الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

قالوا عن الفاجومى




■ الشاعر الكبير شوقى حجاب كان قد علم بخبر وفاة الفاجومى لتوه، وبرغم الحزن عليه لكنه كان متمسكا بالسخرية التى اتسم بها نجم، حيث قال حجاب: نجم عمل فينا مقلب ومات بجد، رغم أنه كان يرفض فكرة الموت، فأنا أقول ذلك من باب السخرية التى تشبهه رغم الحزن الشديد عليه، علاقتى بنجم كانت غريبة نوعا غير أنه كان يحترمنى جدا ويقدرنى جدا منذ الستينيات، إنما على مستوى الأصدقاء المشتركين من المعروف أن الفاجومى كان ينزل ليلعب الكرة مع أهل المنطقة ومشهور بزيجاته المتعددة ومواعيده السيئة تماما!... ففى إحدى المرات كان دائما ما يطلب من زوجتى أن تعزمه على أكلة الكوارع، وذات يوم عزمته بالفعل على الكوارع وبعد تجهيز كل شىء وجئت بأنه لم يأت ولم يعتذر وكان نائما ونسى العزومة برمتها!.. ضاحكا يستكمل: قلت لها أخبرتك من البداية ألا تستمعى لكلام نجم!
أردف: طبعا هو شاعر مهم جدا ومن القلائل الذين جمعوا بين قيمة الشعر كشعر وبين شعبية الشعر، فهو امتداد لابن عروس وبيرم التونسي، وعلى الأخص عبدالله النديم الذى كتب شعرا شعبيا وسجن كثيرا فكان شاعرا ثوريا يطارد السلطة وتطارده، كما أن الفاجومى هو النصف الثانى الحقيقى للشيخ إمام فى شعر المقاومة و مواجهة السلطة، فـ"نجم" هو صوت الناس الذى لم يستطع أى من المثقفين الآخرين خاصة من شعراء العامية تحقيق هذه الشعبية، من أهم وأبرز داعمى الفاجومى هو الناقد الراحل سعد الموجى الذى جمعه بالشيخ إمام فى نكسة 1967م، وكذلك الشاعر محمد جاد الرب رحمهم الله جميعا.
اختتم حجاب حديثه بتقديم العزاء لأسرة الفاجومي، قائلا: أنا أرسل تعازيي الحارة لأسرة الفاجومى وابنتيه والحقيقة أننى أعزينا جميعا لأن الشعب المصرى هو أسرة الفاجومي، فهو خسارة كبيرة.
خرج جثمان الشاعر الكبير احمد فؤاد نجم صباح اليوم من مسجد الحسين وسط عدد كبير من الفنانين والشعراء والمثقفين
 ■ واكدت زوجته الفنانة والمطربة عزة بلبع وسط حالة شديدة من البكاء ان نجم ظاهرة لن تتكرر ظهرت اشعاره التى قدمها فى السبعينيات كبطلة اثناء ثورة25 يناير لزيادة حماسة وصمود الشباب فى وجهة قوة نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وسيظل "الفاجومى" مبدعا لا مثيل له.
وعن أهم امنياته الاخيرة التى افصح لزوجته بها قبل وفاته اشارت "بلبع" انه كا يتمنى ان تتخلص مصر من الفقر الذى ساد بين اهلها الفترة الاخيرة، رغبة منه الا يموت اهلها فقراء كما عاش ومات فقيرا، بالاضافة الى امنيته فى عودة الاستقرار والامن والامان من جديد فى البلاد.
وأوضحت بلبع ان الفاجومى كان متفائلا جدا لمستقبل مصر وخاصة عقب ثورتى 25 يناير و30 يونيو، والدليل انه بالرغم من ضعف صحته الا انه نزل وسط ثوار يناير فى ميدان التحرير وايدهم، معبرة عن انه كان فخورا جدا بالفريق اول عبدالفتاح السيسى حيث رأى فيه رمزا للصمود وانه قادر على عودة الامن للبلاد من جديد.
