الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإعلام بعد 30 يونيو دعائى وتخلى عن المهنية




 ومن جانبه؛ أكد د. عماد مكاوى عميد كلية إعلام جامعة القاهرة، أن برامج التوك شو تضم نواحى جيدة وأخرى سلبية، فمن الناحية الإيجابية، أنها تحيط الجمهور علما بأحداث وتفاصيل وخلفيات وأخبار اليوم، وتقدم استطلاع رأى الجماهير والضيوف، لكن العيب يكمن فى الافتقار إلى المهنية من خلال المذيعين الذين يتحدثون لمدد تبدأ من ساعة وتمتد إلى 3 ساعات فى كل شىء، فابتعد أداؤهم عن المهنية المطلوبة. 
 
أما عن الأقاويل التى تتردد حول احتمالية اختفاء برامج الـ»توك شو» إلا قليلًا فى المرحلة المقبلة نظرا للتشابه فى الأفكار والمحتوى، فأكد مكاوى أننا لا نريدها أن تختفى، إنما أن تُقدم بطريقة صحيحة، لأن مسارها الآن به بعض الشطط والخروج عن المألوف، فهى تركز على السلبيات والانقسام فى المجتمع بشكل كبير، من أجل تحقيق نسب مشاهدة عالية، ولكن إذا تجاوزنا المرحلة الحالية وبدأنا البناء والتنمية، فأتصور أن الاعتماد على الصراخ والإثارة لابد أن يختفى. 
 
وأضاف أن لغة الحوار تعبر عن العشوائية فى الأداء حتى فى الإعداد، ولعدم وجود تأهيل كافٍ لمقدم البرنامج، خصوصًا أن هذا ما يسبب الأخطاء المهنية، وعن أفضل برامج التوك شو أكد أن جميعها متشابهة، لكن يمكن أن نقول إن شريف عامر ببرنامجه «الحياة اليوم» يلتزم بالمهنية، وبالنسبة لبرامج الصحافة، فجابر القرموطى يطرح موضوعات مهمة، ما جعل القنوات تسعى لتقليد البرنامج، فكانت له الريادة، ومع ذلك فلابد أن يهدئ من أدائه. 
 
وعن التغطية الخبرية فى البرامج، قال: جيدة، ولكن أحيانا تتحيز لصالح طرف، وذلك يعد افتقارًا للمعايير المهنية، فالمعدون يحتاجون لدورات فى كيفية تقديم تغطية متوازنة. 
 
وعن أداء الإعلاميين.. أكد أنه متفاوت، ولكن يغلب عليهم التعالى على الجمهور واستخدام أساليب غير راقية فى التعامل، فمثلا يقول أحدهم (الوزير فين.. اطلبوه)، فيوجد قدر من الاستعلاء والخروج عن الأداء، كأنه يقدم برنامجًا ويمتلك الهواء ليفعل ما يشاء، وباقى المذيعين يقلدون بعضهم فى هذا، فعندما يبالغ أحدهم يتبعه الآخرون. 
 
والحل يكمن فى تصحيح منظومة الإعلام، فنحن فى مصر بحاجة إلى إعادة هيكلة وصياغة، ولا يجوز أن يجمع صحفى بين العمل بجريدة والتليفزيون، لأن به تعارض مصالح حول أولوية توجيه السبق، وعلى الرغم من كون الصحفى ذا قدرات عالية فى تعدد المصادر وإمكانية الحصول على المعلومة ويمكن الاستفادة منه، لكن العيب يكمن فى تقديم الخبر على حساب صحيفته أو مطبوعته، لكن يمكنه العمل فى التليفزيون والتفرغ له بالحصول على إجازة من مطبوعته. 
 
وأشار مكاوى إلى أن الإعلام يحتاج إلى مراجعة شديدة، فلسنا فى حاجة لقوانين لتقييد الإعلام، لأننا نريد إعلامًا حرًا مستقلًا، ولكن لابد أن يكون منظمًا ويراعى الدقة والموضوعية فى تقديم جميع وجهات النظر من دون الانحياز لأى طرف أو حزب معين. 
 
واتفق معه فى الرأى د. صفوت العالم أستاذ العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة وقال: أولا.. توجد مشكلات واضحة فى التوك شو فالأداء الخاص بالمذيعين فى الفترة الأخيرة يتسم بالفتور وأنه أداء تقريرى، لا يتتبع الأحداث بدقة، لأنه توجد انتقائية فى التناول، فعلى سبيل المثال فى الفترة الحالية نحتاج إلى مناقشة حقيقية وجادة للدستور.
 
أما الإشكالية الثانية فهى أزلية، لوجود نمط من تكرار الضيوف بغض النظر عن الموضوعات، حتى إننى أستشعر أحيانا أن بعضهم يتم توريطه فى موضوعات لا يفقهون فيها شيئا، فخبير أمنى يقحم فى التعليق على شئون سياسية كتعليق على حدث، أو مدير أمن لم يتعامل مع الإخوان كجماعة سياسية، فتجد من 60 إلى 70 ضيفًا فى المجالات المختلفة يتقلبون وفقا لتوجيهات معينة، وبالتالى نحتاج تعددًا وتنوعًا فى الضيوف، لأن مصر مليئة بالتخصصات والكوادر. 
 
