الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المذيع الأغلي




الآن، يواجه محمود سعد الحقيقة المرة: كل هذه الألاعيب التليفزيونية التي كان يمارسها في خلال السنوات الماضية بلا قيمة.. لم تنفعه.. ولم تسانده.. ولم تنقذه من رأي الناس القاسي.

في أعقاب حلقة برنامج «مصر النهارده» التي غضب منها الجمهور كله، بين كل من «أحمد شوبير ومرتضي منصور»، لم يوجه اللوم إلي أي منهما.. في النهاية مواقفهما معروفة تمامًا.. ولا ينتظر منهما غير ما قاما به علي الشاشة.. وإنما هبت رياح الغضب علي التاليين بالترتيب: التليفزيون الرسمي - المذيع - البرنامج - الشيخ خالد الجندي.

التليفزيون الرسمي جاءته رسالة واضحة من الجمهور.. وهي - كما كتبت سابقًا - أنه ليس عليه أن يلاحق كثيراً من القنوات الخاصة في هزرها.. ما يمكن قبوله منها لا يمكن قبوله منه. البرنامج انكشف مستواه، وصار عليه أن يجري عملية ترميم سمعة واصلاح الصورة الذهنية بعد نحو شهر من بدء إنتاجه.

الشيخ خالد الجندي، كان وجوده مثل عدمه، الوسيط الصامت، الذي لا يقبل الجمهور أن يجده متفرجًا.. مادام موجودا.. وأعتقد أن هذا الموقف قد خصم كثيرا من «رصيد شهرته» كنجم تليفزيوني بين قطاعات مختلفة من الناس.

وأما المذيع فهو بيت القصيد هنا.. وأعود اليه بعد أن انتهت الواقعة بنحو اسبوعين.. لأنه يمثل نموذجا للحالة التي يعاني منها الإعلام الفضائي الآن.. ولأن الجمهور لم يزل علي موقفه الغاضب منه منذ أذيعت الحلقة.. حتي بعد أن اعتذر عنها علي الهواء مباشرة.

لم يجد المذيع، الأغلي في مصر، أو ربما كان الثاني في الترتيب بعد عمرو أديب، حماية تنفعه من الحالة السياسية التي أراد أن يقحم فيها نفسه.. أو يقحمها علي الناس.. خلال الأربعة أعوام الماضية.. شعاراته لم تفده.. وحتي محاولات ارتكانه الي استجداء الجمهور عاطفيًا وانسانيًا من خلال فقرات التسول التليفزيوني.. لم تعطه فرصة لكي يرفع الناس عنه انتقادهم.. ولا الصحف التي تسانده وتنشر له مقالات ركيكة قدمت له العون الذي ينتظره.. ولا وصفه بأنه «الإعلامي الكبير».. ولا مجموعة الحوارات المتوالية التي خاضها في مختلف وسائل الإعلام أنقذته.

الأمر الوحيد الذي يمكن أن يعين محمود سعد، كمذيع، وصحفي سابق، هو أن عليه أن يعود إلي «المهنية».. أن يتذكر القواعد.. وأن يلتزم بها.. وأن يحرص عليها.. وأن يكون موضوعيا.. وأن يقترب من الحياد.. وأن يسعي إلي الالتزام بأصول الشغل.. هذا هو الحصن.. فالناس لا تريده سياسياً.. ولا ترغب فيه زعيماً.. حتي لو صفقوا له حينا.. في النهاية سوف تأتي اللحظة التي يتبين فيها أن كل ما سبق كان مجرد فقاعة.. فرقعها غضب الجمهور في ثانية.

إن الإعلام مؤثر جداً.. ولكن من بين عيوبه ومميزاته أيضا أن الصورة الذهنية لأي شخص يمكن أن تنقلب في لحظة.. سواء كان شخصية عامة أو اعلامياً حقيقياً أو مذيعاً أو نجماً.. لا سيما حين يكون من تنقلب صورهم من الفهلوية.. الذين يعبرون هذه المواقف هم من يتحصنون بالثقافة.. والعمق.. والمهنية.. والمواقف الواضحة.. ويعرفون ما هي أدوارهم الحقيقية.. ولا يحاولون أن يتخطوها.

لا القرار الإداري يمكن أن يصنع نجماً، ولا الاعتقاد في مساندات خفية، ولا الأجر الرهيب - بارك الله للجميع- ولا المقالات المؤيدة الممتدحة بمبالغات.. وإنما الذي يحمي: الاحتراف وتاريخ الإنجاز وتذكر القواعد وتطبيقها.. وعدم التعالي علي الحقائق.. ومراجعة النفس كلما تطلب الأمر ذلك.

إن هذا الكلام نفسه ينطبق بصورة أو أخري علي نماذج إعلامية عديدة.. مثلا: معتز الدمرداش، الذي يمكنني أن اسجل عليه ملاحظات مختلفة.. أهم ما يحميه هو أنه يحرص علي أن يكون مهنياً.. وغير مصنف سياسياً.. وفي المقابل فإن الاضواء تنحسر من حول مني الشاذلي لأنها مصنفة.. ولأنها غير محايدة.. ولأنها تريد أن تكون ناشطة سياسية.. في حين أن شريف عامر يلتزم بحدود رسمها لنفسه ليس فيها أنه مذيع سياسي.. بل إن الزميل حسين جرادي مذيع قناة الحرة.. التي لا تتمتع بسمعة طيبة في العالم العربي.. والذي أجري حواراً أخيرا مع السيد صفوت الشريف.. يحظي بمصداقية رغم أنه ليس مشهورًا بين المصريين.. لأنه يلتزم بمعايير مهنية. كانت تلك نصيحة للمذيع محمود سعد.
 
الموقع الالكتروني :   www.abkamal.net
البريد الالكتروني   :   [email protected]