الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«مقتل الخليفة»




لست من جيل الهزيمة.. ولا حتى من جيل النصر.. بل أنا من جيل قضى ثلاثة عقود من عمره تحت حكم نظام بلا قلب.. وعندما دقت الثلاثين عاما من عمرى علمت بأن الصوت الأبكم شيطان أخرس فقررت مع رفاقى أن ندق  بالثورة على أبواب النظام.. نظام رحل بعد أن طغى.. بدأنا نتنسم الأمل بعد أن بحت اصواتنا من سقوط نظام باع ابناءه بثمن بخس.. ولكن كعادة الثورات فى دول تخبطت طويلا تحت حكم سلطوى.. قامت الثورة التى صنعها العظماء وقام بها الشجعان وسرقها الجبناء والانتهازيون.
ولذلك سأحدثك اليوم عن الانتهازيين اللذين سرقوا ثورتنا.. فدعنى أحدثك عن أمراء الحرب فى الثورة.. وهم عادة يكونو عدد من المتسلقين.. يتاجرون بكل شىء.. حتى بوطنهم الجريح..يهتفون بحياة الوطن صباحا.. ويقبضون ثمن خيانتهم ليلا.. يحشدون لمظاهرة ويتصدرون صفوفها الاولى يحمسون الشباب وعند الاشتباكات لا تجدهم ليدفع الشباب الطاهر النقى حياته ثمنًا لهؤلاء الاوغاد.. وبعد قليل تجدهم يناضلون على شاشات الفضائيات.. وكلما سقط عدد اكبر من الشهداء ارتفع سعر هؤلاء الاوغاد.
فى صفحات تاريخنا زعماء ناضلوا.. ستجدهم دخلوا لساحة النضال الوطنى ضد مستعمرنا الإنجليزى أغنياء ودفعوا ثمن ذلك فى المنفى او السجن.. فلم يستفيدوا شيئا بل منهم من تم نفيه وآخرين تم سجنهم.. كما دفعوا من جيوبهم لتحرير وطنهم.. ولذك خرجت صفحاتهم مشرفة تضرب المثل الاعلى فى الوطنية.
أما الآن فتجد من يدخل باب الوطنية «المزعومة» خالى الوفاض ليناضل ضد أى شىء.. فليس المهم القضية.. ولكن الاهم يجد من يدفع ثمن نضاله.. وكلما زاد عدد الشهداء خرج هؤلاء المتاجرون الينا يبكون.. وترى فى اعينهم دموعًا.. ولكن تكتشف بعد قليل بأنها «دموع التماسيح».. وذلك لترتفع شعبيتهم الزائفة وليزيد رصيدهم فى البنوك.
فليس فى ثورتنا أبطال سوى من استشهدوا.. وليس هناك من يستحق التكريم الا اسرهم المكلومة.. ولا  يوجد من يستحق الاحترام الا من خرج من الثورة كما دخل.. ولم يقبض ثمن نضاله ولا صوته الذى بح من هتافه بسقوط الظلم.
قبل قليل وقعت جريمة قتل خليفة.. ومن بين كل الخلفاء الذين تم اغتيالهم فى تاريخنا، هناك خليفة واحد لم ينتبه لوفاته أحد.. ولم يتم التحقيق فى جريمة قتله.. ولم يتهم أحد، وبالتالى لم تتم معاقبة أحد..ربما لأن موت الخليفة  الاخير كان بطيئا وبالتدريج، وربما لأنه مات مسموما ولأن السم كان من النوع الذى لا يقتل إلا بعد فترة طويلة..  رغم ذلك، كانت نتيجة وفاة هذا الخليفة كارثية بكل المقاييس.. ألم تعرفه؟
انظر إلى المرآة.. وسترى فى انعكاسها صورته.....
لقد قتلوا «الخليفة» فى داخلك...قتلوا الإنسان الفاعل القادر ،المؤمن بنفسه كجزء من إيمانه بالله الذى نصبه ليكون الخليفة.. وبعدها، كان من السهل عليهم أن يفعلوا كل شيء.. أن يسرقوا.. ويظلموا..ويبيعوا ضمائرهم.
إن الضمير الآثم لا يحتاج إلى اصابع اتهام.. لذا ابدأوا بمحاكمة انفسكم امام ضمائركم.. واعلموا أن شجرة الظلم لا تثمر.. ومن صدق كذب الحياة سخر منه ضميره.. لذا دعوا ضمائركم تنطق.. فالضمير الأبكم شيطان اخرس.