ومن ثم فإن الإعلام يحتاج لمتابعة وحلول جذرية فى تناوله ومضمونه، ومدينة الإنتاج الإعلامى على شكلها الحالى تحتاج إلى إعادة هيكلة ومتابعة وتدقيق، وقال: أوجه تساؤلًا لوزيرة الإعلام د. درية شرف الدين عن ميثاق الشرف الإعلامى، وأشار إلى ضرورة وجود خطاب إعلامى رسمى للبلد، للرد على الدعاية المضادة والتصريحات المتضاربة عن الموضوعات، كما تساءل عن أحمد المسلمانى وسبب اختفائه، وسفره إلى عدد من الدول، وعندما يعود يكون بديلا عن وزيرة الإعلام، كما انتقد «العالم» عدم وجود الوزيرة فى لجنة العلاقات العامة التى أقرها رئيس الوزراء وأنهى كلامه أن الدولة بها مظاهرات أسبوعية ومشكلات وقنوات مضادة، فيجب تقديم معالجة للأزمات واضحة إعلاميًا وسياسيًا واقتصاديا. 
 
ومن جانبه قال د. محمود يوسف وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة: إن جميع الأخطاء المهنية موجودة فى أداء وسائل الإعلام المصرية على اختلاف توجهاتها، وواضح أن فصيلًا من الجمهور قنواته الإعلامية غائبة، مشيرا إلى الإخوان وقنواتهم الدينية، وهنا يتبقى الإعلام الرسمى والخاص، الذى عنوانه الشتم والسب والتجريح، وهى ليست مفردات الإعلام، إنما دعاية سيئة ويتم تغييب الرأى الآخر، واستباحة أحكام القضاء، باختصار أداء الإعلام المصرى فقد مهنيته ومصداقيته بدرجة كبيرة، فهم لا يرون أنفسهم وأقول لهم «إحنا اللى بنعلم الناس.. مش هما اللى هيعلمونا.. فنحن نعلم كيف يكون الإعلام مهنيا». 
 
أما الحل فواضح.. (عودوا إلى مهنيتكم)، فهم يؤمنون بالحرية ويكفرون بها، وقال: إن الإعلامى ليس ناشطًا سياسيًا، نريد تطبيق القواعد المهنية، ومن يخطئ يحاسب، فلا القنوات الدينية أو غيرها كانت تراعى المهنية خلال عهد مرسى، فالقنوات الدينية كانت تحرض على الفتنة، أما القنوات الأخرى الآن فهى تحرض على الإرهاب، منتقدا قول إحدى القنوات (اضربوا المتظاهرين بالجزمة)، وأكد أن أية قناه تتجاوز يجب غلقها. 
 
فيما قال د. محمود خليل أستاذ الإعلام والصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة: إلى حد كبير.. أداء البرامج التليفزيونية خلال الأشهر الأخيرة يتسق مع أداء المشهد السياسى والاجتماعى، والبرامج المختلفة الحوارية أو التوك شو تعكس حالة داخل المجتمع والإعلام الذى بدأ يظهر خلال حكم مرسى وبعده التحريضى بامتياز القائم على فكرة الاستقطاب، إذ كان واضحا خلال الثلاثة أشهر الاخيرة من حكم مرسي، وتزامن هذا مع دعم حركة «تمرد» والكثير من الإعلاميين الذين تبنوا الفكرة بصورة مباشرة، وطالبوا الجمهور بالنزول للشارع، وأعقبه قيام الإعلام المصرى بشن حرب على الإرهاب والمقصود به إرهاب «جماعة الإخوان» وبدؤوا يستدعون ما وصفت به الجماعة منذ 1954، وقاموا بدور شيطنة الجماعة التى لم تكن بحاجة إلى شيطنتها فى نظر الشعب، الذى أصبح رافضًا للاخوان، ونزل فى 3 يوليو لتفويض الفريق عبدالفتاح السيسى بصورة مباشرة ضد الارهاب الاخواني، فالإعلام استغرق وبالغ فى أمر محسوم، والشعب حدد موقفه من الرغبة فى التخلص من الاخوان وأفكارهم. 
 
وتبع هذا شيطنة الإعلام لثوار يناير، فانزلقوا وأدوا إلى تفكيك التوحد الذى حدث مع النخبة المنتمية لمبارك لنفس الهدف برفض مرسي، فتقديرى أن الإعلام المصرى خلال الفترة التى تلت مظاهرات 30 يونيو أقرب إلى الدعاية وإعلام الاشتراكية، بأن أصبح إرشاديًا وتخلى عن القيم المهنية. 
وأضاف: توفيق عكاشة عمل مدرسة (المصطبة الاعلامية)، فالإعلام المصرى أصبح «إعلامًا عكاشيًا».