الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نفيسة العلوم.. أمى (3)






بعد أن تحدثنا فى المقال السابق عن زواجها من ابن عمها «اسحاق المؤتمن»  نستكمل حديثنا عن حياتها وهجرتها إلى مصر.
 انجبت السيدة نفيسة  كلا من أبى القاسم وأم كلثوم-  وكانت من أفضل النساء فبالرغم من انشغالها بفنون العلم فإنها  كانت تعطى اهتمامًا كبيرًا  لرعاية زوجها وبيتها وأسرتها حيث كانت  بارعة فى إدارة المنزل الذي كانت تعمره بالعبادة والذكر والتربية الحسنة، وحسن التعامل مع زوجها الذي كان يسعد بها كلَّ السعادة ويصرِّح لها بجمال ما أودع الله فيها من صفات حسنة شكلاً ومضموناً، فما ترد عليه إلا بوجهٍ بشوش، وكلماتٍ راقيةٍ تدل على أدبها الجم.
وكان للسيدة نفيسة مكانة في قلوب المسلمين عامة، والمصريين خاصة. وكان أهل مصر يلتقونها في موسم الحج، ويسألونها زيارتهم في بلدهم لكثرة ما سمعوا عن فضلها وعلمها، فكانت ترحب بدعوتهم وتقول لهم: سأزور بلادكم إن شاء الله فإن الله قد أثنى على مصر وذكرها في كتابه الكريم. وقد أوصى جدي بأهلها خيرًا فقال: «إن فتحتم مصرًا فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لكم فيها صهرًا ونسبًا».
ويرجع سبب قدوم السيدة نفيسة إلى مصر الى الضغوطات التى كانت تمارس على آل البيت  من قبل الخليفة العباسى أبى جعفر المنصور عندما غضب على والد السيدة نفيسة، الإمام سيدى حسن الأنور بن سيدى زيد الأبلج بن سيدنا الإمام الحسن بن السيدة فاطمة الزهراء، بنت رسول الله، صلى الله وعليه وسلم، - وعزله من منصبه حيث كان وكان والدها واليًا على  المدينة المنورة.
فعقدوا العزم على الانتقال إلى مصر، وكانت سبقتهم إليها في زمن سابق السيدة الطاهرة زينب بنت الإمام علي شقيقة الحسن والحسين وبنت فاطمة الزهراء عليها السلام وحفيدة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم.
فهاجرت الى مصر وفي طريق هجرتها زارت قبر خليل الله إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام حيث كانت تدعو الله قائلة: «إلهي يسّر لي زيارة قبر خليلك إبراهيم». فاستجاب الله لها، وزارت هي وزوجها «إسحاق المؤتمن».
وعندما علم المصريون بقدوم  السيدة نفيسة  للاستقرار بمصر استعدوا لاستقبالها بالتكبير والتهليل وخرجت الهوادج والخيول تحوطها من كل جانب تبركا بها حيث وصلت إلى مصر  يوم السبت 26 رمضان 193 هجرية قبل أن يأتي إليها  الامام الشافعى بخمس سنوات - ونزلت بدار سيدة من المصريين تُدعى «أم هانئ»؛ وكانت دارًا واسعة. ثم انتقلت بعدها لدار  جمال الدين عبد اله الجصاص  كبير التجار وقتها.
ولعل من  أبرز الادعية والكلمات المأثورة للسيدة نفيسة  والتى مازال زوارها يرددوها  من أجل تفريج الكروب والهموم  « (كم حاربتنى شدة بجيشها فضاق صدرى من لقائهاوانزعج حتى إذا يئست من زوالها جاءتنى الألطاف تسعى بالفرج» ولهذه الكلمات الماثورات السحر العجيب بعد قراءتها مصحوبة بسورة الأعلى 11 مرة وقل هو الله أحد 11 مرة.
ومن الأقوال المأثورة ايضا عندما شكا لها البعض تعسف الولاة (كيفما تكونوا يولى عليكم) أى أصلحوا ذات بينكم يصلح الله لكم ملوككم لقد فهمت جيدا ما رمى إليه الحديث القدسى (... قلوب الملوك بيدى. أقلبها كيف أشاء. فأصلحوا ذات بينكم . أصلح لكم ملوككم)
(وللحديث بقية)