الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

قرارات حلوان




أهم من القرارات الحازمة التي أصدرها وزير التربية والتعليم أحمد زكي بدر بخصوص الانفلات الذي وجده في مدرسة الخلفاء الراشدين في حلوان.. الاحتجاج الذي خرج له تلاميذ نفس المدرسة اعتراضا علي قرارات الوزير.. هذا الاحتجاج أثبت بما لايدع مجالا للشك أن الوزير علي حق.. وكان عليه أن يكون أقسي وأشرس.

تأخرت في التعليق علي الموقف.. كنت أقلبه في رأسي بعض الوقت.. إذ ببساطة يمكن أن تشيد بالوزير.. وإجرائه.. ولكني شخصيا لدي غضاضة محددة تجاه هذه التصرفات التي يمكن أن يقوم بها وزير هنا أو هناك.. متقمصا فيها دور الوالي علي الطريقة الإسلامية.. وقد عارضت من قبل الطريقة التي كان يتبعها الوزير حاتم الجبلي في مروره علي المستشفيات فجأة.. وقلت: إن الحل لن يكون بهذه الطريقة المتقطعة.. بل بإصلاح مؤسسي أشمل وأعم.. المشكلة ليست في مستشفي واحد أو مدرسة واحدة.. بل أكبر وأعم.

علي سبيل المثال لا الحصر وصلتني رسائل تشير إلي مدارس مماثلة فيها انفلات لا يقل خطورة عما رآه الوزير في حلوان.. وأعتقد أنه شخصيا وصلته منذ أصدر قرارات جولته المفاجئة مجموعة مماثلة من الشكاوي.. وهو ما يطرح السؤال الجوهري: ماذا عليه أن يفعل الآن؟ لو زار مدرسة كل يوم لانقضي العام دون أن يصلح أحوال كل المدارس.

دعنا نقيم الأمر بعمق.. وبدون نظرة مسبقة من جانبي. وجد الوزير انفلاتا.. لا الناظر موجود ولا المدرسون أغلبهم حضر ولا الفصول منتظمة ولا التلاميذ جادون إطلاقا.. ومن ثم قرر عقوبات ما بين النقل والجزاء.. اعتراضي الشكلي أن نقل الناظر للفيوم أو غيرها قد يعني أن الفيوم أقل أهمية من حلوان في منظومة التعليم..

ولكن المهم هنا هو أن الرسالة التي بلغت الجميع، في جميع المدارس، أن هناك حرصا علي الجدية.. وأن العملية التعليمية لابد أن تكون منتظمة.. وأن هناك رقابة علي ذلك من أعلي رأس في الوزارة.

هذه هي المهمة التي جاء من أجلها الوزير.. رئيس الوزراء قال لي هذا.. وقال: إن انضباطا مطلوب في العملية التعليمية.. والجميع يعرف.. ومن المدهش أن أغلبية الصحف التي حيت الوزير علي قراراته هي نفسها التي كانت تهاجمه حين جاء وقالت إنه سوف يدير المنظومة التعليمية بالحديد والنار.

أنت لا يمكن أن تتحدث عن الجودة في مدارس لا تعمل أصلا.. لا يمكن أن تتكلم عن مستوي منتج التعليم في فصول خاوية.. لا يمكن أن تواجه ظاهرة الدروس الخصوصية بينما المدرسون لا يذهبون إلي المدارس..

ولا يمكن أن تطلب من أحمد زكي بدر أن يكون طيبا ناعما وهو يقوم بعمله.. ما فعله في حلوان يتسق مع شخصيته ومع فكره.. الوزير كان نفسه.. وما أعنيه أنه يتمتع بالحزم وتلك رسالته إلي الذين يعملون تحت إمرته.. وأعتقد أنها وصلت.

لقد قال الوزير: إن من حق المدرس أن يضرب التلميذ.. وعارضه البعض.. وها هو بعد أن منح حقا للمدرس (الضرب هنا ليس الأذي).. فإنه استخدم القانون في ضرب المنفلتين من المدرسين.. والاستجابة العامة التي وجدها من الجميع في البيوت وفي مختلف وسائل الإعلام تثبت أن هناك طلبا علي الحسم والجدية..

ولكن المنظومات المختلفة في التعليم وغيره لا تلبي احتياج هذا الطلب، فعم الانفلات في مجالات مختلفة.. ومن ثم المسألة ليست مقتصرة في معناها علي مشكلة مدرسة أو مدارس.

أما احتجاج التلاميذ.. ربما بإيعاز من مدرسيهم.. فليس إلا دليلاً جديداً علي احتياج المدارس إلي مزيد من الضبط والخضوع للقواعد والنظام والانتظام.. ولفهم معني الاحتجاج وضرورته.. فقد تربي هؤلاء التلاميذ علي الفوضي ومارسوها حين واجهوا تعويقا لانتشارها.

الوزير علي حق.. ويجب أن يدعم.. وقرارات حلوان تحتاج إلي أن تعمم بشكل شامل علي جميع المدارس وليس في حلوان وحدها.. فهل يقدر؟

 الموقع الأليكترونى : www.abkamal.net

 البريد الأليكترونى  : [email protected]