الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المستشار عمرو جمعة القاضي المعتذر عن الإشراف علي الانتخابات الرئاسية: «نظام الحكم» هو الذى سيحدد صلاحيات وسلطات رئيس مصر القادم




 
تمنى المستشار عمرو جمعة نائب رئيس مجلس الدولة أن تشير لجنة الانتخابات الرئاسية إليه كسبب فى تحديد قاض لكل صندوق حيث بعد أن قدم اعتذاره رسميًا عن الإشراف على الانتخابات الرئاسية لأسباب منها رقابة القاضى على عدد من الصناديق أو خروقات الدعاية الانتخابية لمرشحى الرئاسة ومصادر تمويل حملاتهم التى لم تتعامل معها اللجنة بحزم.
 
المستشار عمرو جمعة أحد الخبراء الدستوريين وقضاة تيار الاستقلال الذى وقف ضد نظام حسنى مبارك أثناء حكمه وأحد خبراء الوفد العربى الموفد لبعض الدول الأوروبية للوقوف على كيفية إعداد عدد من الدساتير الخاصة بها، تحدث فى حواره مع «روزاليوسف» عن قضايا متنوعة منها إعداد الدستور ومحاكمات مبارك وأعوانه ووضع الأحزاب والإسلاميين وإلى الحوار:
 
■ كنت أول قاض يعتذر عن الإشراف على الانتخابات الرئاسية فى مصر فما الأسباب التى دفعتك لذلك؟
 
ــ توجد عدة أسباب الأول منها هو وجود المادة 28 من الإعلان الدستورى الذى يحصن قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن عليها، وبالتالى قد يترشح فرد لرئاسة الجمهورية وحوله عدد من الشوائب، فلو اكتشف أى شىء يدين المرشح بعد ذلك فلن يكون هناك أى سبيل من سبل الطعن، وكان من المفترض عدم التصويت بالقبول فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية منذ البداية فى مارس 2011 خاصة فيما يتعلق بالمادة 28، لأنها امتداد صريح لما كان يفعله النظام السابق فى وضع مثل هذه النصوص القانونية لتدعيم فكرة توريث جمال مبارك.
 
■ ما هو السبب الثانى لاعتذارك عن الإشراف؟
 
ــ وجود قاض لكل 5 أو 6 صناديق طبقًا لتصريحات اللجنة حتى الخميس 17 مايو الماضى، ولا يصح هذا، وفى المؤتمر الصحفى الذى عقد السبت 19 مايو أعلنت لجنة الرئاسة وجود قاض لكل صندوق بعد تقدمى للاعتذار رسميًا بـ16 يومًا فى تاريخ 3 مايو 2012 ويبدو أنه تأخر فى الوصول للجنة حتى تداركت الأمور مؤخرًا.. ورغم رضائى عن قرار اللجنة الأخير، إلا أننى كقاض متخصص أعلم أن ما قيل من تحديد قاض لكل صندوق هو ظاهرى فقط لأن كل قاض له 5 أو 6 صناديق، كما كان سابقًا ولكن يشرف على واحد تلو الآخر.. ففى عام 2000 كان متوسط الصندوق فى اللجنة الواحدة من 700 إلى ألف صوت انتخابي، وبالتالى 5 آلاف صوت للجنة التى بها قاض واحد.
 
■ هل أعداد القضاة غير كافية بالمقارنة لأعداد الصناديق فى اللجان العامة والفرعية؟
 
ــ فى 2005 وأثناء نظام مبارك كان القاضى يشرف على صندوق واحد، إلا أن عدد الأصوات اختلف وكذلك أعداد القضاة، ولكن علينا أن نحسب زيادة عدد الأصوات مع وجود وفيات، فاعتقد أنه كان من الممكن الوصول باللجنة من ألف إلى 1500 صوت فقط على الأكثر، وأعتقد أن لجنة الانتخابات الرئاسية حصلت على المعلومات الخاصة بالأصوات فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة وطورت فيها وبدأت تعمل على أساسها، ولم يكن هناك وقت لتدارك تحديد أعداد الأصوات فى اللجان، ولذلك فإن الحل الأخير بتحديد قاض لكل صندوق هو حل مقبول، وكنت أتمنى أن تعطى اللجنة اعتبارًا للقاضى عمرو جمعة الذى كان سببًا فى قرارها الأخير.
 
■ هل هناك أسباب أخرى لاعتذارك؟
 
ــ بالفعل لأن هناك خروقات كثيرة جدًا فى الدعاية الانتخابية وتعاملت معها اللجنة بإجراءات غير صارمة.. فهناك دعاية انتخابية فى المساجد والكنائس لأن الأولى تدعم التيار الإسلامى وتمنحه تفوقًا عن المرشحين، وفى الكنيسة الدعم للتيار الليبرالى، ومن بين المخالفات عدم معرفة مصادر التمويل لحملات المرشحين وميزانياتهم أيضًا.
 
