الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رضا عبد السلام: «الأعلى للثقافة» يكرس المركزية ولا يفيد المقيمين بالقاهرة




كتبت- سوزى شكرى
دائما يفاجأ المتلقى بأعمال فنية تستدعى التأمل والحيرة، مما يصعب من قراءتها من أول نظرة، مما جعل للغموض فى قراءتها قيمة تضاف للقيم الفنية والجمالية والفلسفية، إنه الفنان الدكتور رضا عبدالسلام الذى يقدم معرضه الشخصى رقم 37، هو عاشق التجريب والبحث ورافض النمطية والتقليدية بدأ من الاسلوب الفنى والموضوع والتقنية وعنوان المعرض فقد اختار لمعرضه الشخصى الجديد  المقام  بقاعة الباب بمتحف الفن الحديث عنوان «الركض خلف الأوهام والأفكار والأحلام”، عرض أربعين قطعة فنية نحتية، وعشرين لوحة تصويرية.
 

عنوان المعرض يحمل تساؤلات، هل يوجد فى الأحلام والأوهام ما يستدعى أن يركض خلفه الفنان ويقوم بترجمته فنياً وتشكيلياً ونحتياً؟ تحاورنا مع الفنان رضا عبد السلام حول تجربته الفنية الجديدة، وحول عدة قضايا مطروحة على الساحة منها أداء كل من وزارة الثقافة ونقابة التشكيليين وقصور الثقافة وحرية التعبير الفنى وغيرها.. فإلى نص الحوار.

عنوان معرضك “الركض وراء الأوهام والأفكار والأحلام” حدثنا عن اختيار لهذا العنوان؟

فى البدايه أقول إننى قررت ألا أعرض انتاجى خلال سنوات الثورة المصرية التى بدأت من يناير 2011 إلى الآن، ولكني أعرض الآن جانبا من أعمالى التى أنجزتها ما بين عام 2005 إلى عام 2010، وهى مجموعة من اللوحات التصويرية والتشكيلات النحتية، وهدفى إتاحة الفرصة للمتلقى للتعرف على مجال آخر لم يتعود على رؤيته خلال مسيرتى الفنية كمصور.

“الركض خلف الأوهام والافكار والاحلام” ربما يكون عنواناً طويلاً إلى حد ما،  لكن له دلالات كثيرة، العنوان هو مفتاح يساعد الملتقى لقراءة الاعمال وفهمها، انا لم اختر عنوانا مسبقا للمعرض، ولا احدد موضوعات مسبقة للوحات، ولا احضر رسوما تحضيرية سابقة، ولا أضع قيدا على الشكل الفنى وتقنياته وتوجهاته، بل أفسح المجال لإنعاش الذاكرة والتجريب والبحث، وهذا يؤكد ان البطل الرئيسى فى اعمالى سواء التصويرية أو النحتية هو الفعل الفنى اللحظى والتجريب، واتعامل مباشرة مع مسطح اللوحة.

ماذا وجدت كفنان حين ركضت خلف الأوهام والأفكار والأحلام؟ حدثنا عن هذا العالم وعن المنتج الفنى التشكيلى؟

الاستجابة لكل ما هو قادم من اللاشعور حيث الاحلام والاوهام ربما  تكون نزعةه ذاتية، لكنها اسفرت عن اشكال فنية وتشكيلية ونحتية ومضامين غير تقليدية وخصائص فنية تحاور العين والقلب فى لحظة واحدة، تعاملت مع الاوهام باعتبارها رصيدا وتراكمات ومخزونا بصريا ثرىا، ومنه نكتشف ونكشف عما بعالمنا اللامرئى، ومن هذا العالم تأتى كل الاعمال الفنية بكل مجالاتها، لان الفن اساساً “وهم” واننا باعمالنا الفنية نجعل اللامرئى مرئيا.

عالمى او ما يشغلنى الذى اكتشفته بالفعل الفنى هو العشوائيات والفوضى الموجودة فى مصر بشكل عام، وهذه الفوضى مثير ومرجعية متاحة فى اللا وعى وفى الذاكرة البصرية وأكيد لها أبعاد واقعية، خلق جماليات من فوضى تشكل حافزا يدفعنى للتعبير عنه، ولا أنسى اننى من ابناء بيئة ساحلية من مدينة السويس، وبالتأكيد امتلك مخزونا من الاجواء الطبيعية الساحلية ومفردات البحر والافق والفراغ، ويظهر كل ذلك تلقائيا فى اعمالى، وعوالم أخرى فى اعمالى ترتد الى عوالم خلجات التأملات الفكرية والمعايشة الوجدانية لأمور الحياه المتوترة.

لوحاتك يبدو فيها ثلاث صفات مميزة (البناء الهندسى - ندرة وجود العنصر الإنسانى - الألوان المبهجة الصريحة) حدثنا عن هذه الصفات؟

يستهوينى جدا شكل المربع كمساحة هندسية وفضاء للركض عليه وشغله بالالوان والتمثيلات الشكلية والرمزية، وهذا الفضاء الرحب يتسع للعديد من التصورات والافكار والارتجالات اللا شعورية، والصياغة ذات البعد البنائى الهندسى يتشكل بطريقه عفوية دون تحديد مسبق.

