الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«30 يونيو» .. يـوم قيامة الإخوان




 
سيذكر الإخوان عام 2013 بمزيد من الاسى.. عام سقوطهم المدوى فى الشارع، وتحطم اسطورتهم وحلمهم على صخرة غباء سياسى معتّق منذ ما يزيد على 80 عاما، قضوا تلك العقود يعتنقون مشروعا امميا يدوس بقدمه الوطن، ويتخذ من الانتهازية والابتزاز السياسى وسائل وأساليب للوصول لغايتهم وهى «الحكم». ولما وصلوا إلى الكرسى المنشود فى عام 2012 بعد عام من اندلاع ثورة 25 يناير - التى لم يشاركوا فيها، بل امتطوها - اتضح مشروعهم وتكشفت فى عام 2013 نوايهم فى السيطرة على مفاصل الدولة بعمليات اخونة ممنهجة وسريعة للمؤسسات الوطنية، فما زرعوه فى كل تاريخهم حصدوه فى صيف 2013، وتحديدا فى 30 يونيو يوم قيامة الإخوان،  بعد ان اينعت رءوس الظلم فى الجماعة، واعتدت على الشعب، وجيشت ضده جيوش الإرهاب الأسود من أجل اسقاط الدولة وترويع المواطنين عازمين على إنتاج نموذج سورى جديد فى مصر.

تلك هى الرتوش الأخيرة التى وضعها الإخوان على نهايتهم بعد ان اتحدت كل أركان الدولة من شعب وجيش وشرطة وقضاء وإعلام، فلقنوا درسا قاسيا فى بعد ان دخل الشعب الغاضب بـ «بولدوزر» ارادته، على مكتب الإرشاد فهدمه على رءوسهم، واطاح بهم إلى غياهب سجون لا يعلم احد متى سيخرجون منها، إذا نجوا من حبل المشنقة.
السطور التالية تحوى مسحا طوليا لعام 2013  نرصد خلاله وضع الإخوان فى أشهر مختلفة خلال هذا العام، لنظهر التغيير والتطور الذى طرأ على ما جرى فى هذا العام وأدى إلى إجبار الشعب الحكومة على ادراجهم تنظيم الإخوان «جماعة إرهابية». يرتكز المسح على تقييم خمسة نقاط فى الفترات الزمنية المختلفة لسنة 2013 هى (وضع الإخوان فى تلك الفترة – موقف الشارع من الإخوان – موقف الاحزاب السياسية – أداء الإخوان السياسى -  مؤقف مؤسسات الدولة منهم).

يناير 

ما زرعه الإخوان طيلة تاريخهم حصدوه فى صيف 2013
وضع الإخوان فى تلك الفترة:

دخل الإخوان عام 2013، بعد وصولهم للحكم بانتخابات شعبية فاز فيها محمد مرسى بنسبة 51% امام المرشح المحسوب على النظام الاسبق الفريق أحمد شفيق، وعقدت الآمال على الرئيس الجديد بان ينهض بالبلد ويطبق اهداف الثورة، فما كان منه الا ان خذل آمال الناس بفشله الذريع فى تحقيق وعود الـ 100 يوم التى قطعها على نفسه بملء ارادته فى حملته الانتخابية، والتى لم يتحقق منها اى شىء، بل صدم الناس بما قاله خيرت الشاطر نائب المرشد فى احد المؤتمرات بان مشروع النهضة الرئاسى ليس محددا ولا ملامح واضحة له، زد على ذلك أخذ الإخوان فى التموضع فى الدولة بطريقة تعبر انهم فوق القانون، برز ذلك فى القبض على حارس خيرت الشاطر ومحاكمته بتهمة حيازته سلاحا وذخائر غير مرخصة وبالتحرى عنه اكتشف انه كان يتدب فى غزة، ورغم الضغوط التى مورست من الإخوان لوأد هذه القضية إلا أن القضاء اخذ مجراه. كذلك قيام مرسى باستصدار اعلان دستورى فى 22 نوفمبر من عام 2012، حصن خلاله قراراته من احكام القضاء وجعل نفسه إلهاً لا يرد له كلمة، يأمر فيطاع، خلق هذا الاجراء أزمة كبيرة فى الدولة وكان ذلك الاعلان بداية نهاية الإخوان فى الحكم، بعد ان استعدى الجميع.

