الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سعد عبدالرحمن: نصف مواقع الهيئة «أكاذيب» والدولة تتعامل مع الثقافة على أنها وردة فى «عروة الجاكتة»




حوار ـ أحمد سميح
 
تعمل وزارة الثقافة من خلال هيئات وقطاعات متعددة لنشر الثقافة بين عموم الشعب المصرى، لكل منها دوره المرسوم فى تقديم رسالتها وخدمة المثقفين بطوائفهم المختلفة، على أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تعد هى وزارة الثقافة الحقيقية بتعدد منافذها وتعدد أدوارها وما تقدمه فى قلب الحياة الثقافية المصرية وأقاليمها.. بحثا عن استعادة القوة الناعمة للمثقف المصرى واستعادة دوره المفقود توجهنا للشاعر سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة للحديث عن دورها سابقا ولاحقا، مؤتمر الأدباء الثامن والعشرين والذى انتهت فعالياته مؤخرًا، وغيرها من ملفات وقضايا المثقفين. فإلى نص الحوار


■  سبق مؤتمر الأدباء السابق والذى نظمته الهيئة لغط كبير وتراوحت حوله الأقاويل.. ما تفسيرك لذلك؟

ـ ما أثير من لغط حول مؤتمر الأدباء كان حول رئيس المؤتمر الدكتور جمال التلاوى، وهو لغط ليس له لزوم لأن الهيئة منذ سنوات طويلة جدا ودورات عديدة لا تتدخل فى أعمال أمانة المؤتمر، وأرى أنه على الرغم من وجود نظام قمعى وتسلطى استبدادى قبل ثورة يناير إلا أنه كان هناك مساحة صغيرة جدًا من الديمقراطية استطاع أن يحققها الأدباء من خلال مؤتمرهم بمساعدة الهيئة، فالهيئة أصبحت لا تتدخل فى أعمال المؤتمر إلا للتمويل والتنظيم، وذلك يحدث أيضا فى المؤتمر الفرعى والإقليمى للأدباء، كل ذلك يتم من خلال الأمانة المنتخبة، وفق  آليات وضعها الأدباء أنفسهم، والهيئة لا تتخل إلا عندما تتعقد الأمور لأى سبب.

■ لكن كانت هناك اتهامات للهيئة بتأخر تحركها للتنسيق لإقامة المؤتمر بالغردقة كما أرادت الأمانة العامة له، كما تغيب وزير الثقافة عن افتتاح، ما تعليقك؟

- الهيئة لا تختار موعد إقامة المؤتمر ولكن تختاره الأمانة العامة، الوزير أبلغنى بسفره خارج البلاد واعتذاره عن عدم الحضور، وهناك العديد من الدورات لم يكن وزير الثقافة يحضرها، وذلك تبعا لظروفه، ولم يكن هناك ما يمنع حضوره غير سبب السفر، وأرى أن هناك شخصنة للأمور، فحضور الوزير أو رئيس الهيئة لفعالية أمر ثانوي، فالفعاليات تستهدف الناس والمثقفين أنفسهم.

■ ما الذى قدمه مؤتمر الأدباء للثقافة والمثقفين؟

ـ على مدار عقود طويلة كانت توصيات هذا المؤتمر حين تحقيقها تعد مكاسب للأدباء، فمثلا قناة النيل الثقافية نشئت أساسا بتوصية من الأدباء فى إحدى دورات المؤتمر، ومع ذلك لم تأت لحضور المؤتمر ولم تهتم به ولا أدرى حينما لا تحضر لتغطية فعاليات أكبر مؤتمر عربى للأدباء فما الذى تفعله إذا، أيضا سلاسل الكتب الصادرة عن هيئة الكتاب مثل سلسلة «إشراقات» و «كتابات جديدة»، أيضا سلسلة «الكتاب الأول» عن المجلس الأعلى للثقافة، سلسة «حروف» و «ألوان» عن هيئة قصور الثقافة، كل هذه السلاسل لم تكن موجودة قبل إقامة مؤتمر الأدباء، أندية الأدب التى أصبح لها ميزانيات فى 130 نادياً على مستوى الجمهورية، أيضا النشر الإقليمى لأربع أدباء من الأقاليم فى كل فرع ثقافى على مستوى الجمهورية، وغيرها الكثير، كل ذلك تحقق نتيجة لنضال الأدباء عبر مؤتمرهم.

