الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كام لايك لـ«عـِمـّة سيدنا» وشير لـ«عصا الأسقف»




«الدين أفيون الشعوب» مقولة اثبت التاريخ صحتها على مر العصور منذ العصور الوسطى وحتى الآن ومن يقرأ التاريخ يجد أن كل الانشقاقات وانهيار الانظمة أغلبها يعود إلى رجال الدين
فمن يقرأ يجد أن سبب ظهور البروتستانتية هو عدم قبول البعض لافعال رجال الدين الكاثوليكى مما دعا الشاب مارتن لوثر لانشاء مذهب جديد ليتخلص فيه من قيود الكهنة الكاثوليك فى الوقت الذى اعتبرته كنيسة روما هرطقات ومقاومة للدين الصحيح والتى بسببها بدأت حروب كثيرة بين المذهب الكاثوليكى والبروتستانتى راح فى سبيلها العديد من الضحايا عذبوا ولقوا حتفهم على يد الحلف المقدس فى ذلك الوقت، إلا أنه مع الوقت تغيرت الكثير من الأمور ونجحت أوروبا فى الفصل بين الدين والدولة واصبح لرجل الدين السلطة الدينية الروحية فقط دون الهيمنة على الانسان الا أن هذا الامر لم تستطع الدول النامية تخطية
 

 
حتى الان وكانت نتيجته ما نراه فى الربيع العربى من سيطرة بعض الطامعين باسم الدين، ولان الدين افيون الشعوب نجد أن الاكثر تأثرا فيهم من هم لا يتمتعون بقدر كبير من التعليم وبالتالى تجد على سبيل المثال أن الفتن تنتشر فى الصعيد حيث ينتشر الجهل والعصبة ويصبح من السهل الاستيلاء على عقول لم تتفتح بعد وتصبح القاعدة الشعبية عجينا لينا ومادة سهلة قابلة للاشتعال فى اى وقت ولان الاقباط جزء لا يتجزأ من هذ الوطن له نفس جيناته ويعيش فى نفس الظروف بل على العكس قد تكون ظروفه أصعب لما يحدث له من مضايقات فيجد نفسه تلقائيا فى حضن رجال الدين والكنيسة وهو شىء تكمن خطورته فى اتجاه واحد فقط ألا وهو تأليه رجال الدين الامر الذى قد يؤدى فى النهاية الى عدم تقبل فكرة أن رجل الدين من الممكن أن يخطئ وهى احدى الافكار التى ادت الى انتشار الالحاد فى مصر بين الشباب المسلم والمسيحى على حد سواء وبشكل ملحوظ.
وهو الامر الذى اكده الانبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس واسقف عام كنائس وسط القاهرة حيث اشار الى انتشار الفكر الالحادى بين الشباب بشكل ملحوظ وذلك بسبب صدمة البعض فى بعض رجال الدين وعدم ثقة البعض فى الله وقدرته على حمايتهم.
وعلى الرغم من تصريح سكرتير المجمع المقدس بذلك وتوجه الكنيسة الارثوذكسية الجديد والذى يعد اتجاها اصلاحيا خاصة ان عهد البابا شنودة الراحل كانت به العديد من الاخطاء على راسها تقديس رجال الدين والمتاجرة بهم خاصة عند نياحة بعضهم سرعان ما تجد انتشارا للكتب التى تحمل معجزات الراحل وليس غريبا أن تجد بعض المعجزات تتكرر مع اختلاف الاسم الامر الذى ادى الى انتشار ما يعرف بـ«بيزنس كتب المعجزات» وذلك لاقبال الناس على شرائها بشكل ملحوظ.
وعلى الرغم من تأكيد البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية على قيامه بالاهتمام بالكنيسة من الداخل ومنها وضع كل شىء فى حجمه الصحيح الا انه عندما تتصفح الانترنت خاصة صفحات التواصل الاجتماعى الـ«فيس بوك» تجد صفحات كثيرة باسم أساقفة يطلق عليها احباء الانبا............. وصفحة جمع مليون لايك للبابا......
