الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المصارحة والمصالحة من أجل المستقبل الانكفاء على الداخل.. وإدارة الصراع




د. خالد عزب
 
بدا وكأن الغرب يتجه نحو بلقنة المنطقة العربية كسياسة تجعل من منطقة جنوب البحر المتوسط مفتتة إما إلى دويلات أصغر، كحالة شرق ليبيا المرشحة للانفصال عن الغرب الأقل ثراء، أو انفصال سيناء عن مصر وكذلك النوبة لتشكل دولة حاجزة بين مصر والسودان، أو دفع المجتمع لصراع قاتل يجعل حالة الانكفاء على الداخل فى محاولة لمعالجة الجراح الدامية التى لم يتم تضمديها بسهولة كالحالة الجزائرية، فالجزائر الدولة ذات الاقتصاد المركب والقوى البشرية الكبيرة فسكانها حوالى 38 مليون نسمة أى ثانى قوة سكانية فى المنطقة العربية، لا تلعب دورًا سياسيًا فى المنطقة يوازى قوتها الحقيقية.
هذه كلها تخوفات ستلازم الحالة المصرية، فعلى الرغم من تحركات الرئيس المصرى محمد مرسى سواء عبر زياراته، أو اتخاذ مواقف فى المسائل الإقليمية، تبقى مصر منكفأة على الداخل المضطرب والأزمة الاقتصادية، وكلاهما يخصمان من قوة مصر الإقليمية، فلا تستطيع أى دولة أن يكون لها تأثير فى ظل استمرار عدم الاستقرار فى الداخل مع عجز اقتصادى كبير يجعلها تستدين ليس لإقامة مشروعات لكن لسد متطلبات مواطنيها اليومية.
لذا فالقول بوجود تدخل أمريكى أو أوروبى فى الشئون المصرية هو قول جزافى، إذ أن حركة المجتمع وصراعاته أقوى وأعمق وأسرع من أى تدخل فى دولة متهاوية الأركان ومجتمع مفكك لا يحتمل فكرة الصبر إلى حين، فى هذه الحالة تلعب القوى الخارجية دور المأجج للصراعات الخادمة لمصالحه والدافع لبعضها فى اتجاه يخدم سياسته، فهو هنا يتبع سياسة إدارة الصراع وليس إنهاء الصراع لكى يظل هو الحكم الذى يلجأ إليه وقت اللزوم، وكأن فكرة الاستقلال الوطنى قد انتهت إلى الأبد، بيدنا لا بيد الآخر.
لذا فإن فكرة المصالحة والمصارحة الوطنية، بل وتصفية الخلافات والخصومات حتى مع خصوم الأمس، حتى لو كانوا من ألد الخصوم، هى العقلانية الراشدة التى تدفع نحو المستقبل، وليس فكرة تصفية الحسابات التى تأجج الصراعات، هذا كان نهج جنوب أفريقيا، المصارحة والمحاسبة، هذا النهج الذى افتقده العرب حتى الآن فى العراق والجزائر ومصر وليبيا وتونس، فهل تذهب دول الربيع العربى نحو سياسة المصارحة والمصالحة من أجل المستقبل؟