الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بين مظاهرات الجامعة.. وتدمير معهد بحوث الصحراء




التظاهرات التى تضرب عددا غير قليل من الجامعات وأهمها جامعة الأزهر والقاهرة وعين شمس وبعضًا من الجامعات الإقليمية.. يدفعنا للتساؤل.. هل هى تظاهرات ضد العلم؟! أم أنها تظاهرات على خطى التتار الذين أحرقوا بغداد وألقوا بالكتب التى تحمل بين دفتيها العلم فى نهر الفرات.. حتى يخيم الجهل على العرب والمسلمين.. أم أنه مخطط تتعاون فيه الصهيونية العالمية وجماعة الإخوان الإرهابية لتخريب قاطرة العلم التى تدفع المجتمع إلى التقدم وتحقيق العدالة.
ولأن السؤال فعل علنى غير فاضح فى الطريق العام.. والسؤال تحرش محمود بالحقيقة أينما كانت مخبوءة.. والسؤال أيضًا محاولة هز الواقع الراكد وإخراجه من خدر الجمود.. ودليل يقظة.. فالذى لا يسأل ماتت لديه حاسة الرغبة فى المعرفة.
هل قيام بعض الطلاب بتخريب وتحطيم وحرق الجامعة وتعطيل الدراسة والاعتداء على الأساتذة يمكن أن نطلق عليه تعبيرًا عن الرأى أو حتى غضبا سياسيًا.. أو تعبير عن وجهة نظر مختلفة عما يؤمن به السواد الأعظم من المصريين؟.. بالطبع لا وألف لا.. لأن هذه التظاهرات هى فى الحقيقة ضد العلم.. ضد التقدم.. ضد استقرار الوطن وبنائه.. فالصهيونية لا تريد لمصر أن تتقدم والإخوان الإرهابية ترفض العلم حتى يظل الشعب تحت سيطرتها لا يملك إلا السمع والطاعة.. وإذا كانت هذه التظاهرات تعبيرًا عن الغضب السياسى..فهل مكانها هو الجامعة «بيت العلم» وتدمير وحرق المنشآت العلمية؟!
والأدهى والأمر أن من يقومون بتوجيه الطلبة إلى هذا السلوك للأسف هم بعض أساتذة الجامعة الذين يستغلون براءة وسذاجة هؤلاء الطلاب الغاضبين.
ومما يدفع للأسى هو ما صرح به الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة أستاذ القانون الذى صدمنا باتهام وزارة الداخلية بقتل طالب الهندسة دون دليل واحد وقبل أن تبدأ التحقيقات.
أستاذ القانون الذى يعلم أبناءنا القانون يوجه اتهامًا بغير دليل وبدلا من تهدئة طلاب الجامعة واتخاذ إجراءات ضد الطلاب المتظاهرين الذين يخربون ويحرقون الجامعة «حصن العلم» نجده يتصدر المشهد فى مقدمة الطلاب المتظاهرين فى مزايدة سياسية رخيصة.. لا مكانها فى الجامعة.. بينما ينتظر باقى رؤساء الجامعات قرارات المجلس الأعلى للجامعات كى ينعقد ويقرر استدعاء الشرطة لحماية الجامعة ومئات الآلاف من الطلاب الراغبين فى التعلم من بلطجة المتظاهرين المخربين.. بدلا من أن يبادروهم بطلب الشرطة حماية وحصانة للعلم. وهنا يقفز السؤال لماذا ضربت دور العلم؟!
والإجابة إن العلم يضرب التخلف فى مقتل.. العلم يذبح المفاهيم العبثية دون إراقة الدماء.. العلم يغير نظرتنا للأشياء.. يحقننا بالموضوعية.. وينسف الشعور بالذاتية.. العلم هو السبيل الوحيد للتقدم وصنع الرخاء والعدالة الاجتماعية.
ولأن أحداث الماضى مرتبطة بالحاضر تحمل فى طياتها دلالات المستقبل.. نشير إلى واقعة تخريبية خبيثة مدمرة.. جرت أحداثها المريبة المتعمدة مع سبق الإصرار والترصد بأيد آثمة موشومة بنجمة داود التى خاطب الرئيس المعزول محمد مرسى أصحابها بأنهم أصدقاؤه وتمنى لهم مزيدًا من التقدم والرقى والازدهار، ففى يوم جمعة الغضب 28 يناير اليوم الثالث من الثورة الأولى للعزة والكرامة والحرية «25 يناير» الشبابية الطاهرة المظفرة بنصر من لا نصر إلا من عنده ـ جل وعلاـ هذه الواقعة تعمد مرتكبوها قتل ثورة أخرى فى مهدها وعقر دارها إنها ثورة مصر الخضراء التى يرقد وليدها فى حضانته العلمية التى يلفها النسيان وتتجاهلها الأعين والعدسات.. ومن المستغرب أن وسائل الإعلام على اختلافها وأيضًا الصحف تخلفت عن رصد وتغطية أخبث مؤامرة لوأد حلمنا الأخضر كان الهدف الذى لا يخطر على ذهن أحد هو قصر الأمير يوسف كمال بحى المطرية العريق بالقاهرة الذى يضم بين جنباته معهد بحوث الصحراء الذى أنشأه الملك فؤاد ويحتوى على كنوز المعلومات العلمية فى كل صغيرة وكبيرة عن الصحارى المصرية ونباتاتها التى تحتل 90٪ من أرض مصر هذه المعلومات التى تراكمت عبر سنوات عديدة من خلال أبحاث ورسائل علمية وأكاديمية تفتقت عنها أنبغ عقول علماء مصر.
انفتحت أبواب خلايا الطابور الخامس الصهيونى النائمة على تراب مصر لتنفذ الأوامر.. فدمرت أبواب القلعة العلمية الحديدية.. وتسللت داخل الحجرات والمخازن والمعامل لسرقة كل أجهزة الكمبيوتر وكل مكونات بنك المعلومات الصحراوية.. ولما لم تتحمل سيارات نقل هذه العصابة المزيد من المسروقات.. سرقت سيارات أخرى تابعة للمركز ولم يتبق أمامها سوى أجهزة ضخمة لم تستطع حملها.. فصدرت إليها الأوامر بتدميرها وفى عتمة الليل انطلقت سيارات العصابة الآئمة إلى المجهول.
هذه القصة يعرفها جيران المعهد ومعظم أهالى المطرية.
وفى نفس توقيت الهجوم المسلح على معهد بحوث المطرية قامت عصابة أخرى مسلحة بالهجوم على فرع مركز بحوث الصحراء بمنطقة الشيخ زويد فى شمال سيناء.. لقد كان هذا الهجوم استكمالاً لمخطط نسف حلم مصر الأخضر فى غزو صحارينا واستعادة أمجادها الفرعونية والرومانية حينما كانت مستودع الغلال لامبراطورية روما والعالم.
فمنذ تدمير معهد بحوث الصحراء وسرقة محتوياته لم تتوقف الحرب على منشآتنا العلمية أو علمائنا وها هى الهجمة مستمرة حتى طالت معاقل العلم وحصونه «الجامعات» تظاهرات لطلبة فاقدى الوعى والانتماء تحطم وتحرق وتعطل الجامعات عن أداء رسالتها العلمية.. وأساتذة يتصدرون المظاهرات فى مزايدة سياسية رخيصة.
هل يعقل أن يقف العلماء وطلبة العلم ضد العلم؟ إننا فى هذه اللحظة الحاسمة ننبه إلى أهمية فريضة العلم تلك الفريضة التى غيبها أعداء هذا الوطن.