■ هل ترى أن وزارة الثقافة تهتم بالثقافة؟

ليس بالشكل المطلوب، بعد ثورة يناير كنت أتوقع أن يكون هناك اهتمام أكبر بالثقافة، لا يعنينى ما يقال من شعارات و «شو» إعلامى لأنه مجرد «طق حنك» وكلام «حنجورى»، فض مجالس لا تجسيد له فى الواقع، الواقع مازال يتعثر فى أذيال التخلف والتعامل مع الثقافة على أنها مجرد «حلية» أو  زينة، مجرد وردة فى «عروة الجاكتة»، مجرد استكمال لشكل الدولة الحديثة، الثورة احتضنت الثقافة فى خمسينات وستينات القرن الماضى وكان ذلك العصر الذهبى لها لأنه كان هناك دعم حقيقى من الدولة وقامت بتوظيفها فى المجتمع لتحقيق أهداف الثورة، وكان هناك اتجاه اشتراكى للدولة بأن تصل الثقافة للبسطاء والمهمشين حيث يكونون، وفى عام 1966 سمى الجهاز «الثقافة الجماهيرية»، وهو اسم ننوى استعادته ليس كنوع من «النوستالجيا» والحنين إلى الماضى ولكن لأنه يحمل داخله رسالة الهيئة، وكان هذا الاسم يسبب» «ارتيكاريا» لمبارك وعائلته، فاستغلوا تحويل هذا الجهاز إلى هيئة لتغيير اسمه، وطوال هذا العمر تراكمت مواقع الهيئة إلى 563 ونصف هذه المواقع مواقع مجازا، غرفة، شقة فى مساكن شعبية، ولا يوجد إمكانيات فنية أو بشرية، فى حين نجد أن الدولة حين أنشئت مراكز الشباب حتى تبعدهم عن السياسة فأنشئت أكثر من 4000 موقع للانتشار، وحقيقة ليست الاستفادة قائمة على الكيف فقط، بل الكم أيضا، فأحيانا ما يؤدى الكم مع التراكم إلى تغيير فى الكيف، فثورة يناير لم تنجح بالكيف وهم النخبة الذى كانوا يخرجون فى ميادين بعينها أو سلالم نقابة، بل قامت على الكم الذى حولها إلى ثورة حقيقية.

■  هناك مطالبات من مثقفين بإلغاء وزارة الثقافة .. هل أنت معها؟

ـ بالطبع لا، هذا الأمر غير صحيح، لأننا دولة نامية أو متخلفة، وفى مثل تلك الدول لو لم تعطى «كوتة» للمرأة مثلا و«كوتة» للفلاحين والعمال وغيرهم فإنهم لن يحصلوا على شىء، تلك الكوتة تعد تحضيرا لحين أن يصبح المجتمع قادرًا على إعطاء المرأة دورها فى البرلمان وكذلك الثقافة، فلابد من وجود وزارة الثقافة لحين أن تكون هناك دولة مدنية تتسع فيها دائرة الوعى، ونكون قد استطعنا محاصرة الأمية الأبجدية والثقافية، حينها فقط لا نخشى على الشعب ويمكن أن نلغى وزارة الثقافة، فنجد أن المقتدر مثلا يعتقد أن حصوله على الثواب فقط حينما يتبرع لبناء مسجد أو كنيسة فى حين أنه لو ساهم فى بناء قصر ثقافة أو مدرسة أيضا سيأخذ ثوابا، وعندما تنضج النخبة الثقافية، فعندنا «نكبة» ثقافية وليس نخبة، إحدي مشاكلنا فى هذه النخبة البائسة، كثيرون منهم أصحاب مصالح، يلوح لك حينما لا تحقق له مصلحته، هذه النخبة التى تعلى من المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ويشخصن الأمور.

