السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محاسبة وزير البترول




هدأت أزمة السولار إلي حد بعيد،‮ ‬استمرت بضعة أيام‮.. ‬ثم استبانت السوق أنه لا توجد مشكلة حقيقية‮.. ‬وأن الافتعال كان هدفه تحقيق الأرباح لدي‮ (‬مافيا تجارية‮ ‬غير معلنة‮).. ‬بالضبط كما كان ذلك أحد أسباب أزمة أنابيب البوتاجاز‮.. ‬غير أنه خلال أزمة السولار تطاير شظي متنوع استهدف وزارة البترول ووزيرها سامح فهمي‮.. ‬تمامًا بالطريقة المعتادة في مصر الآن‮.. ‬أي أن الحسنات لا تذكر‮.. ‬والمشكلة العابرة تستخدم إعلاميا وسيلة للقضاء علي قيمة أي إنجاز‮.. ‬مهما كان تراكمه‮.‬

أصحاب النظرة الجزئية‮.. ‬ناقصو المعلومات‮.. ‬متعمدو الإساءة‮.. ‬أو ربما المبتزون‮.. ‬يفعلون هذا يوميا‮.. ‬وقد توقفت ضمن الانتقادات التي تعرض لها قطاع البترول قبل أيام أمام من اعتبر أنه لا توجد استراتيجية للقطاع‮.. ‬ومن المؤكد أن النقد حق للجميع‮.. ‬لكن لا يمكن إطلاق الأحكام بهذه الصورة القطعية‮.. ‬وبدون اطلاع مسبق‮.. ‬خاصة إذا كانت الحقائق تخالف الواقع‮.‬ أنا شخصيا أعتقد جازمًا أن هناك نهضة حقيقية في القطاع،‮ ‬ولكني سوف أمضي في اتجاه تطبيق نفس المنطق الذي يحاول أن يمارس ضغطًا ما علي الوزير‮.. ‬سأقول‮: ‬دعونا نحاسبه‮.. ‬لكن لن أردد أنه لا توجد استراتيجية‮.. ‬لأنه بالفعل توجد استراتيجية‮.. ‬ومعلنة‮.. ‬وتجاهلها يمثل مخالفة صحفية مهنية‮.. ‬ومن ثم فإن السؤال الصحفي يكون‮: ‬ماذا حقق قطاع البترول من استراتيجيته المعلنة؟

في يناير‮ ‬2000‮ ‬عرض القطاع علي الرئيس استراتيجية من بضع نقاط‮: ‬دعم الاحتياطيات من الزيت والغاز ــ تلبية الطلب المحلي ــ زيادة الصادرات ــ زيادة الدخل الأجنبي من القطاع ــ زيادة فرص العمل ــ التطوير التكنولوجي ــ إعادة هيكلة قطاع الثروة التعدينية‮.‬

الآن بعد عشر سنوات،‮ ‬هل قطاع البترول كما كان عليه حاله من قبل؟ الإجابة هي النفي بالتأكيد‮.. ‬والأدلة كثيرة‮.. ‬وبما يثبت أن القطاع يمثل مصدرًا واعدًا ومتناميا من مصادر الدخل والتوظيف والاستثمار‮.. ‬بل التأثير الإقليمي‮.‬

الاتفاقيات البترولية تطورت‮.. ‬ونمت‮.. ‬شركات لم تكن تعمل في مصر ظهرت‮.. ‬عمليات الاستكشاف اتسعت‮.. ‬تشمل الآن نحو‮ ‬600‮ ‬ألف كيلو متر‮.. ‬بـ159‮ ‬اتفاقية‮.. ‬ملتزمة بإنفاق قدره‮ ‬8‮ ‬مليارات دولار‮.. ‬ومنح توقيع بلغت‮ ‬2‮ ‬مليار دولار،‮ ‬هذه الاتفاقيات تنعكس في صورة زيادة الاحتياطيات‮.. ‬زيادة فرص العمل‮.. ‬زيادة معدلات التصدير‮.. ‬زيادة العائد‮.. ‬زيادة الاستثمارات‮.. ‬مناطق جديدة دخلت في نطاقات العمل‮.. ‬قرابة‮ ‬270‮ ‬اكتشافًا للزيت الخام‮.. ‬و165‮ ‬للغاز‮.. ‬والجميع يعرف الآن أن مصر بدأت منذ سنوات تصدير الغاز‮.. ‬لأول مرة في تاريخها‮.. ‬لها مكانتها الإقليمية وموقعها الأفريقي‮.. ‬والأهم أنه نشأ نتيجة لذلك انطلاقًا من مصر خط الغاز العربي الذي دشنه الرئيس في‮ ‬2007 ‮ .‬

