الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

جميل شفيق يقدم 31 عملا نحتيا و13 لوحة فى «طرح البحر»




كتبت- سوزى شكرى
 
تجربه فنية جمالية استكشافية بدأها الفنان التشكيلى جميل شفيق من عدة سنوات تحت عنوان «طرح البحر» ولازال يكملها من خلال معرضه المقام بقاعه جاليرى مصر الذى عرض فيه 31 عملاً نحتياً خشبياً و13 لوحه فنية تشكيلية بالأبيض والأسود، ترك القاهرة وجلس على شاطئ البحر ينتظر عطاء البحر، وبين الحين والحين يسير لمسافات طويلة على الشاطئ ينصت الى وشوشه الاصداف، ويبحث عن سر من اسرار البحر، و كما يقول شفيق: الطبيعة هى العمل الفنى الاول الذى لا يتوقف عطاؤه، وان الجمال الفنى ما هو إلا انعكاس للجمال الطبيعى وانه لا يوجد شىء فى الفن لم يكن موجوداً من قبل فى الطبيعة.

«طرح البحر» هو هذا الحوار الإيجابى بين الفنان شفيق والبحر، يتحاور الفنان نحتياً مع ما يطرحه البحر وتقذفه الأمواج على الشاطئ نتيجة المد والجزر من قطع أخشاب متناثرة غير معلومة المصدر تكون من بقايا مراكب قديمة دمرت بفعل حروب مثلاً أو صناديق الخشبية الخاصة بالصيادين او فروع الاشجار التى سقطت واخذتها الامواج ثم اعادتها الامواج مرة اخرى الى الشاطئ، فهذه الفروع اصبحت تحمل اسراراً كثيرة عرفتها اثناء رحلتها من الشاطئ الى قاع البحر ثم عودتها الى الشاطئ مرة أخرى.

هذا الطرح من العناصر يحمل اسراراً لا يعرفها إلا أصحابها ومن هم أصحابها لا نعلم؟ وبداخل القطع حفرت ذكريات ونصوص بشرية وربما حكايات وأساطير لفترة تاريخية مجهولة، هذا الطرح يتلقاه الفنان ويعيد صياغته وتجميعه فنياً بحسب ما يتراءى له وجدانياً وذايتاً، ويتأمل ما بداخل كل قطعة من تأثيرات ملمسية ولا يتدخل الفنان فى محو هذه التأثيرات بحجة تعدلها مثلا، وحتى الشحوم الموجودة فى الخامة بفعل عوامل جوية احتفظ بها كما هى الى حد ما، حتى لا يفقدها قيمتها التاريخية، لان قيمتها فى هذه التأثيرات الخشنة والناعمة والتلف والتآكل والكتابات المحفورة التى تقترب من لغات يصعب فك رموزها، هذه الكتابات تؤكد وجود فعل بشرى كان يوما ما يتعايش مع هذه القطعه، لانها ربما  تكون حطام سفنية حربية او سفينة صيد او قوارب، واحتفظت الفنانة بالخامات بلونها البنى الطبيعى. ولا ينحت الفنان شكلاً جديد فى الخامات المطروحة من البحر، ولا يقطع منها إلإ بحدز محسوب، بل يستنتج ويستلهم من هذا الطرح اشكالاً تقترب من العناصر الآدمية الرجل المرأة الخيول الطيور الحيوانات بحركاتها واشكالها المتنوعه والاسماك باختلاف صفاتها، يستخدم الفنان فقط الازميل بحثا عما تخفيه القطعة بين خطوطها واليافها، الى ان تصبح القطع اشكالاً نحتياً تحمل فعلاً جمالياً غير مقصود، هو فعل جمالى قصدته الطبيعة قبل الفنان، وكأن البحر هو من قام بنحت الاشكال ويمكن ان نطلق على منحونات شفيق انها «منحوتات البحر»، جاءت المنحونات تركيبه منها الاشكال المجسمة كونت كتله متماسكة،  ومنها اشكال نحتية مفرغه، اخرج الفنان الخامة من صلابتها  ومن صمتها، المنحوتات  اقرب الى التجريديه والتعبيرية  والفكر السريالى الحالم وابعاد رمزية، وبها العديد من المبالغة الجمالية التى صنعتها الطبيعة واصقلها الفنان برؤيته.

لم تخرج اللوحات التصويرية التى عرضها الفنان شفيق بمعرضة عن موضوع طرح البحر، ولكنه طرح آخر اختلفت فيه الخامة والتقنية والمعالجه ولكن لم يختلف الموضوع الفنى الفلسفى، طرح له البحر فناً تشكيلياً كما طرح نحتاً،  مجموعات لوحات نفذها بالريشة وباللونين الابيض والاسود، هذه اللوحات تمثل بصمة وخصوصية انفرد بها الفنان على مدى مشواره الفنى الطويل، تنوعت الموضوعات بين العلاقة المعقدة بين القطة والسمك وبين الحصان والمرأة بين المرأة والخيل، والمرأة الايقونية التراثية التى تحكى تراثاُ، المرأة المصرية والمرأة الفرعونية التى أعطاها صفة السكون والسلام الداخلى، ورغم انها لوحات تصويرية إلإ ان الفنان باسلوبه الفنى والتقنى جعل اللوحات ايضا قادمة بنصوص بشرية من قاع البحر كتبت على الامواج وقرأها الفنان، وبهذا جمع الفنان شفيق فى معرضه بين العمل التصويرى والعمل النحتى واصبح صياد الجمال.