الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الصفحة الخامسة في جريدة الحياة




لدي الشقيقة السعودية منظومة من الصحف المتنوعة، بعضها في الداخل السعودي، والبعض في الخارج، وهي صحف مختلفة الأساليب.. ولكنها تصب في معين واحد.. وتتخذ موقفًا طيبًا من مصر في ضوء العلاقات الوثيقة بين الدولتين.. والشعبين.. والأهداف المشتركة.

وحتي لو كنت قد قرأت مقالاً في جريدة الوطن، التقدمية نسبيًا، والصادرة في السعودية، ينتقد فيه الكاتب أن السلطات السعودية تراعي الشقيقة مصر.. وتطلب من الكتاب السعوديين ألا يمارسوا نقدًا للأوضاع في مصر.. معتبرًا أن ذلك قيد علي الصحافة الحرة.. فإن هذا المقال يؤكد المعني الذي أقوله.. وهو أن الصحف السعودية لم تدخل خلال السنوات الأخيرة ضمن حملة ضد مصر.. وهو موقف تتبناه في المقابل وعن اقتناع الصحافة المصرية تجاه السعودية.

ما يلفت الأنظار في الأيام الأخيرة، تحديدًا خلال الشهرين الماضيين، هو المنهج الذي صارت تتبعه جريدة الحياة، وهي صحيفة لها ثقلها، وتعتبر بالتأكيد جريدة النخبة العربية، ولها تأثيرها.. وإن كان واقعها العام أقل بالتأكيد من الصحافة الحيوية المميزة التي تقدمها صحيفة الشرق الأوسط.. وهي أعرق الصحف السعودية خارج السعودية. ما الذي يحدث.. وماذا لاحظت؟ ببساطة طريقة تحرير صفحات الحياة تنبني علي أساس تصنيفي جغرافي، أي أن تكون هناك صفحة لشئون لبنان وأخري لشئون العراق وأخري لشئون فلسطين والأراضي المحتلة، ورابعة للخليج والسعودية، وكانت أخبار مصر تجد لنفسها مواقع متفرقة.. في ضوء أن التفاعلات اليومية ليست معبرة عن ملف ملتهب كما هو الحال في العراق ولبنان.. وفي ضوء أن الصحيفة لديها اهتمام بمصر.. لكنه ليس بقدر اهتمامها بالطبع بالسعودية والخليج.

الآن أصبح لمصر تقريبًا صفحة شبه ثابتة.. هي غالبًا الصفحة الخامسة.. والجدير هو طريقة التحرير.. ونشر الصور ذات الدلالة علي مساحات كبيرة جدًا.. واستثنائية.. وبمعانٍ قد لا يكون لها صلة مباشرة بما هو مكتوب في التقارير الإخبارية.. ولو جمعنا الأمثلة السبعة أو الثمانية الأخيرة لهذه الطريقة لاكتشفنا أن هناك توجهًا ما يعبر عن اختلاف في نظرة الجريدة.

مكتب القاهرة يرسل تقريرًا محايدًا عن تفاعلات مصر، فيه جميع وجهات النظر، تختلف أو تتفق مع كونه يعطي مساحات لقوي ليس لها نفس القدر من التأثير السياسي.. لكنه في النهاية يذكر كل المواقف.. ويسافر التقرير إلي لندن.. فيأتي مسئول التحرير ليضع صورة مذهلة من بين كل الصور التي تصدر من وكالات الأنباء في مصر.. ويختار أسوأها وأكثرها تعبيرًا عن أوضاع قلقة جدًا.. ليست هي حقيقة الوضع في مصر.

الصورة التي تم اختيارها في عدد الأمس لشخص مكبل بالقيود الوهمية يصور مصر في أحد الرسوم علي أنها معتقلة.. وهذه هي الصورة التي قررت الحياة أنها تعبر عن مناقشات قانون الطوارئ.. في حين أن مجلس الشعب كان عامرًا بصور أخري.. للمؤيدين والمعارضين.. وقبلها بأيام أفردت الحياة ما يزيد علي نصف صفحة لتقرير عن محاكمة ناشط من حركة ستة أبريل.. مع صورة له بخلفية سوداء وخلفه أسلاك سيارة ترحيلات.. بينما يصرخ.. أو ينادي علي أحد.. نفس الخبر نشرته جريدة الشرق الأوسط في ذيل صفحة علي مساحة «3 عمود» في ارتفاع 10 سم.. وهذا ما يستحق لو وجب النشر.

الذين اعتركوا مطابخ الصحف يمكن بالطبع أن يلاحظوا مثل هذه التغييرات في السياسات التحريرية.. وحتي لو كانت الجريدة لا تتخذ في مقالات الرأي وافتتاحيات رئيس التحرير مواقف صريحة ضد مصر.. بل وفيها مقالات تؤيد السياسة المصرية.. فإن تلك الملاحظات علي الصفحة الخامسة في جريدة الحياة إنما تعبر عن أمر من اثنين.. إما موقف جديد يتم بناؤه بالتدريج.. أو أن في الحياة مسئولًا تحريريًا لديه موقف خاص من مصر.

لقد كتبت من قبل ملاحظات علي مواقف غسان شربل رئيس التحرير، في ضوء ميوله الشامية المعروفة، ولا أريد أن أربط بين هذا وذاك.. خصوصًا ما كنت قد تناولته إبان قمة دمشق.. ولكن المسئولين (الحقيقيين) عن (الحياة) يحتاجون إلي تمحيص ما يجري فيها بخصوص مصر هذه الأيام.
الموقع الإليكترونى : www.abkamal.net
البريد الإليكترونى : [email protected]