السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الدم المصري (5)




لمعرفه سياق المقالات ..يمكنك اولا متابعه المقالات الاربع التاليه :
 

الدم المصرى (1) 
 (عنطزه ) بلا سبب (2)
نظام الكفيل (3) 
نحن لانفهم العرب (4)

 
خلاصة كل هذا الذي كتبته في الأيام الماضية تحت عنوان (الدم المصري).. وانطلاقاً من طريقة تعاملنا مع الواقعة البشعة التي جرت للقاتل المصري في قرية لبنانية سنية.. تصب في أنه علينا أن نتعامل بأسلوب مختلف مع واقعنا ومحيطنا العربي.. وأن نعيد تعريف ريادتنا.. وأن نحدد ملامح دورنا.. وأن نصيغ معادلة جديدة وعصرية ونفعية لقيادتنا الثقافية والتاريخية والسياسية.

بلدنا ثابت. لن يمحوه نمو الآخرين ونضجهم. بل إن عبقرية الاستفادة هي أن نحول هذا النضج والتطور الحادث لدي الآخرين خصوصًا في الخليج من أجل تعضيد مصالحنا.. وتنمية الفوائد.. وبدون أن نتنازل عن مكانتنا.. وإنما نرسخها بطريقة أكثر نضجًا تستوعب كبرياء الآخرين.. فلا يدهسه تكبر البعض منا.

إن المعضلة هي أن هناك فجوة رهيبة بين نظرة النخبة المصرية للمحيط العربي.. وبين نظرة ورؤية الدولة والقيادة لهذا المحيط.. وفي حين أن من المفترض أن تتقدم النخبة علي الدولة خطوات لتتبعها الثانية.. فإن الدولة تبدو متقدمة وأكثر نضجًا في التعامل مع الأشقاء.. وبطريقة ذكية.. تحقق المصالح للجميع.. حتي لو اختلفت المواقف والاتجاهات.. وبدون أي تنازل عن الكبرياء.

وتتضخم المعضلة حين لا تكون فقط هناك فجوة.. والدولة تجرجر وراءها النخبة التي تعوقها.. بل أن تجد الدولة نفسها مضطرة إلي أن ترتق الرقع التي تسببها تمزيقات النخبة والإعلام وما يثير الكتاب وما يفتعله بعض الصحفيين. أين التناغم.. ومن المسئول عن افتقاد الهارموني في التحرك الجماعي في قوام واحد من أجل تحقيق مصالح مجتمع كبير مثل مصر.

إن بلدنا من النماذج القليلة في العالم الذي يتمتع بالامتداد عبر الجغرافيا من خلال التحرك السكاني إلي نطاقات أبعد من حدود السيادة.. وقد اصطلحت من قبل علي هذه الحالة اسم (الدولة الممتدة).. ما لا يقل عن ثمانية ملايين مصري موزعين بين مختلف دول العالم.. والكثير منهم في الدول العربية.

لقد اكتشفنا فجأة علي سبيل المثال أن المطاعم المصرية منتشرة في السودان.. وهذه مصلحة.

واكتشفنا فجأة أن لنا استثمارات بستة مليارات دولار في الجزائر وعشرة آلاف عامل أيضا.. وهذه مصالح رهيبة.. علما بأن ما أثير إبان أزمة المباراة لم يؤثر علي وجود العمالة بعد أن هدأت الأجواء.. وحين ثرنا من أجل العامل القاتل الذي تعرض لفعل بشع في القرية اللبنانية لم يركز أحد في أن لدينا عشرات الألوف من العمال في لبنان.. والكثيرون منهم ليست لديهم أوراق قانونية ودخلوا لبنان عن طريق مافيا تهريب البشر.

هذا الوضع له استحقاقات..وواجبات..خاصة أن مصر دولة مصدرة للبشر ولن تتوقف عن ذلك ربما لمائة سنة مقبلة.. وواجبنا كنخبة أن نقود هذا البشر الذي نصدره إلي التعامل الفطن مع المجتمعات التي يعيش فيها ويتعامل مع أهلها.. ودورنا أن ننمي الطلب علي العمالة المصرية وعلي العقل المصري.. وليس أن نثير ريبة الآخرين في التعامل معنا.. فيقلقون من ردود الأفعال.. ويتوترون من ضغوط وسائل الإعلام.. ومن ثم قد يندفع بعضهم إلي اتجاه أن يقول: الباب الذي يأتيك منه ريح الإعلام المصري لا تفتحه.. فنكون قد أضررنا الملايين من المصريين في لقمة عيشهم وأماكن وجودهم ونطاقات تأثيرهم.

والاستحقاقات المفروضة علي النخبة لا تتعلق فقط بموضوع الامتداد البشري، وإنما أيضا بأن لنا امتداد مصالح علي المستوي الاستراتيجي.. إذا توتر الخليج تتضرر مصالحنا.. وإذا تفتت السودان تعرضنا لمشكلات.. وإذا اشتعلت فلسطين كان هذا يعني الحريق عندنا.. وإذا حدثت مشكلات في إقليم المغرب العربي طالنا التهديد.. وحين ينفجر الوضع في العراق فإنه تكون لدينا مشكلة.

هذه أبعاد دورنا وتحدياته.. وهو دور لا يتميز بالترف.. كما أنه ليس اختيارياً.. وله بالتأكيد مقتضيات.. تهدرها النخبة وهي تتجاهل الواقع العربي وتنكفئ علي الداخل.. وتضيره عمليات الإعلام العابثة.. فقليل من الانتباه لكي نحمي مصالحنا ونحافظ علي دورنا ونرسخ قياداتنا.. أيها السادة.

الموقع الالكتروني : www.abkamal.net

البريد الالكتروني : [email protected]