الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تفجيرات 2013.. حصاد الأرواح




كتب - مصطفى عرام

2013.. عامٌ يلفظ لحظاته الأخيرة.. وكلما اقتربت دقائقه من الانتهاء لندخل عاما جديدا، زادت حصيلة ضحايا التفجيرات، ليصبح لدينا ضحايا جدا.. نتيجة العمليات الإرهابية.. ليرتفع حصاد الأرواح غدرا.. ويتضاعف الجرم.. ويأثم القاتلون.

وإذا كان مضمون هذا التقرير المطول عن الانفجارات والاعتداءات الإرهابية الوحشية التى أزهقت الكثير من الأرواح من دون وازع من ضمير أو دين أو رحمة، فإن نقطة البداية الزمنية لا تتوقف عند الأول من يناير 2013، بل إنها تقودنا إلى تلك اللحظة التى تولى فيها المعزول حكم مصر فى الثلاثين من يونيو 2012، بعد خطاب استعراضى أكروباتى فى ميدان التحرير، وفتحة صدر تتشابه مع ذلك الأسلوب الذى ينتهجه دعاة «الفتونة».

مجزرة رفح

فبعد هذه الخطبة العصماء فى استعراضها، وبعد مرور نحو شهر وخمسة أيام، وتحديدا فى الخامس من أغسطس 2012، صدم خبر اغتيال 16 جنديا فى رفح المصريين جميعا، فحدود الكارثة لم تتوقف عند الاغتيال، بل تجاوزتها إلى التوقيت الذى تمت فيه، وقت الإفطار يوم السابع عشر من رمضان، أى بعد لحظات من أذان المغرب، لتصعد أرواح الجنود إلى بارئها بعد اغتيال مباغت لا وازع فيه من دين أو ضمير، عرف هذا الاغتيال حينها بـ«المجزرة».

اللافت، أنه عندما تواترت الدعوات فى مصر إلى مراجعة الملاحق الأمنية لمعاهدة السلام مع إسرائيل التى تفرض قيودا على أعداد وعتاد الجيش المصرى فى سيناء غداة هذا الهجوم، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلى «إيهود باراك» عن أمله فى أن «يكون هذا بمثابة دعوة للاستيقاظ للمصريين.. فيما يتعلق بالحاجة الى أن يكونوا متأهبين وفاعلين من جانبهم»، مشيرا الى أن الهجوم قد لا يكون الأخير من نوعه.. هذه الكلمات وقتها لم تكن مفهومة، لكن الآن.. ومع انقضاء عام 2013، صارت واضحة المغزى.

عقب الحادثة المشئومة، صدر بيان عن «القوات المسلحة المصرية بكامل هيئتها» متوعدا بأنه «سيجابه بالقوة» مرتكبى الاعتداء على القوات المصرية»، وجاء فيه «أنه فى توقيت الإفطار ومع أذان المغرب 17 رمضان، هاجمت مجموعة إرهابية يبلغ عددها 35 فردا إحدى نقاط تمركز قوات حرس الحدود المصرية جنوب رفح، ما أسفر عن استشهاد 16 فردا وإصابة 7، منهم 3 إصابات حرجة».

وأصدر الرئيس المعزول حينها قرارا جمهوريا بإعلان الحداد العام ثلاثة أيام فى البلاد. وقال فى كلمة بثها التليفزيون: إن القوات المصرية «ستفرض كامل السيطرة» على سيناء متوعدا منفذى الهجوم بأن يدفعوا «ثمنا غاليا».

فيما قال الجنرال يواف مردخاى المتحدث الرئيسى باسم الجيش الإسرائيلى للإذاعة العسكرية «كنا مستعدين لأنه توافرت لدينا معلومات مسبقة من جهاز الأمن الداخلى (الشين بيت) والاستخبارات العسكرية، الأمر الذى ساعد فى إحباط هجوم دموى».

أما جماعة «الإخوان».. وكعادتها وفى بيان على موقعها الالكترونى فقالت: إن الهجوم الذى استهدف نقطة لحرس الحدود فى سيناء وقتل فيه 16 من أفراده «يمكن أن ينسب للموساد»، وكان محاولة لإحباط جهود الرئيس الإسلامى محمد مرسى، وأدانت حركة حماس بشدة الجريمة البشعة حسب تصريح عزت الرشق عضو المكتب السياسى للحركة.