الاحتياطيات كانت في عام‮ ‬2000‮ ‬حوالي‮ ‬11‮ ‬مليار برميل مكافئ‮.. ‬أصبحت الآن‮ ‬18‮ ‬مليار برميل مكافئ‮.. ‬منها‮ ‬4‮ ‬مليارات برميل بترول‮.. ‬و77‮ ‬تريليون قدم مكعب‮ ‬غاز‮.. ‬وفي العام الماضي ارتفع معدل إنتاج البترول ‮ ‬6 ٪‮ ‬ومعدل إنتاج الغاز بـ7٪‮.. ‬وتجسدت علي الساحة العلاقات المتسعة مع شركات دولية وإقليمية كثيرة‮.. ‬وظهرت البشائر في حقول البحر المتوسط والصحراء الغربية وأيضًا في المنطقة التقليدية في خليج السويس‮.‬

والمهم هنا ليس فقط الإنتاج والاكتشافات‮.. ‬بل أيضًا تلبية الاحتياجات المحلية‮.. ‬ولابد أن نشير إلي الأرقام لكي نعرف حجم التطور الذي حدث‮.. ‬السوق المحلية في عام‮ ‬2000‮ ‬كانت تستهلك حوالي‮ ‬37‮ ‬مليون طن‮.. ‬قيمتها عالميا‮ ‬6‮ ‬مليارات دولار‮.. ‬الآن تستهلك‮ ‬62‮ ‬مليون طن قيمتها‮ ‬25‮ ‬مليار دولار‮.. ‬وبالطبع علي وزارة البترول أن توفر كل هذا إما محليا‮.. ‬أو عن طريق الاستيراد وتمويل هذا الاستيراد‮.. ‬وهو عبء ثقيل جدًا تتم تلبيته في ضوء أن فاتورة دعم المنتجات البترولية بلغت العام الأخير‮ ‬71‮ ‬مليار جنيه‮.‬

ولم يكن هناك‮ ‬غاز في البيوت بالكثافة الحالية،‮ ‬الآن القاهرة تعتمد عليه تقريبًا في كل المناطق‮.. ‬والأنابيب تمتد إلي الصعيد وحتي أسوان‮.. ‬وعملية التنمية في سيناء تعتمد عليه‮.. ‬حوالي‮ ‬6‭.‬2‮ ‬مليون بيت وصلها الغاز في عشر سنين‮.. ‬في حين كان العدد نحو مليون بيت منذ‮ ‬1981‮ ‬إلي عام‮ ‬2000،‮ ‬هذه أرقام لها معني كبير جدًا‮.‬

وأضف إلي هذا ما اهتم به جدًا من ناحية أن قطاع البترول المصري أصبح مسموع الصوت والتأثير إقليميا‮.. ‬شركات مصر تعمل في عديد من الدول العربية‮.. ‬هذا لم يكن موجودًا علي الإطلاق،‮ ‬الغاز المصري يباع إلي مجموعة من الدول العربية وتعتمد عليه الأردن ولبنان وكذلك سوريا‮.. ‬فضلاً‮ ‬عن التواجد الفعال للقطاع ووزيره في المنتديات والمحافل الدولية‮.‬

نحن أمام حالة نجاح حقيقية‮.. ‬حتي لو كانت هناك ملاحظات يمكن أن تسجل هنا وهناك هدفها مزيد من التطوير‮.. ‬إلا أنه لا يمكن أبدًا أن نبخس قطاعًا مزدهرًا بهذا الشكل حقه في ذكر مناقبه‮.. ‬فما بالك بهدم كل إنجازه‮.‬
 
الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net
البريد الإليكتروني   : [email protected]