الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإخوان المسلمين 2013.. المكاسب والخسائر




كتب: خالد عزب
كان عام 2013 ميلادية عامًا كاشفا لجماعة الإخوان المسلمين، وعلى الرغم من المكاسب التى حققتها الجماعة فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 ميلادية، المتمثلة فى الاعتراف بالجماعة وأذرعها المختلفة وبروزها كقوة فى الساحة المصرية، إلا أن وضع الجماعة على محك ممارسة السلطة، جعل مبادئ الجماعة التى روجتها لسنوات محل تساؤل هل هى جماعة تطلب السلطة أم جماعة تدعو إلى الإسلام كدين حق وسلام؟

فى واقع الأمر بدا عام 2013 ميلادية، بداية كان قد خرجت قبلها التيارات السياسية المصرية على حكم محمد مرسى، ثم ما إن مرت ثلاثة أشهر من العام إلا وكان السلفيون خارج التحالف الإسلامى الذى يقوده الإخوان، بدءًا من نجاح الإخوان المسلمين فى شق الصف السلفى عبر تشجيع قيام حزب سلفى منشق عن حزب النور هو حزب الوطن.

كان أصعب شىء على جماعة الإخوان المسلمين، هو تطويع الدولة لتكون تحت يديهم، لكنهم تسلموا الحكم والدولة فى حالة شلل، موظفوها إما أمام أجهزة التحقيق، أو ما يقدمون شكاوى ضد بعضهم البعض، فأصبح كل مسئول مشلول اليد، مرتعش القرار، هذه الثغرة جعلت حكم الإخوان مشلولاً، خاصة أن عناصر الإخوان التى جرى تعيينها فى مناصب عديدة كانت منعدمة الخبرة فى إدارة دفة الدولة، فسقط الإخوان المسلمون صرعى للبيروقراطية المصرية ومشاكلها، وازدادت الأمور سوءًا بتعطل مصالح المواطنين وعدم احداث ثورة داخل الجهاز الإدارى للدولة تصب فى مصلحة الإخوان المسلمين. ذهب الإخوان المسلمون إلى الانفراد بالحكم فى مرحلة انتقالية صعبة، كانت تستوجب تكتيل القوى الوطنية معهم، لكن هذه القوى رأت فى الاستحواذ الإخوانى مقدمة للاستيلاء على السلطة لاستخدام الإخوان نفس آليات حكم حسنى مبارك فى الحكم.

كما أن سوء الاختيار للقيادات إلا فى حالات قليلة، أدى إلى سخط حتى داخل جماعة الإخوان المسلمين، فعلى الرغم من امتلاك الجماعة مهندسين رفيعى المستوى فى مجال تكنولوجيا المعلومات، إلا أن مبدأ الولاء لا الكفاءة، أدى إلى تعيين ياسر على رئيسا لمركز معلومات مجلس الوزراء. كما أن جماعة الإخوان المسلمين ظلمت محمد مرسى حينما لم يترك له مكتب الإرشاد مساحة لاتخاذ القرار فكانت عبئاً جاثما عليه أدى لارتباك قراراته كرئيس للبلاد، فضلاً عن ان مستشاريه لم يكن بينهم من مارس الحكم من ذى قبل، على عكس حالة جمال عبدالناصر الذى حين صعد إلى سدة حكم مصر استعان بالعديد ممن مارسوا السلطة ويعرفون دهاليزها.

الجمود الفكرى لجماعة الإخوان المسلمين أدى إلى أن تكون الجماعة صيداً سهلاً لخصومها، فخطاب الجماعة المتوقف عند كل من حسن البنا وسيد قطب، جعلها محل انتقاد مستمر، على الرغم من أن العديد من أنصار التيار الإسلامى طوروا خطابا اسلاميا معاصراً فى مدرسة مشهورة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى جامعة القاهرة، أبرز رموز هذه المدرسة الدكتور سيف الدين عبد الفتاح الذى عمل مستشاراً للرئيس محمد مرسى ودفع إلى الاستقالة، فجماعة الإخوان المسلمين لا تقر أبحاثه فى العلوم السياسية لا هو ولا نظرائه ضمن أدبياتها.

