الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بصريح العبارة




هذه خطوة مهمة جداًً.. أن تتجه وزارة التعليم إلي مراجعة جميع المناهج الدينية من الصف الأول الابتدائي إلي الصف الثالث الثانوي.. نحن في حاجة إلي هذا.. أما وأن هذا سيكون خاضعاً فقط لرؤية المؤسستين الدينيتين.. الأزهر والكنيسة.. فإن هذا أمر يستوجب التعليق.

الخطوة مهمة من حيث إنها اعتراف بوجوب مراجعة هذه المناهج.. وبأنها قد تكون أحد أسباب المشكلات في تربية التلاميذ.. مسلمين ومسيحيين.. ولكي يمكن تعليم الأبناء قيماً دينية صائبة.. توحد لا تفرق.. يمكنها أن توثق علاقة التلميذ بعقيدته.. ولكنها لا تجعله يكره من يؤمن بعقيدة أخري.. من أي دين.

وسوف يواجه وزير التعليم حملة مؤكدة من التيارات المتطرفة.. لا سيما من جماعة الإخوان.. وهجوم الإخوان علي عملية المراجعة في حد ذاته يؤكد أنها يجب أن تراجع.. رضا الجماعة عن تلك المناهج يعني أنها تخدم أهدافها.. ويعني أنها تخشي من المناهج الجديدة.. إذ قد تعود التلاميذ علي الاقتناع بحرية العقيدة.. وقد تعلمهم احترام الآخر لا احتقاره أو تكفيره.. وأكاد أقول إن أي أمر يرفضه الإخوان لابد من مساندته.. لولا أن المنطق يوجب إعمال العقل.

وحين يواجه الوزير هذه الحملة.. التي بدأت حتي في نوعية التغطيات الخبرية من الصحف التي تؤيد جماعة الإخوان وتعبر عنها، فإننا سوف نسانده ونعضده.. وندعو كل عاقل يخشي علي مصلحة البلد أن يفعل ذلك.. ونحن مستعدون لبذل كل جهد من أجل مناهج ترسخ قيم المواطنة وتفهم التلاميذ أننا جميعا مصريون وأن الدين لله والوطن للجميع.

إن الله لم يخلق الدنيا في لحظة.. وكان يقدر.. ولا يمكن أن نطالب وزارة التعليم بحرق المراحل.. ولا نريد بالتالي أن نثقل عليها ونطالبها بأن تراجع مناهج التاريخ بالمرة.. فسوف يأتي وقتها.. ولكننا يمكن أن نطالبها بأن تراجع المقتطفات الدينية في مناهج اللغة العربية.. هذه بدورها مهمة جداً وذات تأثير بالغ.

غير أن النقطة الأهم في هذه المسألة كلها.. تتعلق بمن سيكون عليه أن يراجع تلك المناهج بالاشتراك مع الوزارة.. وهما المؤسستان الدينيتان.. الأزهر والكنيسة.. ذلك أمر فيه نظر.

أنا أثق في انفتاح الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب.. كما أثق في قداسة البابا شنودة.. وبالتأكيد أثق في المهمة الموكولة لفضيلة مفتي الديار الشيخ علي جمعة فيما يخص كتاب (الأخلاق).. ولكنني بصراحة لا أثق في بقية مكونات المؤسستين.. ببساطة لن يمسك فضيلة الشيخ الطيب بورقة وقلم ليراجع منهجاً تعليمياً.. ولن يفعل ذلك بدوره قداسة البابا شنودة.. هذا ليس دورهما.. وأعباؤهما أعقد من تلك المهمة.. وبالتالي فهي ستترك إلي علماء آخرين في كلا الجانبين.

ولست علي ثقة من أن النتيجة سوف تكون كما نحلم بها.. بصريح العبارة، في المؤسستين تطرف لا يمكن تجاهله.. وضغوط من كل نوع لا يمكن تغافلها.. وقد يقع المسئولون في الأزهر عن المراجعة تحت وابل نيران بعض زملائهم أو حتي الحملات الإعلامية والسياسية.. ونفس الشيء يمكن توقعه من تيارات أخري في الكنيسة.. حتي لو لم تكن واقعة تحت ضغط إخواني وسلفي.. لكن في المؤسسة المسيحية سلفية، والتطرف موجود في كل الأنحاء.

لابد أن تصل المؤسستان إلي آلية تضمن ألا تأتي المراجعة بفكر مرفوض في المناهج.. وإذا كنت أعتقد أن الكلمة الأخيرة سوف تكون لوزارة التعليم.. ولأنني أعرف أن الوزير لن يمسك بدوره بورقة وقلم لكي يراجع المراجعات.. فإنني اقترح أن تكون هناك لجنة محايدة من مثقفي مصر.. مسلميها ومسيحييها.. تقوم بمراجعة إضافية.. ولو علي سبيل تقديم المشورة لوزير التعليم.. وتقول قولاً موازياً.. وليس قولاً فوق آراء المؤسستين.

نوع من التبصير الإضافي.. وبحيث تضم اللجنة مثقفين معروفين بأنهم وسطيون.. ليس فيهم تطرف فكري.. أو معروفا عنهم أنهم ضد المؤسسات الدينية.. ليسوا علمانيين بالمعني اللاديني.. ويجوز جداً ألا يتم الإعلان عن تلك اللجنة من الأصل.. لكن وجودها ضروري.

مرة جديدة تحية لقرار المراجعة الذي لابد أن نعلن عن دوريته.. وأنه سيتم مرة كل خمس سنوات مثلاً.


الموقع الالكتروني : www.abkamal.net

البريد الالكتروني  : [email protected]