السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الواجبات.. قبل الصدقات




هل أمسكت بسلك عارٍ، هل ضغطت علي وتر حساس، هل وضعت قلمي في موضع يشغل بال الكثيرين؟.. ربما.. شخصياً كنت أعرف أن مسألة الدورين العام والاجتماعي لرجال الأعمال مهمة جداً.. ولكني لم أكن أتوقع أن تثير تعليقات متتالية بهذا القدر.

ومن ثم أعود من جديد إلي الأمر.. انطلاقاً من وجهة نظر لا يمكن أن أدعي أنها لي.. وإنما لشخصية عامة تتقاطع ما بين البيزنس وغيره، ومؤدي التعليق الذي قاله هو أن الأهم من الدور الاجتماعي لرجال الأعمال وأصحاب الثروة أن يلتزم هؤلاء بما عليهم من واجبات فرضها القانون وتستوجبها الطبيعة الاقتصادية للأعمال.

يقول من أنقل عنه: المسألة ليست هي أن من يكسب أربعين مليون جنيه في السنة «مثلا» يأتي في شهر رمضان ويوزع نصف مليون جنيه صدقات علي من حوله.. الأهم للمجتمع أن يؤدي هو وغيره ما عليهم من واجبات.. ومنها: تسديد الضرائب كاملة - تدريب العمال- تأمين مستقبلهم- ترقية المستوي المهني والإداري للمؤسسات التي يتولونها.. وقد أضاف: حين يؤدون ذلك فإن الفائدة التي سوف تعود علي المجتمع سوف تكون أضعاف ما يمكن أن يقدموا مرة أو مرتين من خلال التبرعات.

أضاف: لست أعرف ما الذي يمنع عديداً من أصحاب مصانع النسيج وصناعات الأغذية من أن يرفعوا أجور العمال مائة بالمائة.. أو حتي خمسين بالمائة.. فيرتفع الأجر من متوسط 600 جنيه إلي قرابة الألف جنيه شهرياً، لو حدث هذا لن تتأثر الأرباح علي الإطلاق.. فرجل أعمال يمكن أن تضاف إلي نفقات أعماله 300 ألف جنيه مثلاً في الشهر سوف يحقق للعمال استقراراً وارتفاعاً في مستوي الحياة.. ولن يتأثر دخله الصافي في النهاية بهذه الزيادة علي الإطلاق.

وقال: لا يمكنني أن أقول: إن الجميع يسدد ما عليه من ضرائب بما يرضي الله وبما يجعل عين القانون قريرة وبما يريح ضمائر من أتكلم عنهم، الممولون الكبار يدفعون الضرائب لأن شركاتهم مسجلة في البورصة.. ويجب عليهم أن يخضعوا لضوابط الحوكمة ولرقابة هيئة سوق المال المسئولة عن أن يعرف السوق أن الأرباح المعلنة للشركات المسجلة حقيقية.. وليس فيها خداع.. وهم إذا لم يسددوا الضرائب سوف تكون هناك مشكلة في ميزانياتهم، الدور والباقي علي الشركات غير المسجلة في البورصة.. هل تقوم بسداد ما عليها من ضرائب وفق القانون؟ هذا سؤال إجابته أهم بكثير من إجابة سؤال الدور الاجتماعي لرجال الأعمال.

انتهت وجهة النظر التي أنقلها عن صاحبها واقتضت الأمانة ألا أنسبها لنفسي حتي لو لم أكشف اسم من قالها، وبخلاف الضرائب وتسديداتها فإنني أتوقف عند موضوع العمال.. خصوصا أن 70% من القوة العاملة في مصر تتوظف لدي القطاع الخاص.. بل إن 90% من الحاصلين علي عمل في الأعوام الثلاثة الأخيرة وصلوا إليه من خلال القطاع الخاص، وفي حين أن هناك مطالبات متنوعة للحكومة برفع الأجور.. التزمت بها في إطار البرنامج الانتخابي للرئيس خصوصاً علي مستوي المحليات.. فإن القطاع الخاص لم يذهب إلي التعامل مع مستويات الأجور بالطريقة المتوقعة.. بل إن مؤسسات الأعمال مارست ما يمكن وصفه بأنه ابتزاز للحكومة خلال السنوات التي انفجرت فيها الأزمة الاقتصادية لكي لا يقوموا بتسريح العمال.

مرة أخري يعيدنا هذا إلي النقطة التي أثرتها في المقال الأول.. «الملياردير والسمكة».. وكنت أعني بها أن علي الثري أن يساعد المواطن علي أن يتعلم الصيد لا أن يتصدق عليه بثمن السمكة.. وتعيدنا وجهة النظر المطروحة في بداية المقال إلي المسألة بطريقة مختلفة.. وهي أنه ليس فقط علي الثري أن يتزيد بإنشاء مؤسسات تنفع الناس أو يتبرع من ماله لأعمال اجتماعية.. وإنما عليه أولاً أن يجعل من مؤسسته الاقتصادية- أيا ما كان نوعها وحجمها وربحها- تقوم بالوفاء بما عليها.. بالقانون.. بدلاً من أن يغطي علي تهربه وديونه وعدم التزامه وربما تجاهله لحقوق العمال.. بسمعة أنه يخرج الصدقات.. فينعم بالدعوات بينما هناك فريق من هؤلاء يستحق أن نوجه إليه اللعنات.

الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريد الإليكترونى: [email protected]