باتت جماعة الإخوان المسلمين وكأنها مغيبة عن المشهد السياسى، فلم تقرأ المشهد مع منتصف العام 2013 ميلادية، خصوصًا مع نمو قوة تحالفات العديد من القوى ضد حكم الرئيس محمد مرسى، فقد تحالف السلفيون مع جبهة الإنقاذ مع بقايا حكم حسنى مبارك مع اليسار المصرى مع الدولة المصرية ضد الإخوان المسلمين، مما جعلهم يخسرون الحكم ويدخلون بسبب عدم اعترافهم بأخطائهم وجمود مواقفهم فى صدامات عنيفة مع الدولة ثم مع الأفراد العاديين من الشعب.

فوت الإخوان المسلمين فرصًا عديدة للحد من خسائرهم، حتى ولو من قبيل المناورة السياسية، فأثبتوا صلابة موقف معتمدين على التنظيم الخاص الذى سلح بعض أفراده وتحالفاتهم مع الجماعات الإسلامية المسلحة بكافة أطيافها، هذا ما أفقد فكرة سلمية الجماعة مصداقيتها فى الشارع المصري.

اعتبر العديد من أنصار جماعة الإخوان المسلمين ما حدث لمحمد مرسى هو خيانة، وأن الجماعة تتعرض لمحنة قاسية تستوجب الصمود والحشد المستمر للضغط على السلطة التى أنزلت الإخوان من الحكم، فالاضطرابات السياسية تخلق معها اضطرابات اقتصادية، نجح الإخوان المسلمون فى سياسة الحشد، لكن أرهقها هذا الحشد أنصارها لدرجة أنه حينما حانت ساعة الحشد الفعلى لمواجهة السلطة لمحاكمتها الرئيس المعزول محمد مرسي، لم تجد جماعة الإخوان المسلمين الحشد الذى طلبته لان الحشد المستمر والخسائر المستمرة فى صفوقها وصفوف أنصارها أفقاداها الكثير، كما أفقد الطرف الآخر، لكن الأهم هو خسارة الإخوان المسلمين جزءًا كبيراً من تعاطف الشارع المصرى.

لقد لقى الإخوان المسلمون تعاطقًا نسبيا إزاء خسائرهم فى الأرواح عند فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، غير أن القتلى من جنود الأمن المركزى وضباط الشرطة والجيش على الطرف الآخر، حول المعادلة نحو حالة الامبالاة لدى الكثير من المصريين تجاه فكرة القتل، فالقتل المستمر جعل فقدان الأفراد حدث عادى فى حياة المصريين.

خسر الإخوان المسلمون شرعية جمعيتهم وصودرت أموالها، لكنهم على الجانب الآخر يفتخرون بقوة التنظيم، الذى بدا وكأنه فى محنة تستوجب رجى الصفوف من أجل الصمود، دون أن يتساءل قادة التنظيم عما بعد الحشد والصمود، فعند انتهاء المحنة ستحدث انشقاقات عميقة فى الجماعة باتت ظاهرة الآن فى عزوف العديد من عناصرها عن المشاركة فى المظاهرات الأسبوعية، هذه العناصر التى لم تعلن انشقاقها حفاظا على وحدة الصف فى مواجهة العدو، لكن حال انتهاء المحنة سيواجه قادة الإخوان المسلمين تساؤلات صعبة من كوادر الجماعة؟ ستؤدى إلى حدوث انشقاقات مؤثرة داخل جماعة الإخوان المسلمين، خاصة أن كوادرها القيادية فقدت شعبيتها فى الشارع، لذا فجماعة الإخوان المسلمين ستضطر إلى الدفع بكوادر جديدة.