■  لكن المثقفين هم من بدأوا الثورة من خلال موقفهم من وزير الثقافة الإخوانى؟

ـ كثيرون منهم أصحاب مبادئ ولكن آخرون حدث ولا حرج هم أصحاب مصالح، وحاليا يمارسون نوعا من الضغوط على وزارة الثقافة فى أمور معينة ويشكلون لوبى، فنضج النخبة بأن يكونوا منتمين للقضية وليس للأشخاص والمصالح، والكثير منهم عملوا فى معية مبارك وقبلوا بالفتات الذى ألقى إليهم فى المجلس الأعلى وغيرها من المناصب وظلوا فى لأعوام طويلة، ليأتى الآن ويقول أنه يهاجم التوريث، فى حين أنهم شهود عليه، فى حين أنهم يظلون فى مناصبهم، وثورة يناير قام بها شباب لم يلوث.

■ ما هى ملفات الفساد التى واجهتك وما أكبر ما يعوق عمل الهيئة وتغيير استراتيجياتها؟

ـ تراكم السنين وتدهور البنية الأساسية للمواقع، وأنا منذ 3 سنوات أحاول الانتهاء من «البطون المفتوحة» والمواقع التى ظلت لسنوات لم ينتهى العمل بها، لكننى أعمل وفقا لميزانية الهيئة وهى 60 مليونا واستطعت أن آخذ من فوائض القطاعات الأخرى فى أول عام 15 مليونا، ثم 25 مليون لكن هذا لا يكفى، وهناك ستة مواقع سينتهى العمل بها خلال شهور، والبنية الأساسية التى أقصدها ليس فقط الجدران ولكن فى التجهيزات أيضا، هذا على مستوى الحجر أما على مستوى البشر فهو الأمر الأخطر بسبب الفساد والسياسة العشوائية للتعيينات على الرغم أن من يأتى للتعيين فى الهيئة هم «الغلابة»، «المسنود» يتجه إلى الوزارات التى تملك مالا أكثر، ليصل عدد العاملين فى الهيئة إلى 17 ألف موظف، هذا الكم الهائل مثل حجرين مربوطين فى قدم أحدهم ويطلب منه الجري، وفى نفس الوقت رغم هذا لعدد الهائل ليس فى هذه التخصصات من تحتاجه مواقع الهيئة، فالمكتبات مثلا من يكون مسئولا عنها ليس خريجا لقسم المكتبات، وهكذا، أيضا قصر السينما نجد أفرادًا قلة متخصصين فى السينما، مواقعى فى سيناء مثلا تعانى من نقص حاد فى الموظفين، وطالبت الجهاز المركزى للمحاسبات بتوفير ذلك النقص وعلى الرغم من ذلك لم يحدث شىء، فى حين أن هناك جهات لو طلبت «لبن العصور» كانت تلبى طلباتهم، وكما نرى أن الأفراد لديهم تراتبات بناء على العلاقات و «الوسايط»، كذلك المؤسسات هناك هيئات ووزارات أولى فى تلبية طلباتها، فكيف استطيع الانتشار فى المواقع والكفور والنجوع وعمل تنوير والميزانية لا تكفى، ونصف مواقع الهيئة أكاذيب، وأسعى لان أخرج خارج مواقعى من خلال أذرع كالقواف الثقافية ولكنها بحاجة إلى ميزانية، أيضا من المعوقات الإحباط الذى يصيب الكثيرين من العاملين فى الهيئة لأن الدولة تتعامل معهم كأنهم موظفون من الدرجة الثالثة أو الرابعة فلا تساويهم بغيرهم العاملين فى نفس المحافظة.

