الآن .. في عصر ليس فيه إنجليز في مصر.
هل مثلاً يعتقد أنه سيكون "غاندي".. طيب.. الهند بدورها في نضال غاندي كانت محتلة.. والمسألة مختلفة تماماً.. وهو أيضاً ليس نيلسون مانديلا الذي كان يناضل ضد التفرقة العنصرية.. وهي ليست موجودة في مصر بالطبع والأغلبية لا تعاني اضطهاداً.. ولا الأقلية.
هل هو خوميني.. الآتي من الخارج.. لكي يطيح بنظام حكم في إيران.. بالطبع لا.. لا هو آية الله ولا نحن يحكمنا نظام الشاه المتهالك.
إن ما أخشاه حقاً أن ينطبق علي البرادعي ما قاله في شأنه الكاتب الإنجليزي في صحيفة الإندبندنت روبرت فيسك وعدد من الكتاب المصريين أيضاً بأن البرادعي قد يكون "قرضاي مصر".. هناك أوجه تشابه بالطبع.. علي الأقل منها أن قرضاي كان يعيش في الخارج.. لكن للأسف نحن لسنا أفغانستان.. ولا تحتلنا قوات حلف الناتو لكي تدفع بالبرادعي إلي الساحة عبر صندوق انتخابات تحرسه بنادقها.. والأهم أنني أربأ بالدكتور المحترم محمد البرادعي من أن يكون مثل هذا القرضاي.. الذي لم يفلح علي أي حال.. البرادعي أكثر إخلاصاً لبلده من هذا بالتأكيد.
الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريد الإليـكترونى: [email protected]
