الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

السيف والكرباج




أشرف أبو الريش
بدأت بالفعل أكره الثورة المجيدة التى قام بها المصريون فى 25 يناير.. توابعها وفوائدها قد وصلت إلينا فى القرى البكر التى لم تلوث بعد.. الأسبوع الماضى كعادتى أذهب إلى القرية التى ولدت وتربيت فيها وأحرص بصفة مستمرة على زيارة الأهل والأقارب، فهذه الزيارات قد أوصى بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.. لكننى فى تلك المرة رأيت فى مدخل القرية قطعة أرض كبيرة كانت مزروعة بأشجار البرتقال منذ عدة أعوام.. منظر تلك الأرض أحزننى إذ لا يمكن أن يحدث ذلك فى أى مكان فى العالم سوى فى مصر.. تم قطع أشجار البرتقال المثمرة وأراد صاحب الأرض أن يستفيد مثلما يفعل الآخرون فى قرى مجاورة، فقد أشار عليه رفقاء السوء بأن يقوم بإنشاء ملعب خماسى للكرة ويمكن أن ينشئ أيضا صالة للأفراح والمناسبات فهذه الفكرة تدر الأموال عليه أفضل من زراعة المحاصيل الزراعية وإنتاج البرتقال.
جاءوا بالرمل والزلط وقاموا بتبوير الأرض الزراعية التى لا يوجد مثيل لها فى مصر.. فهذه أرض الدلتا الخصيب المجاورة لنهر النيل.. وبالفعل انتهوا من إقامة مشروعهم العظيم، ليس لى ناقة ولا جمل، فهذه أرض شخص لا أعرفه ولا أريد أن أعرفه، ولكن ما حدث هو اغتيال بمعنى الكلمة.. اغتيال فى زمن الفوضى.. فوضى الثورة التى أضعفت الأجهزة الرقابية فى مصر.
لم يكن يجرؤ أى فلاح فى محافظة من المحافظات أن يضع قالبًا من الطوب داخل الأرض الزراعية.. تأتى إليه الوحدة المحلية فتقوم بهدم ما صنعه مباشرة ودون انتظار، ويمكن أن تأتى قوة من الشرطة فتقبض عليه فيتراجع عما صنعه، حتى إن كان يريد تجديد منزله بالطوب الأحمر بدلاً من الطوب اللبن فيتم عمل محضر له ويأتى خبير من وزارتى العدل والزراعة لكى يحدد إن كانت قطعة الأرض التى بنى عليها هى نفس القطعة القديمة أم لا.
كان ذلك قبل الثورة المجيدة 25 يناير.. هذا مثال بسيط لتوابع تلك الثورة.. ولذلك تأكدت أن الناس فى مصر يحتاجون بالفعل إلى «السيف والكرباج».. لن أقول إن الكل يحتاج إلى ذلك وإنما البعض، أكررها: أنتم ياشعب مصر ما أحوجكم إلى حاكم قوى وإلى حكومة قوية تستطيع الحفاظ على أرضنا الطيبة.. الأرض التى تأكلون وتشربون منها.. وإذا متم دفنتم فيها.
ما رأيته فى قريتنا يحدث فى معظم القرى المصرية.. سبوبة ملاعب الكرة الخماسية وصالات الأفراح.. تحدث معى صديقان فى هذه القضية، الأول رجل دين والآخر خبير فى الزراعة قال لى الشيخ إن تقطيع الأشجار المثمرة الخضراء نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أمر أصحابه بعدم قطع الشجر، هذه واحدة.. وقال لى الخبير الزراعى إن الفدان من الأرض فى الصحراء يتكلف ما يقرب من مليون جنيه على مدار عدة سنوات حتى يكون بخصوبة أرض الدلتا التى تنشأ عليها ملاعب الكرة الخماسية وصالات الأفراح.