الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«روزاليوسف».. وسوريا «2» .. صحافة «لف.. وارجع»




المواقف التي تبني علي أساس المبادئ واستنادًا إلي معلومات لا تغيرها كلمة.. ولا تبدلها فخاخ لغوية.. وموقفنا الصحفي من سوريا (الشقيقة) له أسس بنيوية.. وليس معني أن هناك محاولات لإعادة المياه إلي مجاريها بين القاهرة ودمشق.. ليست نابعة من دمشق ــ للأسف ــ إن هذا يعني أنه علي «روزاليوسف» أن تقول لنفسها: (لف وارجع)!

المبادئ لا يمكن محوها في لحظة، والمصداقية لها أصول، ومن يتبدل في لحظة إما أنه لا يدرك قيمة الكلمة أو أنه علي يقين من أن كلامه لا يؤثر في شيء.. (كتابة وخلاص).. والذي يقرأ ما قال بشار الأسد بشأن أنه مستعد لزيارة مصر إذا ما دعته مصر.. سوف يعرف أنه يفعل هذا علي مضض.. ومضطر.. ويصر علي منهجه السياسي.. بدليل ما قاله في بقية تصريحه هذا.. وبدليل ما دار في الجلسة المغلقة في القمة العربية وعبر فيه عن نهج سياسي يختلف تمامًا مع النهج السياسي لمصر.

الود بين الأشقاء.. ووقف الحملات الإعلامية.. لا يعني أن الدول سوف تذهب إلي ملاعب بعضها وتغير مواقفها.. لا مصر سوف تعود عن منهجها الداعي للسلام.. ولا سوريا سوف تتخلي عن تحالفاتها.. ولا عن مقولات تضرب في الصميم في السياسة المصرية.. لا سوريا سوف تترك حماس.. ولا هي سوف تغير منهجها في لبنان.. ولا سوف تتباعد عن إيران.. ولا سوف تأمر حزب الله بالتخلي عن سلاحه والانضواء في الدولة اللبنانية.

لكم سياستكم ولنا سياستنا.. ومعضلة سوريا معروفة واسمها الجولان.. وحين عادت الحرارة إلي العلاقات السعودية ـــ السورية.. فإن هذا لم يبدل في مواقف السعودية ولا بدل في مواقف سوريا.. وحتي الآن تري الرياض في طهران خصمًا.. وتراه دمشق حليفًا.

هنا أين يكون دور الصحافة؟ ومن ثم كيف يكون دور «روزاليوسف»؟

إذا كانت الصحافة مثل النسخة السورية.. صحافة رجع الصدي.. وكتابات صدي الصوت.. أي التي تردد ما تقول الحكومات.. سوف تبدل مواقفها في لحظة.. ويدرك الجميع.. قراءً وسياسيين.. إنها صحافة مأمورة.. مطيعة.. تعمل وفق تعليمات.. أما إذا كانت صحافة حقيقية.. أقلام كتابها مبدئية.. ولديهم مواقف ذات مصداقية.. فإنها سوف تتيح الفرصة لعودة الود.. لكنها سوف تبقي نفسها مراقبًا فعالاً لمجريات الأمور ومفكرًا في شئونها.. تقيم التفاعلات.. وتطرح رأيها.. وتعطي لنفسها مساحة تفيد القارئ وصانع القرار في ذات الوقت.

من حقنا، بل واجبنا، أن ندافع عن كرامة رئيسنا.. وأن نصد الهجوم الصحفي السوري وغيره عن بلدنا.. وكون أن دمشق ترغب في بعض الود.. لأسباب مختلفة نفهمها بدقة ونعرف أطرافها وملابساتها.. فإن هذا سيكون متقبلاً منا.. لكنه لا ينفي أن تبقي أسئلتنا مطروحة بشأن السياسة السورية وتأثيرها علي المصالح العربية.

مثلاً: كيف سيكون موقف سوريا من حوار الفصائل الفلسطينية؟ كيف سيكون موقف سوريا من الرئيس محمود عباس؟ كيف سيكون موقف سوريا من توجهات لجنة مبادرة السلام العربية؟ كيف سيكون موقف سوريا من الواقع اللبناني؟ كيف سيكون منهجها في تحرير الجولان المحتل منذ 42 عامًا.. وغير ذلك كثير جدًا.

هنا علي الصحافة في مصر أن تكون (بيت تفكير) وليس (ماكينة ترديد).. لا يمكن لأي صحفي حقيقي بني موقفًا عن قناعة أن (يلف ويرجع).. في هذه الحالة يخسر نفسه.. ويخسره القارئ.. وتخسره السياسة المصرية.. لسنا بطاقات محمول تشحن وفق رغبات وزير الخارجية السوري وليد المعلم.. ولا تحركنا تصريحات غير مكتملة للرئيس بشار الأسد.. في متنها ما يقوضها.. إن علينا أن نفتح الأفق أمام إصلاح ذات البين.. ولكن علينا أن نكون متابعين.. محللين.. منتظرين فإن أفلحت الأمور.. أهلاً وسهلاً.. وإن لم يكن فإننا لا نكون قد خسرنا ذواتنا ومصداقيتنا.

هذا تعليق أكمل به ما كتبت بالأمس، وإن كنت سوف أضيف بعضًا من الجمل والعبارات غير المكتملة عمدًا، منها: إنني أنتظر ما سوف تكتبه الصحافة «التركية» ـــ نعم التركية ــ خلال الأيام المقبلة حول هذا الموضوع ــ ومنها: إنني لم أرحب بـ(أفكار لا دعوات) جاءتني مؤخرًا لزيارة سوريا ــ ومنها أنني أعرف جيدًا أن مصر الستينيات لم تكن رائعة وجميلة وبالتالي ليست سوريا الحالية بالنسبة لي ولـ«روزاليوسف» رائعة جميلة.

عمومًا كل هذا يثبت مجددًا طبيعة التأثير الإقليمي الذي تمارسه «روزاليوسف».. لقد كنا ولم نزل رقماً جوهرياً في هذا الموضوع.
 
الموقع الإليكتروني:   www.abkamal.net
البريد الإليكتروني  :   [email protected]