بعدها.. بدأت تتوارد التقارير الاستخباراتية عن أسرار جديدة حول المجزرة، لكن هذه التقارير لم تبدأ فى الظهور والانتشار إلا بعد عزل مرسى وجماعته، منها أن الإرهابى سلمى محمد مصبح والملقب بأبوخالد، وينتمى لتنظيم «أنصار بيت المقدس» فى سيناء وعقب قيامه بالمجزرة فى شهر رمضان قبل الماضى برفح، أقام احتفالا كبيرا فى رفح وذبح 3 عجول ابتهاجا بمقتل واستشهاد جنودنا الستة عشرة وقتها، وأنه من العناصر الخطيرة المتعطشة لقتل جنودنا بشغف كبير، وسقوطه يعد ضربة كبيرة يوجهها الجيش المصرى للجماعات الإرهابية بسيناء، بينما ذكرت تقارير واخبار أخرى أنه قبض عليه وأفادت مصادر أمنية أنه يتبع «جماعة التكفير والهجرة».

فيما راحت كل من حركتى فتح وحماس وعلى خلفية الصراع بينهما على السلطة داخل الأراضى الفلسطينية تتبادلان الاتهامات، إذ اتهمت حماس مكتب أبومازن بتسريب معلومات مهمة وخطيرة عن منفذى عملية رفح، التى راح ضحيتها 16 جنديا مصريا، واتهمت الحركة الرئيس الفلسطينى بتزويد جهاز المخابرات المصرية والقوات المسلحة بمعلومات عن منفذى عملية رفح.

وقالت حماس: إن المعلومات والصور المسربة تنشر لأول مرة عبر مواقع الانترنت، وعللوا ذلك برغبة أبومازن فى إحراج الحركة وزجها فى خلاف مع القوات المسلحة، كما تسربت معلومات تفيد بتعاون (الشاباك) جهاز الأمن الوطنى الإسرائيلى مع بعض قادة حركة حماس فى تهريب الأسلحة عن طريق الأنفاق للجماعات الجاهدية داخل سيناء لدخول المنطقة فى دائرة العنف وعدم الاستقرار، وقالت إن أبومازن سرب ايضا أخبارا لجهاز المخابرات العامة عن وجود أكثر من ستمائة فرد من حركة حماس داخل مصر لإثارة العنف وعدم الاستقرار داخل البلاد وقام باعطائهم أسمائهم ومعلومات عنهم حتى تتعقبهم السلطات المصرية.

من جهة أخرى.. نفى محمود الزهار، القيادى فى حركة حماس، الأخبار التى اتهمت قياديين من الحركة بالضلوع فى الهجوم على القوات المصرية فى رفح، وجاء ذلك ردا على ما كشفته مجلة الأهرام العربى المصرية عن تورط 3 قيادات فى حركة حماس فى الاعتداء على الجنود المصريين فى كمين المسورة، الاعتداء.

وبعد سبعة أشهر من المجزرة.. كشفت المجلة عن توصلها إلى المتورطين وهم: أيمن نوفل القيادى فى كتائب عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة حماس، وكان محكوما عليه بالسجن بتهمة التحريض على اقتحام الحدود المصرية عام 2008، وهرب نوفل من سجن المرج فى 30 يناير2011 أى فى الأيام التى شهدت انفلاتا أمنيا وفتح السجون أثناء الثورة المصرية، أما المتورط الآخر وفق مجلة الأهرام العربى، فهو محمد إبراهيم صلاح أبوشمالة،
الشهير بأبوخليل، قائد فى الصف الأول من حركة حماس، أما المتورط الثالث فى مجزرة رفح فهو رائد العطار، مهندس عملية خطف الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط.

إلقاء قنبلة على كشك الحراسة بالمنصورة

منذ هذه الحادثة، انقضى ما يقرب من عام، شهد هدوءا تاما، لكن.. عندما بدأت تلوح فى الأفق إشارات رحيل نظام الإخوان وعلى رأسهم المعزول خصوصا بعد ظهور حركة «تمرد»، ليأتى الـ30 من يونيو الموجة الثانية من الثورة، ويرحل الإخوان بالفعل مع الأيام الأولى من شهر يوليو، لتشهد الدقائق الأولى من صباح الأربعاء، الموافق الرابع والعشرين من يوليو ألفين وثلاثة عشر.. إلقاء أحد المجهولين قنبلة على كشك الحراسة الموجود أمام قسم أول المنصورة، القريب من مديرية الأمن، ما أسفر عن استشهاد مجند وإصابة 19 من المدنيين وقوات الشرطة لتمثل أولى حالات رد الفعل على عزل مرسى.

وصف أحمد المسلمانى المستشار الإعلامى لرئيس الجمهورية حينها الحادثة فى بيان له بالإرهابية قائلا: «لن تلين عزيمتنا.. لقد انتصرنا فى حرب الإرهاب من قبل، وسننتصر اليوم بإذن الله».

