الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بيتي ويقول بيته




نسي العرب عملية غزو العراق للكويت.. من فرط ما عانوا بعد عملية غزو الولايات المتحدة للعراق، مضت عشرون سنة علي هذه الفعلة الشنيعة التي ارتكبها صدام حسين.. وربما كان ما تعرض له فيما بعد ذلك بـ13 سنة ناتجاً - ضمن أسباب أخري - عما فعله في 1990.

لا أريد أن أعود إلي هذه الذكري التاريخية بمنطق عبدالله الرويشد «بيتي ويقول بيته».. ولكنني أريد أن أستعيد الذكري لكي ننتبه إلي عدد من الدروس التاريخية الحيوية.

أولاً: كلي يقين أنه لم يكن يمكن أن تتم عملية تحرير الكويت لولا أن الذي قاد هذا علي أرض الميدان هو الدول العربية تتقدمها مصر، ولابد أن الجميع يذكر الآن الموقف الواضح والصريح للرئيس مبارك الذي انحاز فيه فوراً للشرعية العربية.. وأنه لا يمكن أن يقبل بهذا الامتهان لدولة شقيقة.. فأدانت مصر فوراً ما فعل صدام.. رغم العلاقة التي كانت تبدو وثيقة معه.. وقادت التحالف العربي لتحرير الدولة الشقيقة من عدوان شقيقتها.

ثانياً: هذه المواجهة مع العراق كانت شرعية، لأنها استعادة لحقوق سلبت بالقوة، ولكن الذي تعرض له العراق فيما بعد لم يكن شرعيا.. وهناك فرق كبير.. وقد شاركت مصر في الأول لكنها أبت ورفضت وتعرضت لضغوط شديدة لكي تشارك في الثاني.. أقول هذا وأنا أريد أن أواجه أصواتاً مصرية كانت تري أنه لابد أن ندخل مع الأمريكيين في عملية العراق.. وأن نقتسم التورتة مع من حضر.. تري كيف تبدو القسمة الآن..؟ وكيف لابد أن ننظر إلي حصافة وحنكة مواقف الرئيس مبارك.

ثالثاً: للأسف الشديد لم يزل بيننا من أيدوا صدام حسين.. ساندوه في غزوه.. ودعموا ديكتاتوريته.. وناصروا مواقفه مقابل كوبونات نفطه.. علي حساب غذاء أطفال العراق، هؤلاء صمتوا حيناً.. لكنهم عادوا مرة أخري بعد أن امتهن رئيس العراق من المحتلين.. وامتهن العراق نفسه من قاسميه وشاطريه ومفجريه.. هؤلاء لابد أن يدانوا إلي الأبد في التاريخ.. لكنهم لا يخجلون.. مازالوا علي الساحة يتكلمون.. ويناضلون.. وينادون بالديمقراطية ويحاربون الفساد - علي حد قولهم - هؤلاء الذين تربوا في كنف ديكتاتور لم يسبق له مثيل ومن طراز فريد.

رابعاً: تبدو المنطقة كما لو أنها مرتبطة بقدر يبقي فيها نموذج دولة صدام التي غزت الكويت.. نوع من الدول التي تدعي أنها تقف في مواجهة الغطرسة الدولية والصهيونية في الإقليم.. وتظل تواصل رفع الشعارات وتصعيد الأمور.. إلي أن تحدث الواقعة الكبري.. وتسقط هذه الدولة قبل أن تحل في فراغها دولة ترث مواقفها.

لم يكن العراق وحده في معسكر الصمود والتصدي، ثم انفرد بمكانة خاصة بعد انتهاء حربه ضد إيران وتوج مأساة عدم قدرته علي احترام الشرعية وعدم تمكنه من فهم الحسابات من حوله بأن غزا الكويت.. إلي أن تعرض لضربة 1991 ثم ضربة 2003.. ومن ثم دخلت علي الساحة إيران لكي تملأ فراغه.. وتلعب هي الدور الذي كان يمارسه.. فهل اقتربت ساعة إيران؟

خامساً: يظهر تاريخ هذا الإقليم أن استقراره لم يتعلق فقط بالتفجير الذي ألهبه وخلق صديده في عام 1948 وإنما في أن هذا الصراع العربي - الإسرائيلي أدي إلي نشوء مجموعة من الدول والأنظمة خلال نصف القرن الماضي لم يمكنها أن تتعلم كيف يمكن أن تحترم الشرعية..

والقوانين.. فمارست العدوان تلو الآخر.. والتعدي بعد غيره.. علي جارٍ لها هنا أو هناك.. ببساطة لأن قواعد الشرعية غير معترف بها في الإقليم منذ أن تم انتهاك الحقوق التاريخية للفلسطينيين.. إلا من سلم الله له شئونه.. وأقصد في ذلك مصر.. فهي أولاً حفظت الشرعية ودافعت عنها وتمكنت من أن تبقي أرضها حرة محررة.. علي يد رئيسها العظيم حسني مبارك. 

 الموقع الإلكترونى : www.abkamal.net

 البريد الإلكترونى : [email protected]