الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تداخل.. لا تناقض




انتقدت تصريحات اللواء مراد موافي محافظ شمال سيناء لجريدة الشروق منذ أسبوعين.. وقتها نُسب إلي المحافظ أنه قال كلاماً عن البدو لا يجوز أن يقوله من في موقعه.. فيما بعد ذلك علمت أن اللواء موافي أنكر ما نُسب إليه.. غير أن بعض المسئولين وبعض أصدقائه نصحوه بألا يدخل في جدل مع الجريدة.. إذ لن يستفيد شيئاً.. وربما دُفع إلي (أخذ ورد) لا لزوم له.

هذا أسلوب أختلف معه.. وإذا كانت الجريدة قد دلست علي المحافظ فإنه كان يجب عليه أن يدافع عن نفسه ويصحح موقفه.. والأهم هو أنني مازلت أعتقد أن لدي اللواء موافي مشكلة في التعامل مع وسائل الإعلام.. دون أن ينفي هذا أنه رجل صاحب خبرات عريضة وله فهم عميق بملف سيناء.. غير أنه يواجه مشكلات.. الكثيرون يعرفونها ولكنها تنتظر قدراً من الحسم.. وهي لا تتعلق باللواء موافي شخصيا.. وإنما ترتبط بمنصب محافظ شمال سيناء بشكل عام.

أن يكون هناك تقاطع بين الجهات المختلفة في أي محافظة.. فإن هذا أمر قد يكون مفهوماً علي مستوي البيروقراطية.. ويمكن لأوضاع من هذا الطراز أن تُسبب مشكلات كثيرة في محافظات مختلفة.. حيث قد تمر.. أو قد لا تمر.. ولكن لا يمكن توقع أن يكون هذا موجوداً ومقبولاً في محافظة شمال سيناء.

المسألة هناك لا تتعلق باختلاف علي وزن رغيف الخبز.. أو من الذي سوف يحاسب مدرساً لم يلتزم في أداء واجباته.. هل هو الوزير أم المحافظ؟ المسألة تتعلق بوضع محافظة تمثل قلب انشغال الأمن القومي المصري.. ولابد أن تكون الصلاحيات واضحة.. والاختصاصات محددة.

أتفهم بالطبع أنه يجب ألا ينفرد صاحب اختصاص بأمر حيوي، وأن المسائل كلما زادت أهميتها فإن علي جهات متنوعة أن تتداخل فيها.. بحيث يمكن أن نري الملفات من زوايا مختلفة.. وأن يؤدي التوازن بين المتداخلين إلي اتضاح الحقائق.. هذا مفهوم.. ولكن التداخل يختلف تماماً عن التعارض.. وأخطر منه التقاطع.. والأشد خطورة هو التناقض.

مثال بسيط: وزارة الري قامت بجهد لتنظيم مجري السيول في شمال سيناء.. اتقاء للمشكلات المعروفة والمتكررة في كل شتاء.. والتي تطرأ أحيانا في الصيف.. وبينما بيننا وبين موسم السيول من ثلاثة إلي أربعة أشهر.. لم يكتمل العمل.. ببساطة لأن الكيلو متر الأخير يحتاج إلي تمويل غير متوافر لدي وزارة الري.. وقد أرسل وزيرها خطاباً إلي المحافظة يفيد بهذا المعني.. علماً بأن وزير الري لا يكون في صدارة المشهد حين تهدم السيول بيوت البدو الفقراء.. هناك آخرون هم الذين تنهمر عليهم الانتقادات.

إن سيناء تحتاج إلي تعامل من نوع خاص.. يختلف عن أي محافظة أخري.. ويستلزم حلولا للقضاء علي البيروقراطية والتقاطعات - والأهم علي بطء الإيقاع - إن من الواجب أن يكون الجميع علي مائدة واحدة.. كل الجهات.. وبحيث تعلن المواقف والاستراتيجيات بعيداً عن الخطابات والمراسلات التي تأخذ وقتا وتهدر زمناً.. وحتي يكون واضحاً أمام الجميع تأثيرات ما يتخذ من قرارات علي اهتمامات الجهات الأخري.

سيناء الشمالية تحتاج نظرة اجتماعية تعيد التوازن والاستقرار إلي العلاقات القبلية.. وتعزز الأوضاع العشائرية السليمة.. وتحفظ لكل قبيلة وجودها وقواعدها.. وتعيد الثقة في نظام القضاء العرفي.

وتحتاج إلي تسريع إيقاع التنمية بحيث تلبي احتياجات أهلنا من البدو.. وفي ذات الوقت تجعل من المحافظة جاذبة لتعداد سكاني أكبر.. وبحيث تصبح رافداً مؤثراً يضيف إلي الاقتصاد القومي وليس خصماً من موارده.

وهي تحتاج إلي توفير فرص استثمارية حقيقية.. وإلي انتهاز أية فرصة استثمارية أقترحت.. بعد مراعاة العوامل الأمنية بالطبع.. وإحداث توازن بينها وبين الاحتياجات التنموية المطلوبة والحيوية

كما أنها (سيناء الشمالية) تستوجب أن يعاد النظر في ترتيباتها الأمنية، علي مستويات مختلفة، كل فترة.. متابعة للمتغيرات وانتباهاً إلي أي مستجدات.. داخل سيناء أو حولها.

ليس بيني وبين اللواء موافي أي اتصال من أي نوع.. ولم أقابله في حياتي.. وليست هذه الرؤية تقصد دعمه شخصياً وإنما تستهدف ما هو أبعد وأهم من ذلك.. أي المصالح العامة في شمال سيناء.. أحد أهم نطاقات الأمن القومي المصري.

الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريد الإليكترونى:   [email protected]