الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أحمد عبدالمنعم: الواقع الثقافى كحال بلدنا يمر بمرحلة انتقالية حرجة




بكتابة تقترب من الفانتازيا والخيال يطل علينا الكاتب أحمد عبد المنعم رمضان بمجموعته القصصية الأولى «فى مواجهة شون كونرى»، ويقدم عبد المنعم الذى صدر كتابه الأول، رواية (رائحة مولانا) عام 2012 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، فى مجموعته القصصية الجديدة محاولات لإيجاد إجابات لأسئلة وجودية وأخرى خيالية، وتجد كذلك بها تعرفات جديدة لمسلمات من الحياة كالشمس والقمر والرياح تعبر عن مجتمع يحاول جاهدا أن يكسر ملامح رتيبة وقاسية لمفردات حياته اليومية بطرق أكثر فنتازيا.
■ لماذا اخترت هذا العنوان بالتحديد والذى يتضمن اسم شون كونرى؟
- فى فترة إعداد المجموعة كنت حائرا بين اسمى (فى مواجهة شون كونرى) و(أهمية أن تكون وقحا)، وكل منهما اسم لقصة من قصص المجموعة العشرين. ولكنى تبينت أن الشىء الجاذب الوحيد فى اسم (أهمية أن تكون وقحا) هو غرابة الاسم وما بالجملة من حكمة ساخرة، ولكنه فى الحقيقة اسم لا يعبر عن محتوى المجموعة أو روحها.أما (فى مواجهة شون كونرى)، فإضافة لقرب القصة لنفسى، فباسمها أيضا ما يعبر عن عنصر متكرر بقصص المجموعة، فبالقصة المذكورة يرى البطل مديره على هيئة شون كونرى، شون كونرى عجوزا، بملامحه الجامدة التقليدية الكلاسيكية، ممارسا استبداده كمدير على موظفيه، فينتفض الموظف لمواجهته. عملية مواجهة شون كونرى متكررة بعدد من قصص المجموعة، كما أن تلك المواجهة تعبر عن حالة مجتمع بأكمله يسعى جاهدا لكسر صور شون كونرى التقليدية المنتشرة بكل مكان ليستبدلها بصور أخرى غير مألوفة وأقرب إلى نفسه.
كذلك كان لولعى بالسينما وعوالمها السحرية دورا فى اختيار الاسم السابق، فاستخدام بعض المشاهد السينمائية أو الأبطال السينمائيين بقصصى من الصيغ المتكررة فى كتابتى.
■ كيف راودتك أفكار قصص المجموعة؟
- كتبت القصص المنشورة بالمجموعة على مدار فترة زمنية طويلة ممتدة بين عام 2007 وحتى أواخر عام 2012، وكان لكل قصة ظرفها الخاص وإحساسها المتفرد. فبالتأكيد أن أحوال شخصية وعامة تؤثر سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فى أجواء القصص وخيالاتها، فمثلا أذكر أننى كتبت قصة (فى مواجهة شون كونرى) نفسها على مكتبى بالوحدة الصحية الحكومية التى كنت أعمل بها بوقتها، حيث تأثرت بشعورى أنه بات ضروريا علىّ التمرد على هذا العالم الروتينى الممل والخروج من دائرة هذه الحياة النمطية السخيفة، فتجسدت مشاعرى فى تلك القصة. وكذلك تأثرت فى كتابة بعض القصص بالوضع السياسى المختنق وانعكست عليها مشاعرى فى شكل غضب وتطلع ويأس أيضا ببعض الأحيان.
■ كيف ترى رقصة التانجو حيث من الواضح انها تشكل لك فلسفة ما؟
- لدىّ اعتقاد راسخ أن الشعوب اللاتينية عموما هم الأمهر فى فن ممارسة الحياة والأكثر قدرة على الاستمتاع بها، وأنهم صناع البهجة وممتلكيها، وينعكس ذلك فى ألوان مختلفة من الفنون، خاصة الموسيقى والكتابة والرقص. وقد اتخذت من رقصة التانجو الأرجنتينية مثالا على فن الاستمتاع بالحياة، فرقصة التانجو يؤديها راقصان أو أكثر بانسجام كامل وتناغم تام، ودون هذا الانسجام ستفسد الرقصة.. فهى على الرغم من متعتها وجمالها إلا أنها معقدة وتعتمد على الإحساس والتجانس مع الآخرين. وهو ما حاولت التعبير عنه فى قصة رقصة تانجو التى تتصدر المجموعة.
