الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

سمير بانوب




للأسف تلهينا التتابعات اليومية عن أن نتوقف بما ينبغي عند أمور تستحق.. ونماذج تستاهل.. ووقائع ينبغي أن نشيد بها.. ومن ذلك أنني تأخرت في الاهتمام بالعالم المصري ـ الأمريكي سمير بانوب.. الذي أرسل إليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما برقية يقول فيها: «سمير.. بسببك أنت أصبح لدي كل أمريكي غطاء للتأمين الصحي.. لك كل الشكر».

وسمير بانوب، مواطن أمريكي من أصل مصري، درس في الجامعات المصرية، قبل أن يسافر إلي الولايات المتحدة، حيث أصبح مخططاً للسياسات الصحية وأصبح مستشاراً لمنظمة الصحة العالمية.. وتقول بعض المعلومات إنه يزور مصر من حين إلي آخر بما في ذلك جامعة عين شمس.. وإنه كان محاضراً في جامعة سعودية.

ومن المدهش أنه تبني قضية التأمين الصحي في الولايات المتحدة منذ 17 عاماً تقريباً.. وقبل أن يخوض الرئيس أوباما نضاله الأهم تاريخياً علي المستوي المحلي والذي كلل بالظفر حين وافق الكونجرس علي القانون.. إذ كتب سمير في عام 1993 إبان حكم كلينتون، مشيراً إلي أن أهم مساوئ ميراثه من الرئيس جورج بوش الأب هو نظام التأمين الصحي الذي يحجب الرعاية الصحية عما يزيد علي 40 مليون مواطن أمريكي.

وواجه بانوب عنتاً من الجمهوريين، الذين وقفوا ضد أي تطوير للنظام، لكنه عاد وكتب عن التناقض بين قدرة الأوروبيين علي صياغة أنظمة صحية ناجحة.. وفشل الأمريكيين في ذلك بسبب جماعات الضغط.. وواصل ذلك إلي أن أعلن أوباما عن خطته وحارب من أجلها إلي أن انتصر.. وشكر سمير.

نفخر طبعاً بسمير وكونه مصرياً.. وهذا نموذج مختلف لأقباط المهجر الناجحين.. العلماء الأقباط الذين يفلحون في الخارج لا تجد بينهم من ينجرف إلي تشويه بلده.. بل أعرف كثيرين منهم مستعدين أن يبذلوا كل الجهد من أجل أن يخدموا وطنهم الأم.. وتلك مناسبة لكي نطرح علي المعنيين في مصر أن يستفيدوا من خبرة هذا العالم.. وأن يدعوه إلي أن يفيدنا بتصور يساهم في تفكير البلد في تطوير نظام التأمين الصحي.

طبعاً المسألة مختلفة في الولايات المتحدة.. والتعقيد علي شراسته أوضح من ترتيبات الأمور في مصر.. في بلدنا لا توجد جماعات ضغط ترفض أن تخضع شركات التأمين لمزيد من تلبية الاحتياجات وتخفيض أسعار الاشتراكات.. المشكلة في بلدنا هي تمويل التأمين الصحي.. ومدي قبول الناس بأن يدفعوا ولو أقل القليل شهرياً لصالح نظام تأمين صحي متطور.. ولو كان عشرة جنيهات كل 30 يوماً.

ومسألة سمير بانوب تطرح من جانب آخر معضلة تتعلق بطريقة تفاعلنا ـ ولا أقول استفادتنا ـ من العقول التي أنجبها البلد.. ووجدت فرصاً في بلاد أخري من أبرزها الولايات المتحدة.. هذه ليست مشكلتنا وحدنا.. بل هي مشكلة العشرات من الدول المصدرة للبشر.. مثل الهند.. ولكن ما نعاني منه هو أننا لا نوفر الآلية التي تجعل القنوات موصولة.. والجسور ممتدة.. والطاقة العائدة قادرة علي أن تلبي احتياجها للعمل الطوعي للمجتمع المصري.

سمير بانوب، ومجدي يعقوب، ومجدي إسحق، وعشرات غيرهم.. من خيرة هذا البلد.. حتي لو كانوا بريطانيين أو أمريكيين.. ولكن طريقة انفتاحنا علي المصريين في الخارج غالباً ما تقودنا إلي مجموعة من رؤساء الأندية الوهمية والشخصيات التي تريد أن تعوض فشلها الخارجي بأن تقدم نفسها لنا باعتبارها قيادات مصرية في الخارج.. في حين أنها تحظي بسمعة غير طيبة حيث تعيش.

بلدهم يحتاجهم.. وقد تكون لديهم مشكلة في التواصل.. وقد يكون المسئولون الساعون للتواصل غير القادرين علي مد الأيدي.. أو لنقل إنهم ـ أي المسئولين ـ يصلون غالباً إلي نماذج مشوهة.. أو لنقل إن بعض المسئولين يخشي من التعامل مع نماذج مبهرة لأنها قوية ولديها وجهات نظر.. وبالتالي فإن علينا أن نطالب بمناقشة عامة لهذا الأمر.. تفتح الأفق.. وتحيط عقولنا الخارجية بما يجري في مصر بدلاً من أن يكونوا أسري ما يرونه مساء كل يوم علي برامج الفضائيات.. وتستلهم منه الأفكار والرؤي.. وتحولهم إلي ذخائر في رصيدنا.. بدلاً من أن يكونوا رصاصاً يطلقه الآخرون علي صدر البلد.

بالإجمال تحية إلي سمير بانوب وما يمثله نموذجه.
 
الموقع الالكتروني :  www.abkamal.net
البريد الالكتروني   :  [email protected]