الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أزمات القضاء فى زمن الإخوان.. لن تتكرر




كتب ـ أحمد عبدالعليم

نظرا لأن القضاء هو الحصن المنيع ضد أى محاولة للاستيلاء على مقدرات الوطن وحقوق المواطن ورقابته هى الضامن الوحيد لعدم استيراد أى حاكم ديكتاتورى مثلما حدث من المعزول وجماعته من محاولة إهدار استقلال القضاء وعزل رموزه وشيوخه.. تلك المحاولة التى باءت بالفشل ورحل دون رجعة.. تؤكد بأن هذا لن يتكرر وإذا ما أتى رئيس له نفس التوجهات سيتم التصدى له مجددا.. لكن إذا تمكنا من إرساء دولة الدستور والقانون تصيح عودة مثلما هذه الأمور احتمال يعيد المنال.

«أفضل ما فى مؤسسات مصر الآن هى المؤسسة القضائية».. قالها المعزول قبل جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية وعقب الفوز بمنصب الرئيس.. تعهد بأنه سيحفظ سيادة القانون وضمان استقلاله، قائلاً «مسئوليتى أن أجعل القضاء مستقلاً ومنفصلًا عن جميع سلطات الدولة». 

على أرض الواقع، حدث الصدام بين السلطة والقضاء، وكانت أبرز تلك الأزمات: عودة البرلمان المنحل بعدما قضت المحكمة الدستورية العليا فى 14يونيو بحل ثلث مقاعد البرلمان وعدم دستورية قانون العزل السياسي، إقالة المستشار عبد المجيد محمود النائب العام وتعيينه سفيرا بالفاتيكان، إعلان دستورى حصن به مرسى قراراته والإعلانات الدستورية الصادرة عن الرئاسة من الطعن عليها أمام القضاء، حصار المحكمة الدستورية، الدعوة لعقد الانتخابات البرلمانية، تظاهرات الإخوان أمام مقر دار القضاء العالى للمطالبة  بـ»تطهير القضاء».

«لم نكن ولن نكون فى خصومة مع شخص أو فصيل سياسى بعينه، ولولا تلك الهجمات المتكررة على قضائنا واستقلاله ما كانت هذه الوقفة، فما قمنا به كان مجرد واجبنا فى الدفاع عن استقلالنا».. هذا ما قاله المستشار عبدالله فتحى نائب رئيس محكمة النقض، ووكيل أول نادى قضاة مصر، الذى أرجع سبب الأزمة إلى سياسة الرئيس المعزول وجماعته، الذين أرادوا الاستئثار بمقدرات الوطن والشعب.

وأوضح المستشار عبدالله فتحى: لأن القضاء يقف كحائل وحصن منيع ضد أى محاولة للاستيلاء على حقوق هذا الشعب، كان الهدف من الأساس هدم هذا الكيان وإهدار استقلال القضاء حتى يتمكنوا من هذا الوطن، فهجوم الرئيس وجماعته كان بقصد هدم القضاء، والأزمة بدأت من هجمات متتالية من المعزول وجماعته، أولها إهدار حكم قضائى صادر من المحكمة الدستورية العلية بإعادة مجلس الشعب، مرورا بإقالة النائب العام فى المرة الأولى بتكليفه بمنصب سفير، وأيضا ما سمى بالإعلان الدستورى، هذا العمل البشع الذى يتنافى مع جميع المبادئ القانونية والدستورية، الذى حصن فيه الرئيس المعزول قراراته وكل ما سيصدر عنه من رقابة القضاء.. فى سابقة هى الأولى فى التاريخ، لأن رقابة القضاء هى الضامن الوحيد لعدم استبداد أى شعب، واى حكم ديكتاتوى لم يشهد هذا الذى فعله الرئيس السابق مرسى.

وتابع: هذه الممارسات والتصرفات من قبل الرئيس المعزول التى يقوم بها بدفعة من جماعة الإخوان، ومن ثم كانت الهجمة الأخرى الكبرى المتمثلة فى مشروعات القوانين التى تقدم بها بعض أعضاء مجلس الشعب المنتمين والموالين للجماعة، وكان الهدف منها إهدار وتفريغ السلطة القضائية من كبار شيوخها، وتصدى لها القضاة وعلى رأسهم نادى القضاة ورئيسه ومجلس إدارته، وعندما استشعر الشعب خطورة الموقف على القضاة، كانت 30 يونيو التى كان فيها موقف القضاة المحرك الرئيسى والأساسى لهذه الثورة.

