السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الانتقام لصالح من؟




لم تنته سخونة الدورة البرلمانية بعد.. البقية سوف تأتي.. فالإخوان في نزعهم الأخير.. وهم يدركون أن ما بقي لهم في التاريخ البرلماني لن يقارن علي الإطلاق بالآتي.. لأن شعبيتهم تنهار.. ولهذا ثلاثة أسباب: المواجهة الحامية جداً من نواب الأغلبية ـ أن أداء الإخوان لم يرق أمام الرأي العام إلي المستوي الذي بشروا به ـ إن هناك قوي أخري تحاول أن تقدم نفسها للشارع.

ولا تنفي الأسباب الثلاثة سبباً أهم.. وأشمل.. وأجمع.. وهو أن كل محب لهذا البلد ويخشي علي مدنيته أدرك خطورة هذا التوجه الملتحف بالدين علي مصلحة الوطن.. هذه قناعة تتزايد يوما تلو آخر.. ثبتت من خلال متابعة الجميع لأزمة الجماعة التي تفجرت في وجه قياداتها وشبابها ففجرتهم أمام القاصي والداني.

وفيما يبدو فإن نية نواب الأغلبية منعقدة تماما علي عدم منح أي فرصة لنواب المحظورة لكي يستغلوا ما تبقي في عمر المجلس الحالي من أجل لملمة ما يعتقد أنه أصوات يمكن حصادها.. أو الانفراد بساحة الملعب الإعلامي من خلال سخونة جلسات مجلس الشعب.. دون رد.

وبينما يدرك الإخوان حقيقة الأمر، فإنهم سوف ينجرفون وراء شهوة الانتقام من كل من يتصدي لهم.. سياسياً أو صحفياً.. ناهيك عن تشويههم للجهاز الأمني الصلد بقيادة الوزير حبيب العادلي.. الذي لم يترك للخارجين عن الشرعية أي منفذ.. مهما التحفوا بالحصانة البرلمانية.. وبالتالي فإن نصيب أحمد عز من حمم الجماعة لم يكتمل بعد.. وسوف ينال الكثير منهم خلال الأيام المقبلة ـ وفق ما أتوقع ـ لاسيما بعد أن دخل معهم في معارك سياسية واضحة وصاخبة وفي قلب المضمون خلال الأيام القليلة الماضية.

الكاتب الكبير إبراهيم سعدة، اختصر قبل أيام في عموده، الجولة الساخنة في المعركة، تعقيباً علي ما دار في لجنة الشئون الخارجية.. ووضع له عنوانا: (شجاعة أحمد عز).. وكان الموضوع هو حديث عز في اللجنة عن أنه لابد أن تكون مصر قوية لكي تكون سنداً أهم للقضية الفلسطينية.. مشيراً إلي أن (مصر أولاً) تعني أن تكون مصلحة مصر أولاً.. كما أنها تعني أن (مصر أولاً) لا يعني أن تكون مصر وحدها.

هذه الفكرة عبر عنها أمين تنظيم حزب الأغلبية في مقال مهم نشرته الزميلة أخبار اليوم في السبت الماضي تحت عنوان (مصر القوية.. أهم سند للقضية الفلسطينية).

وخاض الدكتور زكريا عزمي، العائد من ألمانيا مملوءاً بالنشاط السياسي، وهو النائب المخضرم والأمين العام المساعد للحزب الوطني، المعركة دفاعاً عن أحقية مجلس الشعب في أن يمنح الرئيس التفويض بحق التوقيع علي صفقات السلاح.. وصون الأسرار العسكرية التي أراد الإخوان أن يكشفوها.. كما لو أنهم لايفهمون قيمة تلك الأسرار استراتيجيا.. وفي ذات الجلسة عاد أمين التنظيم وقال (أنتم عاوزين تسليح البلد علي المشاع).. وما لبث أن قال نائب إخواني إن الحكومة تستعبد الناس في سوق النخاسة حتي التقط أحمد عز الثمرة اليانعة وطلب إحالة النائب إلي لجنة القيم.. وهو ما كان بموافقة الأغلبية.

في اليوم التالي، وفي الجولة الثالثة، أراد الإخوان أن ينتقموا من أمين التنظيم.. وحاولوا التحرش به في المجلس أثناء مناقشة الحساب الختامي.. باعتباره رئيس لجنة الخطة والموازنة.. وكانت جلسة ساخنة جديدة لا أعتقد أنها الأخيرة.

ما يدهش في الأمر ليس ما يدور في البرلمان.. هذا طبيعي قبيل انتخابات 2010 التي يتوقع أنها سوف تكون شديدة الحدة.. لاسيما أن الأحزاب التقليدية تتمتع بنشاط لافت لاشك أنه يثير قلق الإخوان.. أي نشاط للأحزاب سوف يخصم من حصة الإخوان إن لم يقض عليها تقريبا.. وإنما ما يدهش هو أن ما لم تحصله الجماعة بنوابها في المجلس.. حيث القانون واللائحة والأداء السياسي هو المقياس.. فإن عدداً من وسائل الإعلام تساعدها في الوصول إليه عبر محاولات مستميتة للانتقام من أمين التنظيم.

برنامج في أوربيت فعلها بعد مناقشة لجنة الشئون الخارجية، وبرنامج في دريم وبرنامج في المحور بعد مقال أخبار اليوم، ثم مقال في المصري اليوم.. وبعده مقالات في جريدة الدستور بعد مناقشة تفويض الرئيس يوم الاثنين الماضي، وبعد إحالة نائب جديد من الإخوان للقيم.

هذا ليس دفاعاً عن أحمد عز، إذ يمكنه أن يحمي ذاته بالأصالة عن نفسه، ولكنه تساؤل مستمر ومتكرر: لماذا تساند هذه الوسائل الإعلامية أفعال الإخوان وتصفي لهم حساباتهم؟ هل كلها تؤيد الدولة الدينية.. هل كل هذا لصالح الإخوان وحدهم؟ أم تصفية حسابات إعلامية مع ما يمثل أمين التنظيم؟
الموقع الإليكتروني: www.abkamal.net

البريد الإليكتروني: [email protected]