موقف الشارع من الإخوان:

علاوة على موقف الإخوان السياسى السيئ، دعم ضيق الشارع من حكم الإخوان تدهور الاوضاع الاقتصادية بشكل محسوس بدأت فى يناير 2013 وامتدت لما بعد ذلك، فارتفاع سعر الدولار بشكل مبالغ فيه وضع البلد فى أزمة ودفع جميع السلع الاخرى إلى الارتفاع، ففى الوقت الذى شدد فيه محمد مرسى على أن السوق ستعود للاستقرار، وقال إن عدم الاستقرار الحالى غير مقلق أو مخيف، كانت حالة من التخبط التى تسيطر على البنوك، ما تسبب فى حالة ركود شديدة، فى جميع شركات الصرافة واشتعلت أسعار الذهب فى السوق المحلية إلى 5 جنيهات للجرام، إلى جانب ارتفاع اسعار الدواجن واللحوم والخضروات، وايضا ارتفاع اسعار مواد البناء من اسمنت وحديد مسلح مما يعكس الفوضى التى اصابت السوق المصرية، كل هذا عاد بالتوتر على الشارع، دعم التوتر موجة الظلام بدات تظهر بانقطاع الكهرباء على مناطق باكملها ولساعات طويلة، وهو ما عجزت الحكومة عن ايجاد حل حاسم له مع تزايد الشكوى من المواطنين.

موقف الاحزاب السياسية:

فى الوقت الذى نمت فيه التظاهرات فى الشوارع مع تلعثم الإخوان سياسيا واقتصاديا، طرحت حكومة الإخوان مشروع قانون «للتظاهر» ما اثار غضب عدد من القوى السياسية والثورية والإسلامية، حيث وصفه بعضهم بأنه «استبدادى» ويضم سلطات مطلقة لوزارة الداخلية، حينها خرج عصام العريان القيادى الإخوانى وقال كاذبا: «لا يوجد مشروع قانون للتظاهر، أن ما نشرته الصحف يعد مقترحاً حكومياً».

الجبهة السلفية وصفة مشروع القانون بـ«إنه يقيد الحريات ويعطى لـ(الداخلية) صلاحيات تستخدمها ضد الشعب، وفى حالة إقراره ستكون (السلفية) أول المتظاهرين ضده لإسقاطه». وكان هذا نفس موقف احزاب «التجمع» و»الكرامة» و«حزب الوسط»، المستشار أحمد مكى، وزير العدل السابق، قال عن مشروع القانون «إنه لا توجد قيود على المظاهرات، لكن لكل حق حدود لا يجوز تعديها، وللمواطن حق التعبير عن رأيه بعد إخطار «الداخلية».
آداء الإخوان السياسى:

 رغم الربكة التى كانت تتخلل اروقة الحكم والصدام مع الاحزاب الاخرى انشغلت جماعة الإخوان فى تهيئة الاجواء لترقية خيرت الشاطر لان يكون رئيسا للوزراء بديلا للدكتور هشام قنديل، اذ أكدت الجماعة بخبث أنها لا تعرف شيئا عن حملة ترشيح «الشاطر» لتولى منصب رئيس الوزراء، لكنها قالت أنها ستبارك رئاسته للوزراء لو وقع اختيار الرئيس عليه، فيما قال الدكتور محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان، إن الجماعة لا تعلم شيئا عن المسئولين عن حملة ترشيح خيرت الشاطر، لرئاسة الوزراء التى انتشرت على المواقع الإلكترونية، وانها بعيده عن شباب الإخوان.

موقف مؤسسات الدولة منهم:

من الاخطاء التى ارتكبتها الجماعة الدخول فى صراعات مع مؤسسات الدولة، ابرزها القضاء، فشهد يناير اصداء الاعلان الدستورى الذى سبق واصدره مرسى فى 22 نوفمبر، وبمقتضاه عزل النائب العام المستشار عبدالمجيد عبدالله، وعين المستشار طلعت إبراهيم بدلا منه، بالمخالفة لقوانين القضاء، حيث دفع هذا القرار وكلاء النيابة العامة لاتخاذ إجراءات تصعيدية لانهاء استمرار «إبراهيم» فى منصبه، وكان احد هذه الاجرءات تعليق العمل بالمحاكم والتهديد بالاعتصام، واشترط أعضاء النيابة، استقالة النائب العام للعودة إلى العمل بشكل كامل وان موقفهم هو دفاعا عن استقلال القضاء وهيبته».
 


