الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ساعة زيادة




في الحديث النبوي قال (صلي اللَّه عليه وسلم): «اللهم بارك لأمتي في بكورها».. والبكور هو أول النهار. وقد عرفت رجل أعمال مسيحيا يؤمن بأن (نصف الرزق في البكور).. وكان يضحك قائلاً: اللَّه يوزع الرزق بدري.. وكان بنيامين فرانكلين مبعوث الولايات المتحدة إلي فرنسا هو صاحب القول الشهير: «الذهاب إلي الفراش مبكرًا والنهوض منه مبكرًا يجعل الإنسان صحيح البدن معافي وثريًا وحكيمًا».

ولا أختلف مع هذا بالطبع.. وأعرف كثيرين جدًا يبدؤون اليوم مع أول ضوء.. وبالتأكيد هذا من أحد أسباب نجاحهم.. وكثيرون منهم ينامون مبكرًا.. ليسوا جميعا.. وأنا من الذين ينامون متأخرًا ويستيقظون مبكرًا.. أي عمليًا لا أنام حقا.. ولكن بنيامين فرانكلين ذهب بعيدًا بحكمته.. وابتدع من أجل أن تتحقق مقولته فكرة التوقيت الصيفي.. أي إضافة ساعة للتوقيت لكي يستفيد الناس من زيادة عدد ساعات النهار.

توفيرا لضوء الشموع اقترح فرانكلين أن يتم تقنين عدد الشموع المستهلكة.. وأن تطلق المدافع قذائفها وأن تدق الكنائس أجراسها لكي يصحو الفرنسيون مبكرًا.. لكن اقتراحه قوبل بالاستهزاء العام.. الأوروبيون لم يكونوا وقتها شعوبا منضبطة تراعي دقة المواعيد.. وفيما بعد جاء عالم نيوزيلندي مهتم بالحشرات اسمه جورج فيرنون واقترح إضافة ساعتين للتوقيت في عام 1898 للاستفادة من ضوء النهار.. ثم قررت ألمانيا وحلفاؤها في الحرب العالمية الثانية تطبيق الفكرة توفيرًا للطاقة.. وبمضي الوقت طبق هذا التوقيت الصيفي بدءًا من 1916.. إلي 1918.

مصر عرفته في نهاية السبعينيات. وقتها كان له مبرر منطقي.. إذ تزامن مع تطبيق مواعيد إغلاق المحلات والأنشطة في العاصمة في الساعة السادسة مساءً.. ومن ثم كان يؤدي إلي توفير الكهرباء.. ولكن التوقيت الذي تغلق فيه المحلات لم يعد له وجود.. ولم يصمد أصلاً.. وفي مصر يمكن أن تجد أنشطة تعمل طيلة 24 ساعة.. ولكن بقي التوقيت الصيفي المقرر أن نذهب إليه في الجمعة الأخيرة من الشهر الحالي.. بنص القانون.

ومن المثير أن (فايننشيال تايمز) خصصت افتتاحيتها قبل أيام لكي تنتقد الإصرار علي هذا التوقيت في بريطانيا.. وقالت إنه يسبب ارتباكا في الساعة البيولوجية لا لزوم له.. ولا يمثل إضافة حقيقية.. ولا يحقق فائدة كبيرة.. وتقول الجريدة الاقتصادية الكبيرة إن المنافع المفترضة يمكن أن تتحقق بأن نبقي علي التوقيت الصيفي طيلة العام.. وهو ما لجأت إليه بريطانيا فيما بين عامي 1968 و1971.

في مصر الموضوع أيضًا يحتاج إعادة نظر.. غير مؤثر عمليا.. التكييفات تستهلك في الصيف أضعاف ما يمكن أن نعتقد أن ساعة زيادة في التوقيت سوف توفره.. دون أن توفره حقًا.. ويمكن أن نستعين بفكرة تقولها الجريدة البريطانية الشهيرة وهي أن يبقي التوقيت صيفيا طوال العام.. وأن يقوم كل نشاط بتغيير توقيتات بدء الدوام حسب الاحتياج في فصل الشتاء.. أي أن يؤخر مواعيده قليلاً.

وقد يحتاج البريطانيون هذا التعديل في المواعيد لو طبق اقتراح الجريدة.. لكننا عمليا لا نحتاجه في مصر.. بالعكس سوف نستفيد أكثر شتويًا حين يطبق التوقيت الصيفي طوال العام.. وهذه دعوة من جانبي للحكومة للتفكير في الأمر.. قبل أن يحل الموعد السنوي للتطبيق بوقت وافر.

نحن بالطبع لن نوفر 300 مليون دولار عائدات تحققها رياضة الجولف من زيادة عدد ساعات النهار كما يحدث في بعض الدول الأوروبية.. ومن قبل مصر أجرت تعديلاً علي نظام التوقيت بأن جعلته يطبق من منتصف ليل الخميس نهاية أبريل بدلاً من أول مايو.. حتي يعتاد الناس عليه في يوم الإجازة.. وكان هذا في 1996.. ومن ثم لا توجد مشكلة كبيرة في أن نعدله بأن يكون طوال العام.. إلا إذا لم نكن نرجو أن نفطر قرب الساعة الثامنة في رمضان المقبل.
 
الموقع الالكتروني :   www.abkamal.net
البريد الالكتروني   :   [email protected]