وغيرها من تلك الصفحات التى لا غبار عليها خاصة اذا وضعنا فى اعتبارنا أن الاساقفة شخصيات عامة لهم محبوهم طالما أن الصفحات لا تتعدى الطابع الدينى المقبول، الا اننا وجدنا بعض الصفحات التى اصبحت تمجد وتقدس اسماء حاملى اسمائها فعلى سبيل المثال لا الحصر فوجئنا بشخص يرفع صورة اسقف وكتب فوقها «نيافة حبرنا الجليل المكرم القديس البار سيدنا الأنبا................... «هذا غير أن هناك من قام بوضع صورة «لعمة « الاسقف وعلق تحتها قائلا «كام لايك لعمة سيدنا.............» وغيرها من توصيفات تحمل طابع القدسية لاشخاص مازالوا بيننا.
والغريب أن الكنيسة نفسها تضع شروطا واضحة للاعتراف بقدسية الراحل وضمه لصلاة القداس ومنها على سبيل المثال مرور نحو 40 عاما على رحيله فالكنيسة لم تضم البابا كيرلس السادس البابا الـ116 للمجمع المقدس الذى يذكر فى صلاة القداس إلا هذا العام وعلى الرغم من كل هذه الشروط إلا أن هناك اصراراً من البعض على خلق جو من القدسية حول رجال الدين وفى هذا تقول سوسن ابراهيم وهى ابنة احدى الكهنة: « الكاهن هو انسان مثلة مثل اى إنسان آخر.. لكن الفرق الوحيد هو نواله لسر الكهنوت لذلك فأنا لا اقدس الكاهن كشخص و لكنى احترم كهنوته والسر المعطى له.
وتؤكد سوسن أن الكاهن او الأسقف كأى بشر معرض للضعفات والسقوط. ولكن فى رأيى اعتقد أن بدخوله الى الهيكل يخلع الانسان الذى بداخله ويتحد كليا مع هذا السر.
أما عن الصفحات التى تحمل اسماء الاساقفة فترى انها تطور مساير لعصر التكنولوجيا الحديثة فى التواصل مع الرعية الا انها تتحفظ على انها فى بعض الاحيان تتخذ شكل المغالاة فى تمجيد شخص الاسقف..او معجزاته.. أو خدمته.. وهو ما يجعلها تخرج عن مفهوم التواضع الذى نشأنا منذ صغرنا وجدناه مرتبطا بهؤلاء الاشخاص.. وقد يصل فى بعض الاحيان الى التنفير من عادات مثل «كام لايك لضحكة سيدنا؟...شير لصورة عصا سيدنا لتنال البركة...»
أما ريمون شريف فيرى أن اغلب هذه الصفحات تنتشر فى الإيبارشيات التى تنتشر فيها الجهل والفقر مثله مثل تعظيم الشيوخ والائمة فى مثل هذه الاماكن.
ويرى ريمون أن المشكلة مشكلة شعب تنتشر بينه الجهل والفقر حيث الاقتصاد المتدنى والسعى وراء لقمة العيش وبالتالى يكون من السهل أن ينقاد وراء مثل هذه الاشياء.
ويؤكد بيشوى عادل أن فى عهد البابا شنودة مثل هذه الخرافات كانت منتشرة لان كانت هناك من له مصلحة فى السيطرة على عقول الشعب ولكن الآن اوضاع كثيرة اختلفت فهناك معجزة حقيقية حدثت للكنيسة الارثوذكسية برحيل البابا شنودة فدخل فكر جديد ورؤية جديدة وزرعت املاً جديداً وجيلاً جديداً فكان مرض البابا جعل شخصيات كثيرة تحاول السيطرة على القاعدة العريضة ولكن هل الآن احد يسمع عنهم شيئا.
وتشير إيفلين رياض الى أن البابا تواضروس استطاع أن يحدث تغيير حقيقى ملموس داخل الكنيسة منها انه استطاع أن يضع كل شخص فى حجمة الطبيعى دون أن يقلل من احد او ينتقص من احد وهو الذى ساعد بشكل تلقائى فى ضبط المعادلة فلم يصبح الكاهن او الاسقف معظما وفى نفس الوقت لم يهن احدا منهم.
وتضيف أن الامور لن تسوى بين ليلة وضحاها فنحن نحصد نتاج جهل أمة وشعب لا علاقة لها بين مسلم وقبطى فالقضية قضية مصرية ولابد ألا ندفن رأسنا فى الرمال.