من فبراير إلى ابريل 

التجأ مكتب الإرشاد إلى سلاح تخوين معارضيه فأغلق آخر باب للحوار مع جبهة الإنقاذ ونضج الصدام
موقف الاحزاب السياسية:

ازداد الصدام بين الإخوان والمعارضة،  ورفضوا دعوات الإخوان للحوار مع الرئيس، دون شروط مسبقة من المعارضة وتحديدا جبهة الانقاذ، وهو ما انتهى لعدم تحقيق أى نتائج، خاصة فى ظل افتقاد الجماعة آليات إجراء الحوار الوطنى.

واخذ الإخوان فى التشكيك فى وطنية جبهة الانقاذ التى كانت تسبب لهم ازعاجا شديدا لمواقفها الرافض والمقاوم لسيطرت الإخوان على مقدرات البلد، واستهجانها من تهديد الرئيس المستمر لمعارضيه وانه سوف يقطع اصابعهم التى عبث فى البلاد، وقالت جبهة الانقاذ على لسان اعضائها بعد ان اتهمهم الإخوان بإنهم فلول الحزب الوطنى: «زمن الاتهامات والتشكيك فى رموز المعارضة للنيل منهم انتهى، والإخوان هم من قاموا بسرقة الثورة، ولن يستطيعوا تغيير التاريخ، الذى يذكر لهم جرائمهم».

رأى الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، مؤسس حزب مصر القوية، لم يكن مختلفا حينها، اذ وجة لمرسى حينها خطابا حادا قال له: «مصر وطن مش عزبة، ورئيس الدولة موظف عام عند الشعب، وليس عند عشيرته ولا عائلته، ونحن مصممون على إسقاط النظام بالوسائل الديمقراطية من خلال صناديق الانتخاب، فهناك خلل فى إدارة الدولة والضعف فى الإرادة ظاهرا، ومرسى وعشيرته وحزبه غير قادرين على حكم مصر أو استكمال أهداف ومبادئ الثورة». بينما رأى الشيخ ياسر برهامى، إن 80% ممن انتخبوا «مرسى» نادمون على اختيارهم إياه.

موقف الشارع من الإخوان:

تصاعدت أزمة انقطاع التيار الكهربائى فى المحافظات دفع الشارع يغضب ويهدد بالتظاهر لإجبار الحكومة على عدم قطع التيار لتخفيف الأحمال كما اعلنت. ودخل على الخط كذلك أصحاب المصانع والمحال التجارية فى التهديد بالتصعيد بعد ان كبدهم انقطاع التيار الكهربى يوميا لمدة تصل إلى 8 ساعات خسائر باهظة، تسببت فيما سموه «خراب بيوتهم».

ليس ذلك فحسب بل هدد كذلك أولياء أمور طلاب بالثانوية العامة بالاعتصام أمام مقر شركة الكهرباء احتجاجاً على تكرار انقطاع التيار عن عشرات القرى فى المحافظات. واثر كذلك انقطاع الكهرباء على محطات الشرب والصرف الصحى، واطلق عدد من النشطاء والجمعيات الأهلية حملة «مش دافعين» لحث المواطنين على العصيان وعدم دفع فواتير الكهرباء.

وفى ميدان التحرير كان هناك عدد من القوى الثورية معتصمة بشكل دائم للمطالبة برحيل حكم مرسى، احتجاجا على التعامل الامنى وعودة ظهور الطرف الثالث الذى ادى إلى قتل اثنين من رموز الثورة وهم محمد كريستى بطلق نارى ومحمد الجندى الذى خطف وعذب وقال وزير العدل عنه انه مات فى حادث سيارة وهو ما اشعل جبهة الثوار ضد النظام مطالبين بالقصاص من القتلة، وقد حاول الإخوان من خلال عناصرهم فض تلك الاعتصامات بالقوة من خلال اشخاص مجهولين، وتعرض خلالها أبوالثوار للاعتداء ومحاولة اغتياله، وظل الاحتجاج مستمرا. كذلك اشتعلت الاحتجاجات ضد النائب العام لملاحقته عدد من النشطاء وطالبوه بالرحيل وسط محاولات لمنعه من دخول مكتبه.

