الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مركز تزوير الانتخابات!




تحت الأرض.. للدقة في (بدروم) المقر الرئيسي للحزب الوطني.. وبطول وعرض المقر.. الذي كان من قبل مقرًا للاتحاد الاشتراكي.. هناك علي كورنيش النيل.. في وسط البلد.. حيث لن ينكشف لك هذا المركز بمجرد أن تدخل إلي المبني العريق.. وإنما عليك أن تستخدم سلمًا يقود إلي الأسفل.. إلي مجموعة هائلة من الغرف التي لم تستخدم سنوات طويلة.

هنا، في هذا المكان، وكما ينقل الكاتب الكبير أنيس منصور عن الرئيس السادات في كتابه الأشهر (من أوراق السادات) الذي أصدره قبل نحو عام، كان الرئيس الراحل قد استخدم نفس الموقع ليكون مقرًا بديلاً لقيادته لحرب أكتوبر.. بخلاف مقر سري آخر في أحد الأماكن العسكرية غير المعلومة.

الآن، طرأ تطوير مهول علي الموقع.. البدروم أصبح مركزًا تكنولوجيا عصريًا إلي درجة مذهلة.. مقسمًا بطريقة علمية.. قاعة تتسع لعدة مئات من مسئولي الاتصال في الحزب.. وقاعة أخري لعدة مئات من مندوبي أمانة التنظيم.. وقاعة اجتماعات لقيادة الحزب.. وأقسام إضافية للخدمات الضرورية: مطبخ ومطعم ودورات مياه.. وتجهيزات مكتبية فائقة.. ووصلات إنترنت عالية السرعة.. وشاشات عرض.. وأجهزة كمبيوتر.

لماذا كل هذا؟ ببساطة سوف يكون هذا المكان المخصص من الحزب لأن يدير من خلاله الانتخابات.. البرلمانية والرئاسية.. عن طريقه يتصل بكل أدواته في مختلف أنحاء البلد.. وكل الأمانات والوحدات الحزبية.. بحيث تنساب المعلومات إلي المركز .. فيعرف معدلات التصويت .. واتجاهاته.. وبحيث تنطلق التعليمات من المركز إلي الأفرع.. فتقوم الوحدات ومن ثم المندوبون التابعون للحزب.. بالتنفيذ.

بعض من أعضاء الأمانة العامة للحزب اطلع علي هذا التطوير في الاجتماع الأخير للأمانة العامة.. وهو التطوير الأهم في عملية معمارية أكبر تتم في المقر الرئيسي للحزب.. غيرت من ملامح المبني العتيق.. وجعلته أكثر لياقة بالعام 2010.. ولابد أنه أدهشهم.. ولابد أن هذا المركز الذي تديره أمانة التنظيم قد ذكرني بالخيمة المؤقتة التي أقيمت إلي جوار مقر الحزب في الميريلاند في عام 2005.. حيث أديرت الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية.

وقتها كان لجوء الحزب إلي هذا الأسلوب المنظم يبدو مختلفًا وغير معتاد في أسلوبه.. الآن المسألة أصبحت مؤسسية . .ومنظمة بطريقة مختلفة.. ليس فقط علي مستوي المقر الذي تم تجهيزه تحت أرض المقر الرئيسي.. ولكن علي المستوي البشري.. إذ لدي الحزب الآن مئات من الكوادر الشبابية المدربة التي انخرطت خلال السنوات الخمس الماضية في اكتساب خبرات متنوعة للتواصل مع وحدات الحزب وهيئته البرلمانية.. وكشفت عن قدراتها في مناسبات مختلفة.

هؤلاء الشباب هم الذين يوظفهم الحزب أيضًا في متابعة حالة الرأي العام.. ومتغيرات المجتمع اليومية.. يتلقون تعاليمه.. فيبدءون في إجراء اتصالات مع وحدات الحزب في جميع أنحاء مصر.. وتتوالي الإجابات المدققة: هل توجد أزمة في توزيع الرغيف؟ أين تتركز أزمة توزيع البوتاجاز؟ ما انطباعات الرأي العام عن أمر ما ؟ وغير ذلك من أمور.

وفي اتجاه آخر، يجري العمل أيضًا في مركز إعلامي ضخم.. يخص الحزب.. سيكون مقره في فرع الميريلاند.. حيث سيكون موجودًا استوديو تليفزيوني واستوديو إذاعي ومركز لمواقع الإنترنت وقاعة للمؤتمرات الصحفية وغرف للتحليل والتواصل وبث البيانات لوسائل الإعلام المختلفة.. وحيث تقرر أن يدير هذا المركز ـ قيد الإنشاء منذ أشهر ـ مجموعة من المحترفين غير المتطوعين.

منهج مختلف.. تثبته المظاهر الجاري ترسيخها لوجستيًا.. ويعبر عن حزب جاد في التعامل مع الانتخابات التعددية.. إذ من المؤكد أنه لن يبني كل هذا وهو يسعي إلي تزوير الانتخابات كما يقول المعارضون.. ما حاجته إلي كل هذا لو أنه سوف يتعامل معها بالطريقة التي كانت معتادة في زمن مضي؟

ما جري تحت الأرض في مقر كورنيش النيل يثبت أن الحزب صاحب الأغلبية يأخذ الانتخابات بجدية هائلة.. ويريد أن يتعامل معها بطريقة أرقي مما تعامل بها مع انتخابات 2005.. حين طرأت أول ملامح التغيير في إدارة الانتخابات.. وهو مشهد لم أر واحدًا موازيًا له علي مستوي بقية الأحزاب.. وحتي الجماعات غير القانونية.

ربما سمعت عن غرفة عمليات في إحدي شقق وسط البلد لإدارة مظاهرة من 200 شاب في أول أبريل.. لكنني لم أسمع عن تجهيز إداري واتصالي مماثل في أي من الأحزاب التي تتجه إلي خوض الانتخابات.. البعض قرر أن يقاطع.. ليس لأنه لا يملك مركزًا مثيلاً.. ولكن لأنه لا توجد لديه من الأصل كوادر قادرة علي خوض الانتخابات.. ولو في دائرة أو دائرتين.. فما بالنا بالانتخابات الرئاسية.
 
الموقع الالكتروني :  www.abkamal.net
البريد الالكتروني   :  [email protected]