الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نضارة وشنب




تصدق بالله: أنا أفرض علي نفسي قيودًا مهولة لكي أمتنع عن السخرية من ظاهرة الدكتور محمد البرادعي.. الظاهرة وليس الشخص.. ولكنني أدفع يوميا دفعًا إلي أن أتحول لكاتب ساخر فظيع حين أقرأ التصريحات وأطالع التحركات وأري الفعاليات.

مثلاً، ماذا تفعل حين تجد شخصًا من المحيطين بالبرادعي يصف الصلاة بأنها (فعاليات)، ماذا تقول له.. وقد حول الفريضة إلي استعراض سياسي.. ولو استغرقت في النقاش لأثار الأمر أبعادًا طائفية.. خاصة أن قائله مسيحي.

ما علينا، لفت نظري الـ (تي شيرت) الذي ارتداه (شباب بودي جارد) أحاطوا بالبرادعي في (فعاليات المنصورة).. لحمايته من قوة مجهولة.. رغم أن أحدًا لا يقترب منه.. الطريق مفتوح أمامه.. ولم أر في أي صورة.. عسكري أمن مركزي يراقب حتي الموقف من بعيد.. فلماذا هذه الحراسة.. هل لدي جهازه الأمني ما يشير إلي توقعات من نوع مريب؟ الله أعلم بأسرار هؤلاء الخلق.

المهم الـ (تي شيرت) عليه صورة غريبة جدًا: نضارة وشنب.. لوحة تجريدية غامضة اختصرت صورة الدكتور محمد البرادعي في هذين الرمزين.. وأبقت الوجه خاويا.. أبيض.. من غير سوء.. لا عينين.. ولا أنف تستند إليه النضارة.. ولا شفاه يعتليها الشارب.. ولا رأس يخفي عقلاً فريدًا بالتأكيد.. فقط نضارة وشنب.. حالة سريالية ملهمة وموحية(!)

طيب، كيف يمكن أن أمنع نفسي من السخرية من هذا العبث، قل لي بالله عليك كيف تعلق علي هذا الأمر الجديد.. والمروع في الساحة السياسية المصرية.. هل وافق عليه البرادعي.. ولو وافق.. ماذا يقصد.. إلي ماذا ترمز النضارة.. ولماذا هي مقرونة بالشنب.. هل يعتز بشاربه إلي هذه الدرجة.. هل أقسم به مثلاً علي طريقة أفلام الأربعينيات.. وصولاً إلي عبارات الفنان محمد رضا في السبعينيات.

أخخخ.. اضبط.. ها هي سخرية.. ألهمني يارب القدرة لكي لا أواصل هذا الغي.. سوف يشتمني محترفو الإنترنت.. وسوف تصلني رسائل عامرة بالسب والهجاء وعبارات من تلك التي يسترونها بصافرة في التليفزيونات حين يقول الممثلون كلامًا خارج عن النص.. ولا يجب أن يسمعه المشاهدون.. كلام يعبر عن اللغة السياسية الرفيعة التي يتميز بها هذا الجيل المحيط بالبرادعي.. وكله محفوظ عندي وموثق.

لنفترض أنه لم يوافق علي هذا التي شيرت التجريدي ــ السريالي في آن واحد، هل قامت الجمعية التي وضعوه علي رأسها بطباعته من تلقاء نفسها.. ولم تعرضه عليه؟ كيف يفعلون هذا في مسألة استراتيجية من هذا النوع الخطير، التي شيرت سوف يكون رمزًا تاريخيا لحملة أسطورية تندفع بالبرادعي إلي صدارة الأحداث في مصر.. بالتأكيد لديهم معان خفية تخاطب عقول الرأي العام.. ونحن لا ندري بها.

لو حللنا الرمزين المذهلين علي التي شيرت بموضوعية.. وبدون مواقف مسبقة.. سوف نكتشف الأعماق الدفينة في مكنون الرمز.. فالشنب رمز القوة والرجولة.. ويشير إلي الثقافة الشرقية.. صحيح أنه يشير أيضًا إلي الرجال من بيئات كردية.. وخليجية.. وعراقية.. وكثير من مناطق الشام.. ولكنه في النهاية تقليد مصري متبع.. يعبر عن أصالة الدكتور البرادعي وارتباطه بالتراب المصري.. والفلاح الذي يريد أن يحذف من الدستور نسبة العمال والفلاحين التي تخصه.

وأما النضارة فهي واضحة جدًا.. ويمكن لأي محلل أن يفهم معناها.. فهي تدل علي الفكر.. والثقافة.. والعقل الراجح.. طبعًا عدم وجودها لا ينفي رجاحة العقل والثقافة والفكر العميق.. ولكن تلك دلالاتها بين العامة.. غير أن المشكلة هي كيف تميز بين نضارة وأخري.. إذا كان الملايين من ضعاف البصر في مصر والعالم يستعينون بها.. الإجابة بسيطة جدًا.. جدًا.. إذ هناك ارتباط شرطي في تصميم التي شيرت بين النضارة والشنب.. وكلاهما يشير معًا وفي مزيج واحد إلي زعيم الإصلاح القادم من فيينا بعد تقاعده.. أي الدكتور محمد البرادعي.

الحمد لله، هداني تفكيري المتعقل وغير الساخر إلي تحليل منطقي رأي الصواب في الرمزية العميقة التي يشير إليها هذا التي شيرت الفظيع النابع من البيئة المصرية والمرتبط بها بوشائج لا تنفصم، لقد نجوت هذه المرة من قدر هائل من الشتائم المروعة.. وكفي الله الكاتب شر الهجاء.. وشر غضب (بودي جاردات الإنترنت) المكلفين بترويع أي صاحب رأي مختلف.
 
الموقع الاليكتروني :  www.abkamal.net
البريد الاليكتروني   :   [email protected]