آداء الإخوان السياسى:

لم تتوقف خطط الإخوان ومحاولتهم للسيطرة على البلد وجعل كل شىء على مزاجهم، لدرجة انهم كادو ان يجعلوا استخدام الشعارات الدينية فى الانتخابات مشروعه وجائزة فى القانون وذلك تمهيدا لاستخدامها فى الانتخابات مجلس الشعب بديل المجلس المبطول. حدث ذلك فى الوقت الذى غرقت فيه مصر فى الوضع الاقتصادى المزرى الذى حاولت الحكومة اللهاث من اجل طلب قرض من صندوق النقد الدولى بقيمة 4.8 مليار دولار فى حين كانت جميع القروض الدولية الاخرى مرهونة ومتوقفة على الموافقة النهائية على قرض الصندوق، الذى كان متوقفا هو الآخر على شهادة ثقة بحق الاقتصاد المصرى الذى يتدهور يوما بعد يوم، وكان السعى للاقتراض لا يلقى قبولا لا سياسيا ولا شعبيا.

مؤقف مؤسسات الدولة:

الحكم ببطلان تعيين المستشار طلعت عبدالله صعد من عداء الإخوان للقضاء، بعد ان قال القانونيون ان هذا الحكم معناه ان الإعلان الدستورى الذى اعلنه الرئيس يعد عملا باطلا وهو والعدم سواء، وتعالت مطالب القضاة لمجلس القضاء الأعلى بتنفيذ هذا الحكم، واعلنوا أن منصب النائب العام أصبح «شاغرا». وحاول النائب العام ووزارة العدل ورئاسة الجمهورية البحث عن ثغرات قانونية فى الحكم الصادر ببطلان تعيين النائب العام وذلك عن طريق تشكيل فريق قانونى للطعن على الحكم أمام محكمة النقض.

وكان القضاء يمثل عقبة كبيرة امام تمدد حكم الإخوان، خصوصا مع البدء فى نظره قضية تهريب مساجين سجن وادى النطرون أثناء ثورة 25 يناير، وكان محمد مرسى وعدد من قيادات الإخوان متهمين فيها. فقد اكتشفت المحكمة فى هذه الفترة ان هناك من يعرقل استكمال القضية بامتناع النيابة عن إعلان الشهود المطلوبين فى القضية بانهم مطلوبون للشهادة، ما دفع المحكمة إلى اصدار قرار بتغريم رئيس القلم الجنائى مرتين مبلغ 600 جنيه بسبب هذا الأمر، وكلفت المحكمة وزارة الداخلية بإخطار الشهود دون الرجوع للنيابة.
 
من مايو إلى يونيو

الأزهر والكنيسة واجها موجات تكفير المصريين بإجازة التظاهر.. وكل مؤسسات الدولة دعمت حركة تمرد.. فسقط النظام
وضع الإخوان فى تلك الفترة:

العناد بدأ يستحكم بين الإخوان والشعب بعد ان نشبت مصادمات مع جميع اجهزة الدولة من إعلاميين ومثقفين والمؤسسة العسكرية وقطاعات عريضة فى الشعب مما جعلهم منبوذين من الجميع، ورغم هذا الموقف الحرج، لم يع الإخوان خطورة موقفهم، بل تركوا ما يحدث فى مصر وراحوا يفتحون جبهات جديدة لمصر فى الخارج وقد تجسد ذلك فيما دعا اليه مرسى فى «مؤتمر دعم سوريا» إلى التدخل الخارجى فى الشأن السورى لاسقاط بشار الأسد، ودعا الجيش المصرى إلى ان يجاهد فى سوريا، الأمر الذى قابلته المؤسسة العسكرية ببيان اصدرته فى اليوم التالى يحوى توبيخ مبطن، ورغم انه بدا ودياً الا انه كان حاد اللهجة فى تاكيده على أن دور القوات المسلحة الوحيد هو حماية حدود مصر.

أداء الإخوان السياسى:

قامت جماعة الإخوان بتغييرات فى الحكومة، إضافة إلى قيامها بحركة محافظين واسعة، اتى ذلك بعد تصاعد الغضب الشعبى والمطالب بتغيير الحكومة، إلا أن تلك التغييرات جاءت لتزيد الطين بلة، وتعكس نوايا الإخوان القوية لاخونة الدولة، فما كان لها الا ان دفعت بعناصر إخوانية ومحسوبة على الإخوان والتيارات الإسلامية المتشددة فى الحكومة وحركة المحافظين، الامر الذى اشعل الدنيا اكثر فاكثر، وجعل الناس تزيد من إصرارها على التغيير، وطالبت بإصرار رحيل النظام بالكامل، إلا أن الجماعة وصفت هؤلاء فى بيان رسمى بـ «المجانين».