كارثة رفح

ثم جاء يوم الاثنين التاسع عشر من أغسطس ألفين وثلاثة عشر.. ليحمل فاجعة للمصريين جميعا وجريمة إرهابية دموية جبانة، أودت بحياة خمسة وعشرين من جنود الأمن المركزى فى رفح، التى تعد أكبر حالة استشهادية فى صفوف الشرطة.. وصفت بالكارثة.

كان 25 جنديا استشهدوا فى هجوم استهدف سيارتين كانتا تقلهم، وأصيب اثنان منهما وكانا فى حالة حرجة، وتم نقلهما جميعا لمستشفى العريش والمستشفيات القريبة.

وقع الحادث فى تمام الساعة السابعة والربع صباحا عند منطقة السادوت التى تقع بين الشيخ زويد ورفح، حيث كان الجنود عائدين من إجازاتهم، فاستوقف منفذو الهجوم الحافلتين اللتين تقلاهم، وأنزلوا سائقيهما وطلبوا منهما الابتعاد ثم بدأوا فى إطلاق النار.

حينها، سارعت الجماعة الإسلامية بإدانة حادثة الاعتداء على الجنود المصريين فى رفح أيا كانت الجهة التى تقف وراء الاعتداء.

وتمكنت أجهزة الأمن فى محافظة شمال سيناء من القبض على 15 متهما من المشتبه فى تورطهم فى قتل الجنود فى مذبحة رفح الثانية، وقتل 4 آخرين حسبما قال مصدر عسكرى.

محاولة اغتيال وزير الداخلية

ليأتى يوم الخامس من سبتمبر ألفين وثلاثة عشر، بمحاولة أكثر جرأة، تبنتها «جماعة أنصار بيت المقدس» التى حاولت اغتيال وزير داخلية مصر اللواء محمد إبراهيم.. لكن الله كتب له النجاة.

فقد نجا وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، من محاولة اغتيال فاشلة بعبوة ناسفة، زرعت على جانب الطريق بالقرب من منزله بمدينة نصر (شرق القاهرة). وأسفر الانفجار عن إصابة 21 شخصا، وصفت حالة أحدهم بالخطيرة بحسب المتحدث الرسمى باسم وزارة الداخلية، اللواء هانى عبداللطيف.

وأضاف عبداللطيف أن «11 مدنيا أصيبوا جراء الانفجار، بينهم طفل عمره سبع سنوات ويدعى فارس بترت ساقه، فى حين أصيب 10 من أفراد الشرطة المرافقين للوزير، بينهم أمين شرطة بترت ساقه أيضا».

الإسماعيلية
استهداف مكتب المخابرات الحربية

وفى التاسع عشر من أكتوبر.. هز انفجار قوى مدينة الإسماعيلية، أصاب ستة أشخاص تم نقلهم إلى مستشفى جامعة قناة السويس، وفرضت قوات الأمن والجيش طوقا أمنيا بالقرب من منطقة الانفجار واعتلت أسطح بعض المنازل القريبة من المنطقة، وتم تمشيط المنطقة وتفتيش السيارات الموجودة فيها.
انفجار قنبلة أمام معسكر الأمن المركزى

وأخيرا.. لم يرحلْ يوم الخميس الثانى عشر من ديسمبر ألفين وثلاثة عشر، إلا وقد انفجرت سيارةٌ مفخخةٌ على مقربة من بوابة معسكر قطاع الأمن المركزيّ بالإسماعيلية، نتج عن انفجارها هدم جزء من سور القطاع، وتهشم زجاج بعض نوافذ عنابر ومبانى القطاع.

فقد استشهد مجند وأصيب 13 آخرون من رجال الأمن المركزى بالإسماعيلية نتيجة قنبلة بدائية الصنع أمام البوابة الرئيسية لمبنى المعسكر، ألقاها إرهابيون على طاقم الحراسة المرابض أمامها.

كارثة انفجار المنصورة

وجاءت حادثة التفجير أمام مبنى مديرية أمن محافظة الدقهلية بمدينة المنصورة التى مازلنا نتباع أصدائها، إذ مثلت كارثة جديدة، تعادل فى خسائرها حادثتى رفح، لكن بأجواء تتشابه مع حادثة «القديسين بالإسكندرية» فى يناير 2011 فيما يتعلق بالموعد، إذ انفجرت قنبلة فى مديرية أمن محافظة الدقهلية، فأودت بحياة نحو 16، وأصابت ضحايا جاوز عددهم المائة، ليستمر نزيف الدماء، فى مواجهة مع إرهاب انتفض عقابا للمصريين على خروجهم على نظام.. حاول تغيير هويتهم.