العنصر البشرى موجود بحذر، ولكن ايضا موجود رموز فرعونية وطيور ومنظور وفراغ ومراكب صيد، وان التعبير عن البيئه المرتبكة والعشوائيات هى البطل الرئيسى  فى لوحاتى فلست فى حاجة الى وضع العنصر البشرى فى كل عمل، ورغم انى شخص بطبيعتى مائل للحزن من كثرة معاناتى الحياتية، الالوان المبهجة الصريحة والمساحات اللونية لم تاتى عكس شخصيتى ووجدانى، بل جاءت متوزانة وتكاملية ومتناغمة وتشع بطاقة وبالحيوية وبالدينامكية، وهذا هو الفنان يبعث الجمال حتى هو متألم، الفنون كلها مقاومة للواقع، فأنا عشت على الجبهة من عام 67 الى عام 1971 ورأيت العديد من المواقف.

أعمالك النحتية المعروضة تشكيلات نحتية مجمعة ومركبة من خامات مستهلكة وسابقة التجهيز، حدثنا عن هذه التجربة؟

تجربتى النحتية بدأتها من عام 2005، من خلال هذا المنتج الفنى اقدم طرحا فنيا للاعمال المجسمة والتشكيلات النحتية وحلول وتصورات لمفهوم للعمل الميدانى والنصب التذكارى، لا بد ان تخرج من المفاهيم السابقة لقاعدة التمثال فى الميادين، الاعمال التى قدمتها كلها صغيرة الحجم وتصلح ان تنفذ باحجام كبيرة وتصبح عملا فنيا نحتيا فى ميدان عام أو حديقة او طريق سريع أو تصميماً معمارياً لمتحف معاصر أو بيت من بيوت المسرح والموسيقى.

وتصلح هذه القطع أيضا أن تنفذ كقاعدة يمكن أن يضع عليها تمثالا كلاسيكيا، وتوصلت الى الحلول والتصورات بعد الانتهاء من تجميع القطع، التى بدت أمامى انها أعمال ميدانية معاصرة، وبالتالى فقد أخذت العمل النحتى الى ركن جديد وحلم متجدد، لإخرج اللاوعى البناء المعمارى والهندسى نحتيا كما أخرجه تشكيليا.

استخدمت خامات وعناصر معظمها مستعمل وهالك وجاهز التصنيع واشياء نطلق عليها خردة أو عديمة النفع، وثمة رابط بين العناصر المستهلكة هو «الفورم» والديناميكة واللون والاتزان والتعبيرية.

واشد ما يثير فضولى واعجابى أن لتلك الاشياء المستعملة جمال فى الشكل والتصميم والصناعة فإعادة تدويرها وفق مبدأ “الجمالية النفعية” وليس بمفهوم  الانتاج بالجملة وبيعها فى الاسواق، أنجزت أربعين قطعة نحتية.

هل تتدخل وزارة الثقافة فى قرارات المجلس الأعلى للثقافة؟

قديما كان فاروق حسنى يتدخل فى أسماء المرشحين لجوائز الدولة، لا أشعر اليوم بوجود تدخل من وزارة الثقافة على قرارات المجلس فيما يخص لجنة الفنون التشكيلية، المجلس له سياسيات وحريات يستخدمها بكل الطرق المسموح بها، لكن فكرة المجلس الاعلى للثقافة بصفة عامة تكرس مفهوم المركزية، ولا يفيد المحافظات ولا الأقاليم، بل لا يفيد حتى من هم بالقاهرة، لابد من أن إعادة صياغة برامج واستراتيجيات لكل الفعاليات وليخرج المجلس من المركزية.

ولكن الاهم تتداخل وتشابهه وتشابك الاختصاصات والفعاليات بقطاعات الوزراة فيما يخص بالفن التشكيلي امثال قطاع الفنون التشكيلية، وصندوق التنمية الثقافية، وهيئة قصور الثقافه التى بكل اسف حالها متردٍ بل اصبحت “كسور الثقافة” كم من القصور تكلف الدولة الملايين فى ترميمها وهى الآن مغلقه، الهيئة لديها مبان يمكنها ان تأخذ جزءا من المبنى وتحوله الى متحف به مقتنيات فنانى الاقاليم الراحلين او المعاصرين، او متحف للفنون المعاصر، وتستخدم باقى المبنى فى الانشطة ما الذى يمنع فى ذلك؟، حتى نخرج من مركزية المتاحف فى القاهرة فقط، يجب اعادة صياغه وزارة الثقافة كلها، والمخجل والمؤسف مبنى هيئة قصور الثقافة فى عمارة العرائس غير انسانى .

ما رأيك فى أداء نقابة الفنانين التشكيليين؟

أداء النقابة من زمان ضعيف حتى اليوم ولا أعيب على شخص النقيب انما على كل مجلس النقابة والجمعية العمومية، وعلى الذين يتصارعون فى الانتخابات ولا نعرف ماذا قدموا للفنانين، هناك واقعة حدثت معى انى من ضمن الذين حصوا على مرسم من مراسم الغورى وقد تنازلت عنه وكتبت ذلك للنقابة وللنقيب الحالى،  اننى اتنازل عن مرسمى فى مقابل ان يخصص المرسم للفنانين الاجانب الذين يحضرون مصر لتقديم فعاليات ولكنى علمت ان المرسم حصل عليه فنان مصرى!.

وأعلم طبعا أن النقابة ليس لديها موارد، إنما الوقوف عند وضع ان الفنانين لا يسددون نسبة الـ2% هذا تفكير مغلوط، لأن الذين يجب عليهم تسديد للنقابة هم من تشترى منهم لجنه المقتنيات، او الفنانين الذين يتم  ترشيحهم من قبل النقابة للتقديم عمل فنى إلى جهة رسمية، وليس من حق النقابة أن تحصل مبالغ من الذين يبيعون اعمالهم فى جاليريهات خاصة، بالتأكيد هناك العديد من المشاريع التى تحقق ربحا للنقابة وحلولا أخرى.