وحول إمكانية تكرار هذه الأزمات، أكد فتحى أنه إذا أتى رئيس له نفس التوجهات ومنتمٍ لنفس الفصيل الخارج عن القانون.. الراغب فى استبداد هذا الشعب، ستتكرر هذه الهجمات وسيتصدى له القضاة مجددًا، ولكن إذا تمكنا من إرساء دولة القانون ودولة المؤسسات التى تبدأ بالدستور والاستفتاء عليه، تصبح عودة تلك الأمور مرة أخرى احتمال بعيد.

فيما أكد المستشار رفعت السعيد ـ رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، أن الأزمات التى كانت بين حكومة الدكتور محمد مرسى وبينه شخصيا وبين حزب الحرية والعدالة وأعضاء البرلمان من الإخوان، كانت جميعها تسير فى خط واحد وهو الإساءة إلى القضاء المصرى ومحاولة النيل منه وإسقاط ثقة المواطنين به والتشهير برجاله.

أوضح «السعيد» أن قمة ما حدث كانت إقالة النائب العام من منصبه بموجب الإعلان الدستورى الباطل وتعيين نائب عام جديد من المشايعين لهذه الجماعة، فضلا عن الإهانات التى كان يوجهها أقطاب النظام من أعضاء مجلس الشعب إلى رجال القضاء والتشهير بأعضائه، ومحاولة إنهاء خدمة الآلاف من كبار رجال القضاء واستبدالهم بمحامين من الإخوان، كل هؤلاء جميعا تسببوا فى إثارة الأزمات بين القضاء وبين نظام الحكم السابق.

من جانبه أوضح المستشار أمير رمزى  رئيس محكمة الجنايات وأحد أعضاء اللجنة القانونية بالكنيسة، أن مشكلة مرسى مع القضاء كانت فكره الانتقامي، فقد كان يحاول الانتقام من النظام الذى حاكمه وقبض عليه وما حدث له مع القضاء ومع جماعة الإخوان فى صورة القضاء الحالى، وكان ينتقم أيضا من النائب العام السابق والنيابة العامة ومن القضاء نفسه، ولذلك حاول أن يهين القضاء عدة مرات، وكان يشجع جماعة الإخوان المسلمين على عمل المظاهرات والمسيرات المناهضة للقضاء والهتاف ضد المحاكم، وتشجيع البطلجية على إهانة القضاء.

وأكد رمزى أن مرسى رأى أن القضاء يمثل خطورة عليه شخصيا، لأن إحكام القضاء قد تحل الحزب خاص به وقد تمنعه عن إصدار قرارات معينة، واعتبر أن القضاء يشكل بالنسبة له قيدًا وخطورة فى الأهداف الخاصة بالجماعة وتفكيرهم، وتغيير وجه الدولة وتحقيق الكيانات التى يخططون من أجلها، وذلك لم يكن ليسرى فى عهد قضاء نزيه وعادل، لذلك اختاروا شخصيات معينة تسهل لهم أهدافهم، فاستطاعوا اختيار النائب العام السابق، واستطاعوا أن يختاروا شخصيات بعينها تحقق لهم أهداف خاصة من خلال قضايا معينة.

بينما نفى الدكتور شوقى السيد الفقيه القانونى والدستوى، إمكانية تكرار تلك الأزمات فى وجود رئيس جديد، لأن القضاء كان له دور كبير فى الوقوف ضد النظام السابق يرد العدوان عليه ورفض التدخل فى شئونه.

وقال السيد: معركة القضاء مع نظام الحكم السابق لم تشهدها مصر من قبل، لأنه حتى فى عهد جمال عبدالناصر والفترة الشهيرة بمذبحة القضاة لم تكن بهذا الشكل، ولم تكن بهذه الضراوة والغباء، وبالتالى لن تتكرر هذه المشكلة لأنه القضاء يستطيع أن يحافظ على استقلاله، وقد رفض التدخل فى شئونه، خاصة أن النظام السابق تدخل بصورة سافرة لم يسبق لها مثيل بعزل النائب العام وتقديم مشروع للتدخل فى شئون القضاة والتخلص من القيادات الكبيرة والعدوان على المحكمة الدستورية العليا، وتضمن المشروع تحصينًا لهذا العدوان، وبالتالى كانت المعركة غير مسبوقة، ولكن انتصر الحق وانتصرت العدالة على أوجه الطغيان، فالنظام السابق اتسم بالانتقام وندب القضاء للتحقيق انتقاما من خصومه السياسيين مثل المرشح السابق أحمد شفيق.