■ هناك اتهام للهيئة بتأخر طباعة الأعمال المجازة للنشر لديها.. ما تعليقك؟

ـ هذا صحيح ولكن ذلك يحدث فى سلسلتين فقط هما أصوات وإبداعات ، وتم تغيير اسمهم إلى ألوان وحروف، وذلك لأنهما سلسلتان إبداعيتان ولان مصر مليئة بالمبدعين فنجد أن قدرة السلسلة على الاستيعاب هى 12 عنواناً فى العام، يطبعون من الأعمال المقدمة ويتبقى أعمال لم تطبع وفى العام التالى تطبع أعمال أخرى ويتبقى غيرها وبالتالى تتراكم الكتب، فمثلا عندما توليت الهيئة بعد الثورة قمت بتغيير رؤساء تحرير السلاسل جميعهم، فوجدنا أن رئيس التحرير الجديد ورث 170 عنوان كتاب مجازًا للنشر من رئيس التحرير السابق، ماذا يحدث والمطبوع 12 عنواناً فى العام ورئاسته للتحرير لمدة ثلاثة أعوام فقط!

■ هناك كتب للهيئة تنتهى فور طباعتها فى حين تظل نسخ أخرى وتتكدس فى المخازن، ما تعليقك؟

ـ كانت الأعمال من قبل توزع من خلال شركة التوزيع مباشرة وحتى أقلل من تلك الأمور انشأت منافذ فى عدد من المحافظات تذهب إليه عدد من الإصدارات، وأقمنا منفذ فى جامعة الأزهر، والمنوفية، كما حصلنا على منفذ فى أسيوط وسيفتتح قريبا، وسوف يتم منفذ فى ميدان عبد المنعم رياض وسيكون عمدة المنافذ، كما ألزمت الشئون الثقافية بأن كل كتاب يطبع يرسل منه نسخ إلى مكتبات الهيئة الكبيرة حتى يمكن لمن يريد أن يجدها.

■ كثيرا ما تتعرض الهيئة وأنشطتها للهجوم ما الأسباب من وجهة نظرك؟

ـ لسببين، معظم مواقع الهيئة بها مسارح، وبعد مأساة حريق مسرح بنى سويف أصبح هناك «فوبيا»، فجهاز الحماية المدنية يشترط على شروط لا يشترطها على الجهات الأخرى مثل المدار س على الرغم من كثافة الأعداد، الموضوع الثانى أن الإعلام لا يرى الهيئة وأنشطتها لأنه مركز فى القاهرة فى حين أن معظم أنشطتى خارج القاهرة، فكم من أنشطة الهيئة نشر فى الإعلام، وأيضا الإعلام المسموع والمرئى تستنسخ برامج القناتين الأولى والثانية، على الرغم من أنه يمكن أن يصور العروض المسرحية أو معارض وحفلات المواهب وغيرها ويذيعها مجانا.

■ هل هناك نية لإلغاء جريدة «مسرحنا» أو إلغاء أى فعاليات أو أنشطة للهيئة؟ وما هى خططك المستقبلية للهيئة؟

ـ أنا ضد إلغاء أى فعالية وإنما تطويرها، فجريدة مسرحنا هى الوحيدة المتخصصة فى مجال المسرح فى نطاق العالم العربى، وأيضا لدينا فرق مسرحية فى كل محافظات الجمهورية، وقد كنت أحد المعارضين لفكرة وعملية التوريث ولهذا أصدرنا لائحة بأن تكون مدة جميع رؤساء التحرير 3 سنين لأن التغيير سنة الحياة فعندما يتغير رئيس التحرير تتغير الرؤى والأفكار وهكذا، واستعدنا سلاسل كانت توقفت مثل سلسلة الفلسفة سلسلة الثقافة العلمية، واستحدثت سلاسل جديدة مثل سلسلة تبسيط الأدب العربى للناشئين، وأنشئت سلسلة للمختارات، كما سنقيم هذا العام الدورة الثانية لمؤتمر الفنانين التشكيليين والتى أنشئها الدكتور أحمد نوار وقت رئاسته للهيئة، وأيضًا قمنا بعمل تطوير لمجلة الثقافة الجديدة ومجلة قطر الندى من خلال اختيار مجلس تحرير وليس رئيس تحرير، وهذا ما سيتم أيضا فى باقى إصدارات الهيئة.