■ إلى أى مدى استخدمت الفانتازيا والخيال فى المجموعة وكيف ساعد على توضيح فكرتك؟
- بالرغم من أن روايتى الأولى (رائحة مولانا) دارت بأجواء أسطورية غير تقليدية، إلا أننى لم أكن راضيا تماما عن مساحات الخيال بالرواية، ووددت لو اتسعت الرواية لمزيد من الفانتازيا ولكنى خشيت على البناء الروائى من الترهل. ولذلك فعند إعدادى لمجموعة ( فى مواجهة شون كونرى)، حاولت أن أفرد مساحة كبيرة للقصص الخيالية وأن أعبر من خلالها عن عالمى الخاص الذى أفضله. وكذلك فقد وضعت باعتبارى أن ابتعد قدر الإمكان عن القصص الواقعية والسياسية، حتى لا تلتصق بى صورة الكاتب السياسى بعد رواية رائحة مولانا وما بها من أفكار سياسية.
■ هل تعتقد أن الخيال والفانتازيا يمكن أن يغيرا من الواقع ومن الناس؟
- لست متأكدا أن مهمة الكاتب القصصى أو الروائى هى تغيير الواقع، الكاتب الجيد يستطيع أن يشرك قرائه فى رؤية العالم من زواياه الخاصة، الكاتب المتميز يصطحب القارئ معه إلى أماكن جديدة لينظروا إلى العالم من خلالها معا، قد يؤثر ذلك فى زاوية رؤية القارئ للعالم بباقى نواحى حياته، وقد لا يؤثر، هذا لا يهم كثيرا، الأهم أن القارئ رأى العالم بعين شخص آخر للحظات، وهو ما يساهم دائما فى توسيع مجال رؤيته حتى ولو ظل القارئ محتفظا بزاويته الأولى دون تغيير.  
أنا أؤمن أن الخيال والفانتازيا هم الأكثر قدرة على تنشيط العقول والأنفس كذلك، والأقدر على فتح مجالات الرؤية، كما أن تلك الطريقة بالكتابة هى الأمتع بالنسبة لى ككاتب أيضا.
■ ما التأثير الذى ترجوه من وراء المجموعة؟
- أتمنى بمجموعتى أن آخذ القارئ معى برحلة بعيدة عن حياتنا بكل تعقيداتها وقسوتها لعالم مختلف لا يخلو من انعكاسات حياتنا عليه.
لا أتوقع من أى قصة أو رواية أن تغير من شكل الكون، فقط أتمنى أن يستمتع بها القراء، وأن تكون قادرة على رسم لوحة فنية جميلة تثبت بعقل القارئ، ولا تزول بنهاية القراءة، وأن تساهم بشكل أو بآخر فى حسم المعركة المستعرة بين الفن والجمال ضد القبح والسوقية الأخذين فى الانتشار، معركة د. مفيد أبو الغار ضد فضة المعداوى المستمرة.
■ كيف ترى الواقع الثقافى فى ظل حالة الشتات الحادثة؟
- الواقع الثقافى حاله حال كل واقع ببلدنا، يمر بمرحلة انتقالية حرجة، فعلى المستوى الرسمى انتقلت الوزارة إلى سابق عهدها مرة أخرى، وعلى المستوى الخاص بات سوق الكتاب والنشر بأزمة، أما على مستوى الكتابة فأظن أن إنجازعمل فتى كبير فى ظل هذا الضغط العصبى والنفسى والمادى أصبح أمرا أكثر صعوبة من ذى قبل. ولكنى أمل أن السنين القليلة القادمة قد تحمل لنا تغييرا حقيقا بكل مجالات الحياة، بما فيها الثقافة.
■ كتبت الرواية ثم القصة هل تؤمن بتخصص الكاتب فى نوع ادبى معين؟
- فى الواقع إن كثيرا من القصص المتضمنة بالمجموعة قد كتبت أثناء فترة كتابة الرواية، فالأمر تم بشكل متواز..
 أرى أن على الكاتب أن يتنوع بين الأشكال المختلفة حتى لا يظل حبيس شكل واحد وينجر إلى التكرار، فالأديب يحتاج أحيانا إلى هذا التنوع حتى لا يفقد الشغف. فى الأغلب يتميز كل كاتب فى نوع أدبى معين عن غيره من الأنواع، ولكن هذا لا يجب أن يمنعنا من التجريب واكتشاف أراض جديدة، ففى الأغلب الفكرة هى التى تفرض الشكل الأدبى وتستدعيه، سواء قصة أو رواية أو مسرح.