وفجرت سياسات الإخوان ايضا أزمة كبيرة بين مصر واثيوبيا والتى شكلت اهانة بالغة لمصر بعد ان عومل محمد مرسى بكل تجاهل من قبل الادارة الاثيوبية فاستقبلته وزيرة التعدين، وعقب مباحثاته مع الجانب الاثيوبى اعلن مرسى انه تلقى وعودا من الرئيس الاثيوبى بعدم بناء سد النهضة الا بالتنسيق مع مصر، وفور وصول مرسى إلى القاهرة، اعلنت اثيوبيا بدء التحضير لبناء السد، ما اثار الغضب الشعبى ضده، لكن الرئيس المعزول دعا القوى الوطنية إلى الاجتماع لبحث الامر وكانت نتائجة كارثية بعد أن قال المجتمعون كلاما يمس السيادة الاثيوبية وبه خطط تآمرية صريحة، وقد أذاعت الإخوان هذا الاجتماع على الهواء مباشرة بدون علم الحاضرين مما ادخل مصر فى أزمة كبيرة داخليا وخارجيا.

موقف الشارع من الإخوان:

كان هذا الشهر هو الاكثر سخونة فى حكم الإخوان، اذ تراكمت الازمات التى خلقها فشلهم الذريع فى ادارة الحكم، فأزمة الانقطاعات الكهربائية فى القاهرة وبعض المحافظات اخذت فى الازدياد، وأزمة نقص الوقود ادت إلى ظهور طوابير طويلة جدا من السيارات على محطات البنزين، إضافة إلى تواصل الغضب فى المحافظات من تعيين محافظين من جماعة الإخوان، وتعيين احد المتهمين المنتمين للجماعات الإسلامية فى عملية إرهابية فى عام 97 محافظا للاقصر، وخرج الاهالى وغلقوا المحافظات التى عين بها الإخوان لمنعهم من دخول المحافظة مما اشعل الاشتباكات بين مليشيات الإخوان والأهالى دفاعا عن المحافظين الإخوان.

ايضا لاحظ الشارع حالة الضعف التى عليها الدولة وتكتيف المؤسسات الامنية فى الرد على خطف 6 من الجنود من قبل الجماعات الإرهابية وهو ما تابعه «مرسى» باعطاء تعليمات لرجال الجيش والشرطة بتحرير الجنود مع الحفاظ على حياة (الخاطفين والمخطوفين) وهو التصريح الذى اثار حفيظة المصريين واستشفوا منه علاقة مرسى القوية بالجماعات الإرهابية لدرجة حرصه على حياتهم، ورغم اعلان مرسى انه اتجه إلى الحل الامنى كانت تعليمات لقوات الامن بعدم التحرك ضد الخاطفين وكانت تجرى مفاوضات مباشرة بين الرئاسة مع الإرهابيين من اجل تحرير الجنود مقابل الافراج عن عدد من قيادات الإرهاب الخطرين، وتم اطلاق صراح الجنود فى النهاية عندما تم تشديد الجيش الخناق على الإرهابيين.

كل هذا حدث بالتوازى مع انتشار حملة تمرد التى اطلقها محمود بدر وعدد من النشطاء تطالب برحيل مرسى عن الحكم وسحب الثقة منه وتسليم الحكم إلى رئيس المحكمة الدستورية وتعديل الدستور الذى اعده الإخوان، فاعتناق المواطنين هذا التحرك، والتفوا حول هذه الوثيقة التى وقعوها بزخم كبير اذهل الجميع، واطلقت الحماسة فى نفوس المصريين وبشكل مهيب، لكن الإخوان لم يروا كل هذا وظنوا انهم اقوى من الشعب، ودعوا إلى مليونية «لا للعنف» التى اطلق من فوق منصتها تهديد واضح للمصريين اذا شاركوا فى مظاهرات 30 يونيو، وقال طارق الزمر بصوت مجلجل «سنسحقكم»، إلا أن الناس لم تخف من تلك التهديدات وخرجوا فى 30 يونيو بأعداد فاقت الـ 30 مليون مواطن، قالوا للإخوان ارحلو.