وكلف وزير الداخلية فريقا مكونا من 12 ضابطا بالأمن الوطنى، بينهم 3 لديهم تقارير مهمة عن تاريخ «جماعة أنصار بيت المقدس» و«حركة حماس» و«نشاط جماعة الإخوان».

إعلان الجماعة «إرهابية»

ومنذ أن أعلن مجلس الوزراء اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية، بدأت سلسلة أخرى من التفجيرات.

انفجار قنبلة فى مدينة نصر وإبطال أخرى

مع انهماك الأجهزة الأمنية فى حادثة المنصورة، استيقظ الجميع صباح الخميس 26 من ديسمبر 2013 على إصابة 5 فى انفجار قنبلة محلية الصنع فى مدينة نصر، كما أعلنت وزارة الداخلية عن إبطال مفعول قنبلة بالجزيرة الوسطى بتقاطع شارعى يوسف عباس مع مصطفى النحاس بالقرب من المدينة الجامعة لطلبة جامعة الأزهر، مشيرة إلى إصابة 5 أشخاص فى الانفجار، ولم تذكر وقوع وفيات جراء الحادث.

وقالت «الداخلية» فى بيان، إن قنبلة محلية الصنع انفجرت فى التاسعة، صباح الخميس، بالجزيرة الوسطى بالقرب من المدينة الجامعية لطلاب الأزهر، وانتقلت قوات الحماية المدنية والمفرقعات لمكان الحادث وتم تطويق المنطقة وتمشيطها، وتم اكتشاف عبوة داخل إحدى لوحات الإعلانات الزجاجية بذات المنطقة مزودة بريموت كنترول للتفجير عن بعد، وتم التعامل معها ونجحت فى إبطال مفعولها.

انفجار بمحيط مكتب المخابرت بإنشاص

وفى صباح الأحد 29/12/2013.. وقع انفجار بمحيط مكتب المخابرات الحربية بأنشاص فى محافظة الشرقية، الواقع بنطاق الجيش الثانى الميدانى، بعد زرع عناصر إرهابية مجهولة لعبوة ناسفة، بجوار السور الخلفى للمبنى.

من جانبه، قال العقيد أركان حرب أحمد على المتحدث العسكرى أنه قد أسفر الانفجار عن إصابة 4 مجندين من قوة المكتب، وإحداث تدمير جزئى بالسور الخلفى ومبنى الجنود للمكتب، فيما قال مصدر عسكرى إن انفجار مكتب مخابرات إنشاص وقع نتيجة زرع عبوة ناسفة، فى السور الخلفى للمبنى، وتم تفجيرها عن بعد من خلال دائرة ريموت كنترول، مؤكدا أن العبوة التى تم استهداف المبنى من خلالها تقليدية، وليست متطورة، وموجة التفجير، التى أحدثتها تأثيرها محدود.

أخيرا

يلاحظ أن الأنشطة التفجيرية الإرهابية التى تمت، تتركز فى مناطق محددة، بل إنها تكررت فى المناطق نفسها مع اختلاف الأهداف بشكل نسبى، فخلافا لسيناء مركز العمليات الإرهابية بل مركز الجماعات الجهادية والتكفيرية، نجد أن مدينة نصر كان من نصيبها انفجاران، وبالمثل المنصورة، وأيضا الإسماعيلية، هذا غير القنابل التى تم اكتشافها والإبلاغ عنها وتفكيكها وإبطال مفعولها.. وفى كل مرة تخرج الجماعة أو من يمثلها لتتبرأ من التفجيرات الحادثة، فى حين أنها المستفيد الأول وربما الوحيد من هذه الأعمال.

ومما يلفت النظر فى ردود الفعل على معظم تلك الحوادث، أن مؤيدى الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعى مثل «فيس بوك» يسارعون إلى تهنئة بعضهم بقرب النصر وأن هذا نصر من عند الله، وأن الفريق السيسى هو القاتل، ليتهم فى هذه الحوادث الإخوان ومؤيديهم، وبعدها لا تمر سوى ساعات قليلة حتى تخرج إحدى الجماعات التى تتبنى العمليات التفجيرية مثل «أنصار بيت المقدس». لتخرس بعدها الألسنة المؤيدة للإخوان كمدا، بانتظار عملية جديدة يعاقب بها الشعب المصرى على خروجه على نظام حاول تغيير هوية الشعب، فعزله.