الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

برنامج الإخوان «الجملي»!




 و(الجملي) نوع معروف من اللحوم.. يستنفد (جاز الموقد).. ويشق الأنفاس.. وتئن في انتظاره بطون الجوعي.. ولما ينضج فإن فائدته تكون قد أهدرت فوق النار.. بينما يكون الأطفال المتعبون قد ناموا دون أن يطعموا.

وقد ظهر برنامج الإخوان، المسمي مشروع (برنامج حزبي) في عام 2007 ـ وحتي الآن فإنه لم يصدر.. ولم يتم الاستقرار عليه.. ولم يكتمل الاتفاق حوله.. ولست أدري كم من الوقت يمكن أن يمضي قبل أن تقر الجماعة المحظورة ورقة متفقاً عليها فيما بين أعضائها.. بينما هي تتغندر بين السياسيين.. تدعو هذا للتحالف.. وتخطب ود ذاك.. ويعرض عليها أولئك أن تكون معهم.

بالأمس، وصلتني النشرة الإخبارية لمعهد بروكينجز الأمريكي للدراسات، المنشغلة أجندته بمجريات الإصلاح في المنطقة خصوصاً في مصر، وتضمنت حواراً للدكتور عصام العريان.. وجدت فيه ما يستوجب تعليقات متتالية.. ليس لقيمة ما يقال فيه.. ولكن لانعدام القيمة.. ولأن هذه الجماعة لم تزل تصر علي أنها كيان له وزن.. في حين أنها تمارس اللغو علي أوسع نطاق.. وتستغل عدم معرفة الآخرين.. وتسوق بينهم تعبيرات مهولة.. ليست سوي زبد لن ينتظر عودة الموجة إلي البحر حتي يذهب جفاء.

هو، أي الدكتور عصام، الذي نبهني إلي أن البرنامج المذكور قد صدر في 2007، كنت قد نسيته، والمجتمع السياسي أيضا نسيه، فقد كنا ندرك جميعا أنه ليس سوي (مضغة) تمضغ.. كما القات المخدر.. ما أن ينتهي دوره في إتمام عملية تخدير المتعاطي حتي يتم قذفه من الفم.. وما أن ينتهي تأثير المخدر.. فيتم لقم الفم بمضغة أخري.

ويبدو أن المخدر لم ينته بعد.. أو ربما لم تجهز الجماعة حفنة جديدة من (القات الفكري).. فقد قال الأخ عصام حين سئل عن البرنامج: كان مشروع قراءة أولية لبرنامج حزب سياسي، ولم يكن برنامجا انتخابيا.. وكان مطروحا علي الرأي العام وبالذات علي النخبة من المفكرين من جميع التيارات السياسية لأخذ الملاحظات عليه.. ودارت حوله مناقشات قوية جداً استضافها الإخوان، وتقبلوا بصدر رحب كل الانتقادات التي وجهت إليهم.. ولايزال البرنامج محل مراجعة ولم يصدر بعد في صورته أو قراءته النهائية لأنه مرتبط بإحياء الحياة الحزبية كلها وقدرة وجود أحزاب قابلة للحياة والنمو وبالذات في مناخ يسمح بتداول السلطة.. لأنه من العبث أن يتقدم الناس بطلب لحزب وأن يتقدموا ببرنامج الحزب ثم تكون الحياة الحزبية علي هذا الموات الذي نراه الآن.

انتهي كلامه.. ولست أدري أي برنامج هذا الذي يمكن أن يدور النقاش حوله ثلاث سنوات ولايتحول حتي من ورقة أولية إلي ورقة شبه نهائية ولا أقول برنامجاً متكاملاً.. هل يحتاج الإخوان إلي قرن لكي يوضحوا مواقفهم.. ويعلنوا رؤيتهم.. ويلتزموا بكلام مكتوب.. بحيث يجوز تقييمه واتخاذ القرار السياسي من أي متابع سواء كان من النخبة أو الناخبين.. بشأنه؟!

هذا اعتراف بأن الجماعة ليس لديها وثيقة.. وإنما هي تعمل ببركة دعاء الوالدين.. وبخديعة الشعار الديني الذي لم ينص تحته علي أي فكر أو رؤية.. وهذا أيضا اعتراف بأن آلية الجماعة في إقرار ورقة أولية تعاني من جمود فظيع.. أو أنها حين وجدت أن إقرار الورقة سوف يغير من طبيعة الجماعة فإنها هجرتها ونسيتها.. لعل الآخرين ينسونها أيضا.. لولا هذا الباحث المحاور من معهد بروكينجز.. الذي للأسف أعاد طرح السؤال بخصوص البرنامج «الجملي».

والأدهي أن كلام الأخ عصام يشير بوضوح لا لبس فيه إلي أنه لن تنتهي المناقشات بعد أن طالت ثلاث سنوات.. لماذا لأن الحياة الحزبية تعاني من الموات.. وبالتالي فإن علينا أن نقبل من الإخوان هذا المنطق الغريب للتهرب من إعلان أي برنامج.. فمن وجهة نظرهم أن الحياة الحزبية غير موجودة.. ولست أدري إذا كان هذا الكلام صحيحا فلماذا أصلا تمضون في اتجاه زيارة هذا الحزب أو ذاك.. وعرض التحالف علي هؤلاء وأولئك.. إلا إذا كانت تلك زيارة للمقابر وهذه عروض للجثث.

ببساطة شديدة هذا البرنامج فجر الجماعة من داخلها، علي الرغم من أنه لم يقترب من مسائل جوهرية عظيمة تواجه المجتمع، وبخلاف كونه لم يستطع استيعاب حقيقة أن المجتمع فيه نساء لهن الحق في ممارسة السياسة، وفيه أقباط من حقهم أن يمارسوا المواطنة، فإن البرنامج نفسه تضمن ملمحاً جوهريا للسعي نحو دولة دينية من خلال اقتراحه تأسيس هيئة شرعية.. فضلاً عن أنه في جميع بنوده الأخري كشف ظهر الجماعة لأنه لم يقدم جديداً.

دع البرنامج علي النار.. ولكن لاتنس أن تمون الموقد بمزيد من جاز الوقود.. فلن ينضج أبداً ما في القدر الذي عليه.
 
الموقع الالكتروني :   www.abkamal.net
البريد الالكتروني   :  [email protected]