■ شاعر العامية زين العابدين فؤاد رفيق المعتقلات يقول: أعرف نجم منذ عام 1964 م، وسجنا معا عامى 1975 و 1977 بتهمة التحريض على التظاهر والاحتجاج!
"نجم" شاعر شارك فى كل التظاهرات والاعتصامات والاضرابات حتى ثورة "25 يناير"، فنجم هو شاعر أنصت لبيوت المصريين فأصبح هو نبض مصر، اعتقلنا سويا لفترة طويلة فى سجن طرة فى يناير 1975، حيث قدم فينا الكاتب يوسف السباعى وزير الثقافة آنذاك و35 مثقفا وكاتبا ورساما وشاعرا آخرين بلاغا بأننا نحن تنظيم اليسار الجديد محرضين ومتورطين بالتظاهرات العمالية فى حلوان!
حبسنا سويا فى طرة وكنا فى زنزانة فردى بسجن التأديب لكننا كنا أفراداً فى هذه الزنزانة، كان نجم والكاتب صلاح عيسى والكاتب إبراهيم منصور والناقد محمد كامل القليوبى والشاعر محمود الشاذلى وأنا، وفى الزنزانة الأخرى الفنان عز الدين نجيب والناقد عبدالرحمن أبوعوف كانت الزنزانة تغلق علينا يوميا لمدة ثلاث وعشرين ساعة ونصف الساعة، لا نسمع إذاعة، لا نقرأ جرائد، لا نشاهد تلفاز، مغيبين تماما عن الحياة و لا نملك سوى أن نتحدث معا!
الحبسة الطويلة كانت فى 18 و19 يناير 1977 ووقتها تم القبض على الآلاف حتى صدور قرارات الاتهام التى قضت باتهام قرابة المئتين، القرار شمل أربعة أقسام منها قسم التحريض على أحداث 18 و19 يناير الذى حمل أربعة أسماء فقط، اثنين صحفيين هما حسين عبدالرازق وصلاح عيسى، واثنين شعراء هما أحمد فؤاد نجم وأنا، وكان قرارى صادرا بسطر واحد فقط وهو : دأب على كتابة القصائد المناهضة لنظام الحكم.
حبسنا فى طرة أولا ثم انتقلنا إلى سجن أبوزعبل فى زنزانة 9، وبالمناسبة أيضا احتفلنا فى هذه الزنزانة بعيد الميلاد السبعين لفنان الكاريكاتير زهدي، وكان معنا من المحامين زكى مراد وفاروق ثابت وفاروق رضوان، الطريف أننا فى كل شهر كنا نذهب إلى المحكمة التى تقضى بالإفراج عنا، لكن السادات يعترض فنحبس مرة أخرى حتى وصلنا إلى شهر سبتمبر وتم الإفراج عن نجم وظللت أنا محبوسا بأمر السادات، و تم استضافة نجم بجامعة القاهرة وهناك ألقى قصيدة "بيان هام" التى اعتقل على إثرها مرة أخرى وحوكم محاكمة عسكرية وعاد إلى زنزانة 9!... وقتها تندرنا سويا بأنه قد خرج وعاد مرة أخرى وأنا لازال يتجدد لى قرار الاعتقال ليقول لى نجم أنه سيفرج عنى عند دخول الطاقة الذرية إلى مصر...
عن سبب الخلط بين قصائده وقصائد الفاجومى للشيخ إمام يقول فؤاد: المشكلة كان سببها أحد الناشرين اللبنانيين الذى وصل إليه عدد من أشرطة الكاسيت للشيخ إمام الذى قام بتفريغها وكتب أن كل الأغانى لأحمد فؤاد نجم، وتبين أن منها 9 نصوص لتسعة شعراء ليست لنجم، مثل "يامصر قومى وشد الحيل" لنجيب شهاب الدين و"اتجمعوا العشاق" لى وأخرى لمحمود الشاذلي، وأحب أن أشير هنا أن الشيخ إمام غنى الكثير والكثير من أشعار فؤاد قاعود قبل غنائه لنجم.