■ يقول المرشحون إنهم لم يصلوا لسقف الدعاية الانتخابية لأن المتطوعين فى حملاتهم ومؤيديهم فى القاهرة والمحافظات ينفقون من مالهم الخاص وهو ما لم يحسب ضمن ميزانيات الدعاية الخاصة بهم؟
 
ــ المنطقى فى أى بلد ديمقراطى متقدم أن يحدد حساب خاص فى البنك ومن يرد أن ينفق من جيبه يتبرع لهذا الحساب لكن هذا لم يحدث مما يعيق عملية ضبط سقف الدعاية الحقيقى للمرشحين.
 
■ المادة 28 من الإعلان الدستورى حصنت قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن عليها ومع ذلك كثرت الطعون على قراراتها فى الفترة الأخيرة.. فما تفسيرك؟
 
ــ قرارات اللجنة إدارية وبالتالى يجوز الطعن عليها ولكن المادة 28 حصنت القرارات.
 
■ لكن البعض يعتبرها قرارات قضائية وليست إدارية وبالتالى لا يجوز الطعن عليها؟
 
ــ النص الدستورى لم يحسم كونها قضائية أو إدارية، وهى اجتهادات وآراء للمتخصصين.
 
■ من المستفيد من تقديم تلك الطعون؟ خاصة أن البعض يقول إن المستفيدين هم الفلول من أجل تعطيل انتخابات الرئاسة ومن ثم تسليم السلطة لرئيس مدنى قبل 30 يونيو المقبل؟
 
ــ القانون يقول إن كل من له مصلحة فى الطعن أن يتقدم به أمام قاضيه الطبيعى، والمحكمة عليها تحديد هل الطعن مقبول أم لا، والمشكلة هنا ليست فى اللجنة ولكنها فى النص الدستورى الذى يتطابق مع المادة 76 من الدستور السابق لسنة 1971 التى تتعارض مع أى نص آخر كان يعرقل ترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية، ولذلك فإن المادة 28 قنبلة موقوتة.
 
■ أعمال العنف والتخريب والتدمير والاعتصامات التى وقعت قبل الانتخابات هل من شأنها تأخير المسار الديمقراطى وتسليم السلطة؟
 
ــ الاعتصام نفسه حق مشروع لكل مواطن طالما لا يضر بالأمن العام أو المرافق العامة، ولكن ما حدث من أعمال للشغب كان ذلك من قبل البلطجية وليس المواطنين، وأعتقد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سوف يسلم السلطة قبل 30 يونيو.
 
■ كيف تقرأ الوضع السياسى العام فى مصر حاليًا من جهة الأحزاب؟
 
ــ يجب أن نفرق بين الأحزاب الموجودة قبل الثورة التى أنشئت بعدها، فالسابقة عنها كانت تقوم بدور رئيسى فى طاولة الاجتماعات السياسية فى مصر وكان لها دور معارض بمعنى الكلمة، وكان نظام مبارك يسمح لهم بالتحدث بحرية ولكن كانت هناك خطوط حمراء لا يجب تجاوزها، ولم يكن لتلك الأحزاب دور بعد الثورة.. أما الأحزاب التى نشأت بعد الثورة لم تختبر حتى الآن بشكل فعلى باستثناء الإسلامى منها، والتى كانت لها أرضية كبيرة منذ الثورة.
 
■ لماذا لم تمثل الائتلافات الثورية والشباب الذين قامت الثورة على أكتافهم فى لجنة الدستور المنحلة ولم يترشح أحدهم للرئاسة؟
 
ــ يسأل فى ذلك البرلمان، وكان من المفترض أن تضم لجنة الدستور عددًا مناسبًا من الشباب فهى تعد دستورًا لسنوات طويلة مقبلة وليس لعام أو اثنين، ولم يترشح أحدهم للرئاسة لأن أغلب شباب الثورة لم يكونوا سياسيين من الأساس، وخرجوا لهدف التغيير نفسه، ولم يكن فى طموحهم أى مناصب سياسية.
 
■ ماذا عن حالة الحراك حول الدستور المصرى؟
 
ــ أعتقد أن الدستور المصرى بالشكل الذى عرض مؤخرًا للجنة التأسيسية التى ستضم 20 أو 30٪ من الأعضاء سيكون محل شد وجذب بقدر كبير، فإنه تم تحديد كوتة لأعضاء أى أن تضم اللجنة عددًا من الأعضاء عن القضاة والهيئات القضائية والنقابات وخلافه، بينما لا يصبح نظام الكوتة مع فكرة وضع الدستور، ونحتاج لعدد من الخبراء القانونيين لصياغة الدستور، إضافة إلى حلم فئات الشعب بتعديل بعض النصوص، وهنا المشكلة أن أغلبية الشعب يختصر الدستور فى المادة الثانية منه ونظام الحكم واختيار الرئيس وهل البرلمان مجلسان أم واحد.. فهناك نصوص كثيرة خلاف ذلك.
 
