التشطير والتغيير
عبد الله كمال
لدي مجموعة من الملاحظات علي اللقاء الذي انعقد في نقابة الصحفيين يوم السبت لبدء حملة توقيعات علي ما يوصف بأنه مطالب البرادعي للتغيير.
لاحظت انخفاض عدد الحضور، لم يزد علي عشرات.. ربما مائة أو مائة وخمسون.. أغلبهم من مجموعات (6 أبريل)، وحتي لو قيل إنهم أكثر من ذلك.. فإن الحشد بالمقياس السياسي ضعيف جدًا.. مجرد مجموعة معروفة.. لم تضف إليها شخصًا جديدًا.. فقط نوع من التغيير في الأساليب.. بدلاً من الاعتصام علي سلم النقابة.. صعدوا للدور الرابع.. وعقدوا لقاءً أمام الكاميرات.. ووقعوا ورقًا اللَّه أعلم أين سيحفظ.. ومن سوف يحصيه؟
وحقيقة لم أفهم لماذا شكل الحاضرون جماعة جديدة اسمها (جماعة العمل الوطني)، إذا كان أغلب الحاضرين هم من أعضاء جمعية البرادعي التي لم تتشكل رسميًا بعد.. فإما أنهم يريدون زيادة عدد اللافتات.. تحت لافتة البرادعي.. كما لو أنه جبهة.. وبحيث قد نفاجأ بأن عدد الحركات داخل الجمعية أكبر من عدد التوقيعات علي مطالبها.. أو أن الهدف هو احتمالية أن ترغب الحركات في أن تنفصل بعد قليل من جمعية البرادعي.
يحتمل أيضًا أن يكون مبتدعو الحركات يرغبون في أن يفصلوا أنفسهم عن أحاديث البرادعي.. بحيث إذا قال هو شيئًا قالوا هذا موقفه.. وإذا قالوا هم شيئًا قال هذا موقفهم.. أي أننا أمام عملية تشطير (من الانشطار).. وليس تغييرًا.. والانشطار مفهوم إذا كانت خلفية الدكتور البرادعي هي أنه كان مديرًا لوكالة الطاقة الذرية. أعان اللَّه الجميع.
وقد توقفت بالطبع أمام ما قاله أبوالعلا ماضي (وكيل مؤسسي حزب الوسط)، الذي أعلن ـ دون تعقيب من أحد ـ أنه يؤيد مطالب البرادعي.. وليس شرطا أن يؤيد ترشيحه للرئاسة.. وهذا كلام يصب في اتجاه ما كتبت من قبل يوم الجمعة.. نوعًا ما.. إذ أشرت إلي احتمالية أن يكون البرادعي هو الرجل الثاني.
وإذا كان الأمر كذلك من ناحية البرادعي، أي أنه يحدث جلبة لن تنتهي بالترشيح، فإنني يمكن أن أري الأمر من زاوية بعض من حوله.. باعتبارهم لا يثقون في مساراته وأهدافه.. وما هي خطته الأخيرة.. راحت السكرة وجاءت الفكرة.. وبعضهم لا يريد أن يحرق نفسه.. أو يكون وقودًا في عملية مؤقتة للبرادعي.. تنتهي بانتهاء زخمه ورغباته.. ومن ثم يحافظ أبوالعلا (مثلاً) علي مساحة بعيدة عنه.
ما لفت نظري كذلك ما قاله الأديب الكبير الأستاذ بهاء طاهر.. وكان حاضرًا.. إذ رفض اتهام الشعب بالسلبية.. وقال إن النخبة بمثابة الضمير.. فإن عجز الضمير عن تحريك الجسد.. فلا فائدة منه.. أي تكون النخبة بلا قيمة.. والاستنتاج الأخير من عندي وفق ما فهمت من كلام الأديب الكبير.
هذا كلام مهم.. ولكن المشكلة ليست في أن النخبة بلا فائدة.. وإنما في تعريف من هم النخبة.. لا أعتقد أن الحضور في هذا اللقاء كان ينطبق عليهم هذا الوصف.. مع كامل الاحترام للأستاذ بهاء نفسه ولغيره.. والسؤال هو :من قال إن هؤلاء ضمير المجتمع؟ وإذا كان الضمير يطالب الجسد بما لا يقبله.. ولا يحقق مصالحه.. فلماذا يمكن أن نقول إنها نخبة بلا فائدة.. ببساطة تكون النخبة مخالفة للتطلعات الحقيقية والأصيلة.. وتطرح ما رأي الجسد أنه ليس من أهدافه.
أنا أقبل الاختبار الذي فرضه الأستاذ بهاء ببساطة شديدة.. لنري كيف يمكن أن تدفع هذه الأعداد الموصوفة بالنخبة الجسد إلي ما تريد.. هل سوف يستجيب لها.. هل سوف يقبل بما تسعي إليه.. أم أنه سوف يتعالي علي ما تصرخ به؟ لأنه بأبسط من البساطة لا يعبر عنه.
إن عدد الذين مروا أمام مبني نقابة الصحفيين من المواطنين أثناء إلقاء البيان وحشد التوقيعات والتصارع علي إلقاء الكلمات.. أي نحو الساعة ونصف الساعة.. يتجاوز أضعاف العدد الذي كان يحتشد داخلها مطالبًا بالتوقيع علي بيان مساندة طلبات الدكتور البرادعي.. أعان اللَّه الجميع.
الموقع الاليكتروني : www.abkamal.net
البريد الاليكتروني : [email protected]