الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ملف الإيكونوميست




انزعج الكثيرون من الملف المسيء الذي نشرته مجلة الإيكونوميست عن مصر قبل يومين، وفيما يبدو أنه كان معروفًا أنه سوف ينشر، ورغم ذلك لم يجد القارئ في الصفحات معادلاً موضوعيا يعبر عن وجهة نظر مصر.. يدافع عنها ويطرح رأيًا بديلاً.. باستثناء ما قاله الوزير محيي الدين بخصوص الأوضاع الاقتصادية.. وتلك ــ فيما هو مفترض ــ مهمة وزارة الإعلام.. ومكتب إعلام لندن بالتحديد، وإذا كان قد سبق السيف العذل.. وصدر العدد بملفه هذا.. بدون أن تقوم وزارة الإعلام بدورها السابق.. فلا أقل من أن تقوم بدورها اللاحق.. وأن ترسل ردًا إلي المجلة.. وتعمل علي تعديل الصورة.

لابد أن أشير إلي أن لدي الإيكونوميست موقفًا عدائيًا، إلي حد كبير، من مصر، منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر، ومن النادر أن تجد فيها كلامًا إيجابيًا عن هذه الدولة الشرق أوسطية العربية العظيمة، وإذا كان علينا ألا نعطي هذا الملف (المقرف) فرصة لكي يشعل لهيبًا داخليًا بين أبناء الفريق الواحد.. فإن من الواجب أن نستفيد منه.. وأن ننتهزه لكي يكون طاقة في اتجاه التنبيه إلي خطورة أن نتغافل عن (الإعلام الخارجي) وتأثيره.

لقد اهتممنا كثيرًا بأداء الإعلام في الداخل، وقلنا إنه يعاني نقصانًا وقصورًا وقلة احتراف، ولا يقل خطرًا عن هذا ما لم نناقشه بعمق من قبل.. وهو صورة مصر الإعلامية في الخارج.. حيث أصبحت الصحف مرتعًا لانتقاد البلد.. وتشويه موقعه.. والإساءة إلي مكوناته.. وإذا كان الوزير أنس الفقي يعلن أنه لن يكون وزير إعلام الحكومة.. أو وزير إعلام الوزراء.. وإنما وزير إعلام الدولة.. فإن المحصلة الخارجية تشير إلي أن أداء الإعلام في تلك المهمة ليس علي ما يرام.. بل إن دولاً أصغر حجمًا وأقل تأثيرًا تقوم بعمل يجعل صورتها الخارجية أفضل كثيرًا مقارنة بما يكتب وينشر عن مصر.

لا أريد أن أذكر نماذج بعينها من الدول العربية، حتي لا أسبب حرجًا ما، ولكن الأمثلة حاضرة في ذهن الكافة.. وبما في ذلك تلك التي لديها معارضة خارجية كثيفة تعيش في دول أوروبا.. ولا يمكنها أن تحجب وجهة نظر دولها.. بل أن يقوم كتاب مرموقون دوليًا بالدعاية لدول لا يمكن القول أبدًا إنها تستحق الدعاية.. (لاحظ مثلاً كتابات روبرت فيسك وسيمون هيرش عن سوريا تحديدًا).

عمومًا، وبغض النظر عما ورد في ملف الإيكونوميست، فإنني أعتقد أن هناك مجموعة من الأمور التي علي إعلام الدولة، لا إعلام الحكومة، أن يقدم لها معادلاً موضوعيًا.. وهي كما يلي:

- وصف مصر المتكرر بأنها دولة ديكتاتورية مستبدة، ثيوقراطية، وفي أحيان أخري بأنها دولة بوليسية.. تنتهك حقوق الإنسان بصورة منهجية لا يقوي المعارضون فيها علي قول رأيهم وممارسة السياسة.. كما لو أننا (بورما).

- القول إن مصر بلد حليف للولايات المتحدة، حليف لا صديق، وإن هذا التحالف إنما يحمل الولايات المتحدة أعباء لا ينبغي أن تدفع تكاليفها وأن علي واشنطن أن تضغط من أجل تقويم الحليف وصناعة التغيير فيه، كما لو أننا شعوب تقاد.. لا قيمة لرأيها ولا وزن لإرادتها.. ناهيك عن أننا نقبض ثمن التحالف.. ومن أجله يقوم النظام بقمع الشعب غير عابئ بأي قيمة للحرية.

- إننا بلد الفقراء المتراجع إلي الوراء.

- إن مصر «بلد» يعاني جمودًا، والشباب فيه لا يجد فرصة للتعبير عن طموحه، ليس فيه إصلاح، ويعاني من الاضطهاد الطائفي.

- إن إدارة حكم مصر إنما تفزع الغرب من التطرف بأن تطرح مقابل ذلك بقاء الحال علي ما هي عليه.. وأن الليبرالية لا مكان لها في مصر.

- إن مصر فقدت دورها الإقليمي ولم يعد لها التأثير المفترض.

هذه هي الخلاصات التي تسمع بها وزارة الإعلام منذ سنوات دون رد حقيقي.. ودون عمل علي مواجهة هذا.. لا علي مستوي العمل الداخلي مع مراسلي الصحف والمحطات.. ولا مع الصحف والمحطات نفسها.. لقد سمعت عن أفكار كثيرة جدًا.. ولكنني لم أجد محصلة.. وإلا لكان ملف الإيكونوميست المسيء عن مصر لم يصدر بهذه الصورة.

أعرف بالطبع أن للأمر ملابسات سياسية.. وأن بعض الإعلام الخارجي يمثل ضغوطًا علي القرار في مصر لا ينبغي الاستجابة لها.. ولكن الإقرار بهذه الحقيقة لا ينفي أن علي الإعلام جهدًا كان ينبغي أن يقوم به.. ولم يقم به.
الموقع الالكتروني :  www.abkamal.net
البريد الالكتروني  :  [email protected]