■ ما أهم المتطلبات التى يجب أن تراعى فى الدستور الجديد؟
 
ــ أهمها الوقوف على نظام الدولة الرئيسى هل هو برلمانى أم رئاسية أم مختلط من برلمانى ورئاسى.. وضرورة مراعاة مبدأ استقلال السلطة القضائية فهى ضمن 3 سلطات تقوم عليها الدولة ووضع معايير لهذا الاستقلال وعدم ترك الأمور هباءً للبرلمان للتلاعب بقوانين السلطة القضائية ولنا فى مشروع قانون المحكمة الدستورية العليا أبرز مثال.. ويجب أن يركز الدستور الجديد على مجال الحريات وفكرة المواءمة والتعايش بين المسلمين والمسيحيين.. وتحديد دور القوات المسلحة المصرية وكيفية الرقابة على أعمالها المالية والفنية، فنحن دولة قانونية ولا يصح أن أنأى بالرقابة على جهة معينة.
 
■ المجلس الأعلى للقوات المسلحة وافق على لجنة ميزانيات الجيش ولكن من خلال لجنة الدفاع والأمن القومى بالبرلمان على أن يكون ذلك فى طى السرية والكتمان وغير معلن على الملأ حفاظًا على عدم المساس بالأمن القومى.. ما تعليقك؟
 
ــ فكرة الإعلان قد تكون غير ضرورية فى بعض الحالات، وأنا كمواطن من الشعب لا يهمنى أن أعرف ميزانية القوات المسلحة أو تفصيلاتها لكن البرلمان المنتخب يعلم ذلك فى إطار ضيق، والمهم هو وجود رقابة على الميزانية وكيفية صرفها.
 
■ سلطات الرئيس القادم فى الدستور.. كيف تقرؤها؟
 
ــ هذا على حسب نظام الحكم هل سيكون برلمانيًا أم رئاسيًا، ولا يستطيع أحد تحديدها حاليًا، وفى توقعى أن لجنة الدستور لو استمرت على المنهج الشائع الحالى فإنها ستسعى لوجود نظام حكم برلمانى.
 
■ ما رأيك فى تباطؤ محاكمات مبارك وأعوانه وعدم إصدار الأحكام بشأنهم حتى الآن؟
 
ــ هذا عمل المحكمة وهى التى تسأل عنها فقد تكون مستندات القضايا أو متطلبات المرافعات تستحق تلك الفقرة، وكنت أتمنى كقاض مصرى وكمواطن من الشعب ألا يتم مد أجل آخر للحكم فى قضية مبارك بعد موعد الجلسة المحددة فى بداية يونيو المقبل.
 
■ كتبت قصيدة وسط ميدان التحرير مع بدء الثورة طالبت فيها الحكام والملوك العرب بالتنحى عن السلطة ماذا عنها؟
 
ــ كتبتها يوم 29 يناير موجهة إلى مبارك بالتحديد وكان مطلعها «ارحل».
 
■ ما مصير أموال مصر المهربة والمنهوبة خارج مصر؟ وما الطريق القانونى لاستعادتها؟
 
ــ لابد من وجود أحكام قضائية نهائية فى تلك الدول بإعادة الأموال ونجحت الحكومة المصرية فى استرجاع بعض أموال حسين سالم من إسبانيا، وأعتقد أن أمامنا فترة طويلة للحصول على تلك الأحكام، والاتفاقيات الدولية بين مصر والدول الأخرى تنص على ضرورة وجود أحكام قضائية نهائية أولا كشرط لاستعادة الأموال.
 
■ ما سبب تأخر الحكومة المصرية فى رفع القضايا فى تلك الدول وطلب استصدار الأحكام بشأن الأموال المصرية المهربة فيها؟
 
ــ هناك إجراءات يتم اتباعها بالفعل لاستعادة الأموال.
 
■ ما تقييمك لملف الفتنة الطائفية فى مصر ونظرية اضطهاد الأقباط؟
 
ــ لا توجد فتنة طائفية بعد الثورة، ونظرية الاضطهاد الأقباط هى فكرة كان يروجها نظام مبارك قبل الثورة وكان يخلق البيئة الصالحة لذلك.
 
■ ما تقييمك للملف الأمنى بعد الثورة؟
 
ــ لا وجود للأمن المصرى بعد الثورة.
 
■ ما نهاية حالة الغليان التى يعانى منها الشعب المصرى؟
 
ــ أعتقد أن ما يعانيه الشعب حاليًا هو أمر طبيعى يعقب كل الثورات فى العالم، وأنا غير قلق من هذا وسوف تنتهى حالة الغليان بعد استقرار مؤسسات الدولة.