المغربي.. السياسي
عبد الله كمال
بالتأكيد لدي ملاحظات عديدة علي أداء الحكومة.. مجتمعة أو كل وزير علي حدة.. وإذا كانت مشكلة هذه الحكومة كما أقول دائما أن فيها ما لا يقل عن ستة رؤساء وزراء محتملين.. دون أن يعني هذا أنني أتحدث عن اقتراب تغيير سياسي.. أو وزاري.. فهذا ليس كلاماً موثقاً أو موثوقاً.. فإن من بين مميزاتها أن فيها عدداً لا بأس به من الوزراء الذين يمكن أن نصفهم بأنهم (سياسيون).. يتجاوزون الدور التكنوقراطي التنفيذي.. إلي القيام بأداء سياسي رفيع.. وياللروعة المفترضة لو كانت منظومة الحكومة توظف هذا كله من أجل صيت الإدارة بين الجمهور.
ولست هنا بصدد ذكر القائمة.. ولكنني أتوقف أمام حالات مختلفة.. بعضها لديه مقومات بنيوية.. وبعضها يعتمد علي الإعلام في الأداء السياسي.. وبعضها يستند إلي فطرة سياسية.. ولكن مايدهشني حقا هو قدرة الوزير أحمد المغربي علي إعادة اكتشاف مقوماته الذاتية في خلال السنوات الأربع الأخيرة.. وتمكنه من البزوغ لقيادة سياسية قبل أن يكون مسئولاً تنفيذياً قادراً علي تنفيذ الخطط التي يعد بها.
يبدو المغربي من فئة تتسم بالاقتراب من الحزب الذي تنتمي له الحكومة.. وليس كل الوزراء كذلك.. وقد تمكن في خلال الفترة الأخيرة من أن يكشف عن طاقة سياسية مميزة تجعله واضحاً سواء في مؤتمرات الحزب أو مناقشات البرلمان.. وبحيث يؤدي بطريقة تنطوي علي ارتباط حقيقي بالحكومة كعمل تضامني وليس مجموعة من الجزر المنفردة المتناثرة.
ولعل ما أفاد المغربي في هذا السياق.. ليس فقط تواصله المستمر مع الحزب.. وإنما أمران:
الأول: هو أنه كوزير ناجح في أداء مهمته التنفيذية.. ومنها علي سبيل المثال سياسات توزيع الأراضي وبناء المساكن وتشييد المرافق المختلفة.
الثاني: إنه يقوم بدور بارز ومحدد في إطار تطبيق السياسات الاجتماعية المختلفة.. وهو محور مهم جداً في العمل الحزبي والحكومي.
قبل يومين كان المغربي يجتاز استجوابات مختلفة في البرلمان بشأن خدمات المياه.. وقد عبرها بطريقة مميزة.. إذ رغم ضعف مستوي الاستجوابات.. ومساندة الأغلبية.. إلا أنه وجدها فرصة مميزة لكي يتحدث عن إنجازات الحكومة وقدرة برنامج الحزب علي أن يلبي احتياجات المواطنين في خدمات المياه والصرف الصحي.. أي أنه بدلاً من أن يعتبر الاستجوابات عثرة سياسية عليه أن يجتازها بطرق دفاعية.. فإنه حولها إلي فرصة سانحة لتسجيل النقاط بطريقة الهجوم.
نقطة التحول الأساسية في مسار أحمد المغربي تكمن في انتقاله من وزير السياحة إلي وزير الاسكان.. بعد محمد إبراهيم سليمان.. ونقطة التحول الإضافية الفاصلة هي تلك التي نشأت مع اصطناع أزمة مياه الشرب قبل ثلاث سنوات.. بعدها تحرك الوزير بطريقة موحية ومنظمة.. سواء علي مستوي التنفيذ أو علي مستوي التعبير السياسي عن وجود هذا التنفيذ.. فضلا عن رؤية أشمل تحكم تصوراته ـ في إطار الحزب ـ لمضامين الخدمات الاجتماعية.
في الأقصر، قبل نحو الشهر، لم يفوت المغربي لأحد السائلين في مؤتمر كان ضيفه الرئيسي هو جمال مبارك، قوله إنه لابد أن نكتفي بزراعتنا ذاتيا.. وفي الأحوال العادية يصمت الوزراء مع مثل هذه المواقف.. رغم إدراكهم أن الكلام المطروح لا يكون صحيحاً.. لكن المغربي مضي في اتجاه أن يشرح للشاب السائل كيف أنه لا يمكن أن يتحقق هذا الاكتفاء الذاتي في أي بلد.. وأن الاقتصاد يقوم علي التبادل.. وأن المطلوب هو أن نكون قادرين علي شراء ما نحتاج وإن لم نكن نزرعه.. ومن ثم فإنه لا توجد ضرورة لأفكار براقة حول الاكتفاء الذاتي من القمح مثلاً.
وفي استجوابات البرلمان قبل يومين كان أن شكر المعارضة- كما كتبت "روزاليوسف" بالأمس- لأنها أتاحت له الفرصة لكي يعبر عن سياسات حزبه.. وبرامج الحكومة.. ومن ثم لم أفاجأ حين تراجع نائب إخواني وسحب استجوابه وهو لم يزل يقوم بإلقائه معترفاً بحجم الإنجاز الذي قامت به وزارة الإسكان.
الموقع الاليكتروني : www.abkamal.net
البريد الاليكتروني : [email protected]