الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«لوحات لها تاريخ» فى معرض محمد صبرى الاستعادى




كتبت- سوزى شكرى

رائد فن الباستيل فى مصرالفنان محمد صبرى من مواليد القاهرة 1917 يعرض بقاعة «المسار» معرضة الاستيعادى، الذى يمثل متحفا مفتوحا حيث قام الفنان بتوثيق قاهرة المعز تشكيليا وبصرياً، وثق مصر التى عاشقها وسكنت بين ألوانه ولوحاته.

اللوحات أنتجها الفنان على مدى سنوات مشواره الفنى منها إنتاج الاربعينيات والخمسينيات والستينيات والسبعينات، لوحات تحكى وتجسد تاريخ القاهرة القديمة بتراثها ومبانيها المعمارية التى تحمل طرز اسلامية وقبطية، ويجسد ايضا عادات وتقاليد الريف المصرى فى النوبة والأقصر والقرنة، تقاليد الإحياء الشعبية، والعديد من المشاهد النيلية لمحافظات مصر، ولوحات عن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر اثناء إلقاء خطاباته فى مجلس الشعب، لوحات تصويرية بعضها بالباستيل والبعض الآخر بالألوان الزيتية تتميز هذه الأعمال قيمة فنية وجمالية وإنسانية فهى لوحات لها تاريخ وتاريخ فى لوحات.  يصف الفنان قاهرة المعز بشكل تشكيلى وتقنى وفنى من عناصر إنسانية ومبانى لها تاريخ مثل شوارع بمصر القديمة، جامع جوهر، وجامع سيدى أبوحجاج، وجامع بيبرس، باب زويلة ومجموعة من الشوارع المتفردة فى بصمتها مثل الجمالية، والغورية والحمزاوى الصغير وشارع تحت الربع وغيرها. ومجموعة لوحات عن القرية مثل لوحة الغسيل فى القرية والفلاحات يسرن فى تتابع إلى النيل، ومراكب الصيد واسوان والنيل والجبل الذى يقع على النيل، كل هذه المشاهد المصرية الصميمة تؤكد أنه صاحب هوية مصرية اختزنها فى مخزونه البصرى ولا يمحوها الزمن، بالإضافة لهويته الفنية التشكيلية المتفردة جدا.

الجانب الفنى والتقنى والابداعى فى أعمال الفنان محمد صبرى هى اهتمامه بالظل بالنور والأبعاد وايقاعات الحركة للشخصيات، فمن الاضاءة نستطيع تحدد زمن المشهد واللقطة وشخصية المكان نجد ان ساعات الغروب تختلف فى درجات اللون عن درجات اللون للحظات الفجر، فاختار الفنان لاغلبية الموضوعات ان تتواجد فيها ضوء الشمس المصرية، والتى لم نعد نرى تاثيرها على المكان إلا فى ريف مصر.

ومن الضوء انبعثت شخصيات العمل الفنى فى لوحات صبرى والضوء هو الذى يظلل ويحتضن العناصر باختلافها من عناصر إنسانية ومبانى، لذلك تشبعت العناصر بالألوان والأضواء والظلال والمنظور والأبعاد والتكوينات البنائية والمعمارية، واتخذ من الضوء عنصرا جوهريا له قيمته الجمالية والفلسفية مؤكدا العلاقة المتشابكة والمتماسكة بين درجات الغامق والفاتح داخل حدود اللوحة إلى ان ينتهى البصر، لم يقصد الفنان الحسبة الاكاديمية لتوزيع الاضاءة بل قصد ان الشخصيات والعناصر هى من تمسك بالضوء وتخفى ما تخفيه وتظهر ما تظهره، بذلك حسم صراعات الدرجات اللونية وما بينهما من مناطق معتمة ومناطق مضيئة، وان وجود العناصر اى كان مبانى او اشخاصا هى المتحكمة فى توزيع الضوء وليس الضوء هو الحاكم، ورغم وجود الإضاءه فإن اللوحات درامية المضمون لأن العديد من هذه المشاهد واللقطات التاريخية اندثرت بفعل التغير الطبيعى للقاهرة والريف المصرى، ورغم أن الفنان رسمها من سنوات عديدة إلا أنه يبدو كان يشعر ان هذة المشاهد سوف تتعرض للاندثار فوجب عليه كفنان الحافظ عليها وتوثقها. اتبع الفنان الواقعية فى المعالجة التشكيلية فى العناصر الإنسانية والجانب المعمارى والزخارف المعمارية التى تصف صفات المكان، وان اتباعه لمذهب الواقعية التأثيرية ابدع فيه بتقيتيه العالية والمتفردة سواء الباستيل أو الألوان الزيتية خاطب الفنان الوجدان الجمعى المصرى فى عشق القاهرة القديمة بتراثها وحضاراتها، كما دعى الفنان من خلال معارضة الدائمة بالعودة إلى الهوية المكانية والتراثية ونتذكر الماضى من خلال التوثيق التشكيلى.