الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مصر.. في حرب (1)




تفترض هذه السلسلة من الأعمدة أن الدولة قد استجابت للنداءات التي تطالبها بخوض حرب.. ومن ثم أتخيل كيف ستكون أجواء البلد.

لم يكن الإعلان عن بدء العمليات العسكرية صريحًا وواضحًا من اللحظة الأولي.. وإنما تم اتخاذ إجراءات تصعيدية.. وكشف عن استعدادات.. استغرقت بضعة أيام.. وبينما كان القرار يتم تجهيزه ويلوح في الأفق للرأي العام.. كان أن ذهبت بعض محطات التليفزيون إلي تأييد التوجه المصحوب بخطاب سياسي حاد.. يقول إنه لا يمكن لمصر أن تسكت.. وأن الدولة قررت أن تستجيب للرأي العام في مناشداته المتوالية بخوض الحرب.

قال مذيع: أخيرًا.. كنتم فين من زمان.. هي دي مصر.. ولازم الكل يعرف قيمتها.. لا سكوت بعد اليوم.. ايوه كده.. خلينا نسخن شوية.. وقالت مذيعة: الدولة استعادت شرعيتها.. والقرار يعيد الكرامة المصرية الضائعة.. ولكن في إطار الديمقراطية لابد من طرح بعض الأسئلة التي يحتاج الرأي العام لإجابة عنها: من الذي اتخذ قرار الحرب.. ومتي.. أين الشفافية.. لماذا لا نعرف هذه المعلومات.. وهل تمت استشارة المعارضة في هذا القرار؟! وبصريح العبارة إذا كنت أؤيد قرار الحرب فأنا لست مطمئنة أن تكون الدوافع وراءه هي المصلحة الوطنية بل السعي لاكتساب الشعبية من أجل تنفيذ سيناريو التوريث.

صدرت الصحف في اليوم التالي تتصدرها مانشيتات حمراء صارخة تؤيد القرار.. في الصحف الخاصة تنوعت التوجهات وكانت العبارات كما يلي: محاولة يائسة لاستعادة الكرامة المصرية ـ هل يحقق التحرك العسكري ما فقدناه في 30 سنة؟- الأسرار الحقيقية لقرار الحرب.. مصر حصلت علي الضوء الأخضر من واشنطن. وكتبت صحيفة الوفد: الحرب لن تغطي علي فساد الحزب الوطني.. ونشر موقع إخوان أون لاين بيانًا يدعو الأمة إلي تقديم التبرعات إلي نقابة الأطباء واتحاد الأطباء العرب.. لإرسالها إلي الأشقاء في حماس!!

تعامل التليفزيون الرسمي مع الموقف بقدر هائل من الارتباك. وبدت الشاشة باردة.. فاضطر المصريون إلي متابعة الأجواء والأخبار من قناتي الجزيرة والعربية.. ولكن اتحاد الإذاعة والتليفزيون أعلن عن أن لجنة تقييم الأداء الإعلامي سوف تقيم كل ما ينتج عن محطات التليفزيون الرسمية والخاصة في تغطيتها للحرب.. وأنه يدعو الجميع إلي التزام الحس الوطني في التغطيات.

عقدت الحكومة اجتماعا طارئا استمر عدة ساعات لبحث الموقف الداخلي والاستعدادات.. وانقضي الاجتماع بدون أن يخرج المتحدث باسم مجلس الوزراء لكي يخبر الصحفيين بما دار.. ثم فجأة ظهر.. وأدلي ببيان مقتضب حول توفير السلع التموينية من خلال البطاقات.. وأن المخزون الاستراتيجي من السلع يكفي ستة أشهر.. والتزمت الصحف القومية بنص البيان.. وتجاهلته الصحافة الخاصة.

اجتمعت الجمعية الوطنية للتغيير فجأة لبحث الأمر، وقالت: إنه قبل إصدار قرار الحرب لابد من تعديل الدستور.. وقرر الدكتور محمد البرادعي أن يوسع حملة جمع التوقيعات علي توكيلاته.. وخطط لزيارة مسجد في حلايب حيث لاحظ ارتفاع عدد مؤيديه من خلال رسائل الإنترنت.. وقبل أن يسافر أدلي بحوار لجريدة الواشنطن بوست يؤكد فيه أن الحرب لن تثنيه عن المطالبة بالتغيير.. وأن قرار الحرب هو خطة من النظام الذي فقد شعبيته كما فقد شرعيته.

أصدر الحزب الوطني بيانًا يؤكد فيه تأييده للقيادة السياسية في قرارها.. وأعرب حزب التجمع عن تمنياته بالنصر.. وهاجمت مجموعة من الأحزاب حركة كفاية.. واحتشد الإخوان في مسجد عمرو بن العاص يطلبون التطوع وتشكيل كتائب للفدائيين المسلمين.. وثار فجأة جدل رهيب فيما بينهم: هل يحق للمواطن المصري القبطي أن يشارك في هذه الكتائب.. وهل يجوز أن يدخل الجيش أصلاً لكي يحارب مع بقية بني وطنه؟! وخرج المرشد لكي يعلن بلغة دبلوماسية: أن هذا يجوز بشروط.. ولكن علي الأقباط أن يقوموا بمهام وطنية بعيدًا عن الجبهة.

وكتب عصام العريان مقالاً في جريدة «الدستور» يقول فيه: لماذا رفض الإخوان أن يشارك الأقباط في كتائب الجهاد؟ مؤكدًا أن حسن البنا قد كتب في وثائقه أن الجماعة تحب الأقباط .. مدللاً علي صدق النوايا بأنه قد صادف قبطيا في حي الهرم حيث يعيش ولم يحدث بينهما سوي كل خير.

البقية غدًا
 
الموقع الالكتروني : www.abkamal.net
البريد الالكتروني   : [email protected]