موقف الاحزاب السياسية:

دخلت الأحزاب السياسية مع الإخوان فى طريق مسدود وتصاعد دور جبهة الانقاذ ككتلة صلبة تضم ائتلافات واحزاب سياسية ترفض الحديث مع الإخوان، واعتنقوا ودعموا حملة تمرد وفتحوا لها مقراتهم لاستقبال المواطنين ليتمكنوا من توقيع استمارة سحب الثقة من رئيس الإخوان، وانتقدت قيادات حزبية ما يقوم به الإخوان من تصعيد ضد القضاة وإصرارهم على إقرار قانون السلطة القضائية رغم اعتراض جموع القضاة عليه، واعتبروه محاولة لهدم ركن مهم من أركان الدولة وهو القضاء المصرى، ومحاولة أخونته عن طريق الاستغناء عن 3500 قاض والدفع برجال من المنتمين للجماعة أو المتعاطفين معها، واكدوا على ضرورة أن تتكاتف كل القوى الوطنية والحزبية مع القضاة لأنها معركة وطن.

موقف مؤسسات الدولة:

اصبحت كل مؤسسات الدولة فى حالة عداء شديد مع الإخوان، وكل يوم تتصاعد الأزمات فى واحدة تلو الاخرى، فبعد مواجهاتهم للقضاء وتعديهم على سلطته واستقلاليته، وتصعيدهم ضد الإعلاميين وملاحقتهم قضائيا، تصاعدت الأزمة داخل وزارة الثقافة، بعد استبعاد الدكتور علاء عبدالعزيز، وزير الثقافة، عددا من قيادات الوزارة. وقرر مثقفون وأدباء وفنانون تصعيد الاحتجاج، ودخلوا فى اعتصام مفتوح فى مكتب الوزير وفى دار الأوبرا. تزامن هذا مع اعتصام قضاة مصر بمقر نادى القضاة بالقاهرة، احتجاجاً على محاولة النظام تمرير قانون السلطة القضائية، الذى يستهدف جعل القضاء خاضعاً لجماعة الإخوان المسلمين، ويطبق فيه «السمع والطاعة» وفق تعبيرهم وقتها.

ايضا دخل عدد كبير من افراد الشرطة فى محافظات مختلفة موجة احتجاجية رفضا لحكم الإخوان وأعلن نادى ضباط الشرطة بانه لن ينفذ أى أوامر قد تصدر له من القادة بالتعدى على المتظاهرين فى مظاهرات 30 يونيو رافضين سيناريو الأخونة مؤكدين على طلبهم زيادة التسليح لتعرضهم لأكثر من حالات اعتداء من قبل المجهولية مما جعلهم يشعرون بأنهم غير أمنين.

ووقفت مؤسسة الأزهر موقفا مشرفا لدعم الشعب بعد ان خرجت فتاوى عديدة من الإسلاميين أنصار الإخوان يكفرون من يشارك فى مظاهرات 30 يونيو، اذ قام شيخ الأزهر بالتاكيد على أن المعارضة السلمية لولى الأمر «جائزة شرعاً»، وأن العنف والخروج المسلح على الحاكم «معصية كبيرة» لكنه «ليس كفراً»، كذلك قالت الكنيسة ان بابا الأقباط لا يستطيع أن يطلب من الشباب القبطى عدم المشاركة فى مظاهرات 30 يونيو.

وقبل ومظاهرات 30 يونيو باسبوع كان هناك خطاب للفريق أول عبدالفتاح السيسى اعطى مهلة أسبوعا لجميع الأطياف السياسية للوصول إلى حل فيما بينهم للتخلص من حالة الشقاق والانشقاق التى بدات تدب فى الشارع، ودعاهم إلى التفاهم قبل ان يتسع الشرخ ويحدث انقسام يدفع البلد إلى الهاوية، وهو ما تجهاله الرئيس ولم يلتفت إلى هذه الإشارة الجادة، بل قابلها الرئيس محمد مرسى بخطاب يوم 26 يونيو هدد فيه قوى المعارضة والإعلاميين وطاح فى الجميع، وهو الخطاب الذى ايقن معه جميع مؤسسات الدولة ان هذا الشخص لابد ان يرحل هو جماعته بلا رجعة.