الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أذكي خلق الله !




كنت أنوي ألا أتطرق إلي أمور تخص صلاح دياب، رجل الأعمال الذي يملك صحيفة «المصري اليوم» ويدير سياستها، إلي أن تنتهي القضية التي رفعها ضدي طالبًا حفنة من ملايين الجنيهات تعويضاً مالياً عما يقول إنني قد سببته له من ضرر.. أما وأن القضية قد حجزت للحكم.. فلا ضير من التعليق علي حواره المنشور بالأمس في جريدة الأهرام للزميل أحمد موسي.

لم يتغير صلاح دياب، منذ اليوم الأول الذي عرفته فيه، ومنذ متابعتي له، ومنذ جاء إلي مكتبي عددًا من المرات حيث يدهشني بأن يطلب سيجارًا من النوع الذي أدخنه بينما في يده واحد يخصه، ومنذ تناولنا الغداء معًا ربما مرتين أو ثلاثا.. منها مرة أصر فيها علي أن يصطحبني بعد الأكل إلي جريدته.. حيث استدعي رئيس التحرير إلي غرفة كنت فيها لكي يجلس معنا.. إنه هو نفسه الرجل الذي يقول كلامًا ويفعل نقيضه.. ويعتقد في نفسه أنه أذكي خلق الله.. وأنه يستطيع أن يقنع الكافة بما يردد في حين أنه يفعل أي شيء آخر.

أتوقف عند أكثر من أمر قاله في حوار الأمس.. منها أنه يدعي أنه (ليس ضد الدولة).. والمطلوب منا أن نصدق هذا الكلام.. الذي بالطبع ردده صلاح دياب في اجتماعات مفتوحة ومغلقة.. ومع أشخاص مختلفين سعي وتودد إلي لقاءاتهم.. وقد لا يثيره أنني أعرف ما قد دار في كثير منها.. هو يقول هذا كثيرًا.. ولكن هل هو كذلك حقًا؟

نظرة بسيطة لأي عدد من أعداد جريدته تثبت عكس ما يقول، الصحيفة الخاصة التي ادعت الموضوعية وأنها (لا تؤاخذوني.. مستقلة)، تمارس عملية هدم منتظمة للدولة.. انتقائية في أخبارها.. تصفوية في معالجاتها.. وحتي الشعبوية التي يدعي دياب أنه ضدها.. صارت تلك الجريدة منبرًا لها.. ومجمعًا ومقصدًا.. وكل ما فيها ــ تقريبًا.. حتي أترك مساحة لبعض الاستثناءات ــ يصب في اتجاه لا يعني أبدًا نقد الدولة وإنما العمل علي هدمها.

ومن هنا يثور التساؤل: كيف يكون صلاح دياب ــ ومن يشابهونه ــ يمثلون الرأسمالية التي استفادت من تلك الدولة وترعرعت فيها ويقومون هم أنفسهم بالتأليب عليها علي مدار الساعة؟

لست أميل إلي تفسير يدعي أن صلاح دياب كان يحلم أن يكون وزيرًا مثل أصدقائه رجال الأعمال (محمد منصور وحاتم الجبلي وأحمد المغربي).. ومن ثم بناء علي هذا التفسير هو يمارس النكاية لكي يقول إن لديه عبر جريدته سلطة أقوي من سلطات أقرانه.. هذه تفسيرات شخصية للمواقف العامة لا أضعها في الاعتبار.. ولابد أن هناك مبرراً موضوعياً جدًا يجعل صلاح دياب يحول هذه الجريدة إلي ما تفعله كل يوم.

إن صلاح دياب ــ كما يزعم ــ ليس ضد الدولة، لكنه يمتلك جريدة ضد مؤسساتها، وضد دستورها، وضد الحزب الرئيسي فيها، تشوه الشخوص علي مدار الأعداد، وتروج لإفقاد تلك الدولة مصداقيتها، وتتهم انتخاباتها بالتزوير، وتهاجم صحافتها القومية.. وتقول عن مسئوليها إنهم فاسدون!!

يقول صلاح دياب إنه ضد الدولة الدينية، وقد يكون، ولكنه يقول إنه ليس ضد جماعة الإخوان، وهذا كلام غريب جدًا.. إذ ماذا يمثل الإخوان غير الدعوة إلي دولة دينية.. إلا إذا كان صلاح دياب رجلاً مغيباً لا يعرف ماذا يقول.. والأهم أننا لو أخرجنا من معادلة الحراك كل ما نشر عن الإخوان في جريدته خلال السنوات الخمس الماضية لأدركنا حجم الدعم الذي قدمه دياب لدعاة الدولة الدينية التي يقف ضدها صلاح دياب كما يدعي.

أستطيع أن اقول بلا مبالغة إن هذا الرجل هو أحد أهم دعائم تلك الجماعة في السنوات الخمس الأخيرة.. ولو كان ليس عضوا فيها ولو قورن ما نشر لصالح الجماعة بما نشر ضد الدولة في نفس الفترة لعرفنا مصداقية ما يقول صلاح دياب.

والأغرب أن هذا الرجل يقول إنه سوف ينتخب الرئيس مبارك، وأن البرادعي لو رشح في الانتخابات سوف يفوز الرئيس بنسبة لا تقل عن 80% ..هكذا ببساطة يقول الرجل إن البرادعي له 20% من التصويت.. ومن ثم فإن دياب يكون كمن حول جريدته إلي جريدة صوت هذه الـ20% لأنها بالفعل من اللحظة الأولي أصبحت صوتاً للبرادعي.. بينما سيؤيد دياب الرئيس مبارك.. تلك نقرة وهذه أخري.. ويا لها من طريقة عجيبة في تأييد الرئيس مبارك.

نكتفي بهذا القدر رغم أن الحوار فيه الكثير مما يستحق التعليق علي من يعتقد أنه أذكي الناس.
 
الموقع الالكتروني :  www.abkamal.net
البريد الالكتروني   :  [email protected]