■ تحمل ذاكرة التشكيلى «محمد عبلة» العديد من الذكريات مع الفاجومى والتى بدأت منذ الثمانينيات يقول عبلة: أعرف نجم ككل المصريين لكننا تقاربنا فى الثمانينيات فى أحد معارضى بأتيليه القاهرة فوجئت به يلقى قصيدة كتابها للمعرض ومن هنا توطدت علاقتنا وظللنا على تواصل حتى وفاته.
 فى تلك الفترة كانت لديه فكرة هو والشاعر محمد جاد الرب وهى «جيش التواشيح» بحيث يضم شعراء ومطربين وملحنين من كل أنحاء الوطن العربى بهدف أن يكونوا جيش الفنانين يغنى وسط  الناس ويتحركون من بلد إلى بلد وكنا نشتغل كثيرا وقتها على هذه الفكرة بعد ذلك اقمنا حفلات مختلفة للجيش بأماكن مختلفة وسافرنا إلى المنصورة لعرض مسرحية «حتحوت» وكانت تجربة ثرية الحقيقة، واذكر أننا اقمنا أول حفل لجيش التواشيح بالأتيليه الخاص بى بالمسافر خانة.
يستكمل «عبلة» ذكرياته قائلا:من الأفكار المبتكرة لنجم كانت جمعية «عضمة الحوت» وهى مجموعة من الفوضويين لهم آراء فى كل الأحداث الجارية أى كانت بمثابة حركة احتجاجية، كان لكل واحد من أعضاء الجمعية له منصب بحسب ما يقدمه من جهد، لكننا لم نفعل أى شيء بهذه الجمعية سوى أننا تجمعنا سويا لمدة شهور وما تبقى لدى منها سوى كتابات نجم التى كان يكتبها، وتوزيعه للمناصب على الأعضاء، وأذكر أن منصب نجم هو «الطاوطاروق الكبير».... نجم كانت أفكاره متجددة دوما لكنه كان ينساها سريعا فلم يكن له مطالب فى الحياة سوى أن يكون الناس حوله فـ«نجم» مهم جدا أن يكون فيه جو من حوله وكان يستطيع أن يخلط بين الحديث الجاد والساخر، لكنه حين يتحدث فى موضوع جاد كان يتسم بالجدية فأذكر أننى فى التسعينيات قررت أن أعمل بالصحافة وكان أول وآخر حوار لى كان مع «الفاجومي» بـ«الأهرام الرياضي» وتم نشره على ثلاث صفحات برسوماتي.
■ يقول الناقد الفنى «أحمد سعد الدين»: الفاجومى رغم أنه وصل إلى 84 سنة وبرغم العنف فى كلامه ومناقشته، لكنه كان طفلاً صغيراً فكان يفرح جدا لو أن أحدهم زاره وهو يحمل كيسا من التسالي! وكان ضعيفاً جدا أمام ابنته الصغرى «زينب» لأنه انجبها بعد بلوغه الستين، رغم أن الفاجومى هو نجم الستينيات والسبعينيات والثماينيات، لكنه سافره إلى سوريا وعودته عام 1989 اختلف وتحول من «نجم» المناضل الثورى إلى «نجم» الشاعر الباحث عن «لقمة العيش» ليظل إلى فترة طويلة بعيدا عن النضال السياسى حتى قامت  «ثورة 25 يناير» التى أعادت إليه الحياة، حيث سارع إلى الميدان ليلقى بأشعاره.
 أردف «سعد الدين» قائلا: نجم المناضل مختلف تماما عن نجم  الشاعر اللذين يختلفان عن نجم الإنسان الذى سكن فى حوش آدم ثم مساكن الزلزال بالمقطم وفى المساء تجدين كل الطبقات مجتمعة عنده للعب ورق الكوتشينة التى كان يعشقها، فكان متعدد المواهب.