الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المستشار أشرف العشماوى: خضنا معارك كثيرة لإعادة الآثار المسروقة.. و«المرشد» تكشف سر «25 يناير»




حوار- علاء الدين ظاهر

قضى المستشار والروائى أشرف العشماوى المستشار القانونى السابق لوزارة الآثار حوالى 7 سنوات فى متابعة ملف الآثار المهربة للخارج خاض خلالها الكثير من المعارك القانونية لاستعادة أثارنا من الخارج، كما أنه بجوار عمله كقاض فهو روائى ولديه عدة روايات أشاد بها كبار الكتاب والروائيين، وفى هذا الحوار يكشف الستار عن تفاصيل وخبايا رواياته التى كتبها بأسلوب أدبى بليغ، كذلك الكثير من الأمور المتعلقة بالآثار وعمله فيها.
 

فى البداية أكد العشماوى أنه وعقب ثورة 25 يناير وجهت العديد من الاتهامات بالسرقة إلى فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق والدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق، وثبت بالقانون أنها غير صحيحة بعد تحقيقات النيابة العامة فيها، وإلا ما كانت حفظت كل تلك البلاغات، وفى الغالب كانت كيدية ربما لخلافات شخصية بين حسنى وحواس ومقدمى تلك البلاغات، خاصة أن المناخ العام بعد الثورة كان يسمح بتقصى الحقائق، وربما لو كانت هناك شبهات قوية أو دلائل لكان مصيرهما مختلفا.

وقال العشماوى أنه كان يتولى ملف الاسترداد والمعاهدات الدولية والقوانين، وتعاملت مع ملف الآثار المهربة طبقا لاتفاقية اليونسكو 1970 التى وقعت عليها مصر وتضمن عودة المسروقات من الآثار والتراث الحضارى والثقافى مما أعطى قوة كبيرة للقوانين المصرية المتعلقة بالآثار، ونجحنا بالفعل فى استعادة 5700 قطعة أثرية من الخارج طوال 7سنوات، وقد كدنا نستعيد رأس نفرتيتى بعد أن قدمنا كل المستندات الدالة على خروجها بالغش، إلا أن نصيحة أحد المسئولين بالخارجية للدكتور زاهى حواس بأن لا يعادى ألمانيا جعلت موقفنا حينها ضعيفا وكانت النتيجة أن رفضت ألمانيا إعادة رأس نفرتيتي، وعندما تنبه الدكتور زاهى حواس فى يناير 2011 لهذا الخطأ وحاول استعادتها مرة أخرى كانت ثورة يناير قد قامت وايضا رفض الالمان للمرة الاخيرة إعادة رأس نفرتيتي.

هذا ما قاله المستشار القانونى السابق عن الآثار، أما عن الأدب وأعماله الروائية قال أنا أكتب ما أشعر به وما اقتنع به وما يرضينى واكتبه بإخلاص، وأبذل فيه جهدا حتى يظهر بشكل جيد يرضينى ويليق بقارئ واع ومثقف سيقرأ اعمالي، وأنا بالطبع أحب عملى كقاض ولكن لقب الروائى هو اقرب لى من أى لقب آخر.

أما كتاب سرقات مشروعة يمثل خلاصة بحثى فى الآثار المصرية وكيف ظهرت القوانين وظروف المجتمع وقتها منذ عهد محمد على باشا وحتى الان، كيف سرقت وكيف تم تهريبها ومحاولات استعادتها، ورويت كل ذلك على شكل حكايات حتى لا يمل القارئ، وقد ترجم الكتاب الى الالمانية، ومعنى «سرقات مشروعة»ان الكثير من قوانين مصر سمحت للاسف للسارقين والمهربين بأن يسرقوا ويهربوا تحت مظلة القانون فاستخدمت هذا التعبير وما يحمله من تضاد لكى اصف هذه المهزلة على مدار اكثر من 200 عام.

ورواية «تويا» أقصد بها إفريقيا الجميلة المنهوبة والمستعمرة والمهملة والرواية تحمل اسمها وهى باللغة الكينية الساحلية تعنى الزهرة ذات الاربعة ورقات التى تجلب الحظ، وكانت تميمة الحظ لى فقد باعت اكثر خمسة طبعات حتى الان بنحو 15 الف نسخة فى عام ونصف العام، ووصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العالمية كافضل رواية عربية للعام الماضى.

أما رواية «المرشد» فهى تتناول فترة دقيقة من تاريخ مصر بعد نكسة يونيو 1967 حتى الشهور الستة الأولى من ثورة يناير 2011 من خلال قصة رجلين ينتميان لقرية واحدة فى صعيد مصر أحدهما فاسد يسرق تاريخ بلده ويستنزف حضارة أجداده والآخر إرهابى متطرف يستغل الدين ويزيف التاريخ لتحقيق مطامعه السلطوية ويسعى إلى التحكم فى مقدرات وطن بأسره.

فيبدوان كطرفى المقص كلاهما مشدود للأخر بحكم الجذور والنشأة وكونهما يعملان مرشدان للشرطة أيضا للابلاغ عن جرائم يرتكبها اخرون مقابل غض الطرف عن جرائمهما ولكن كل منهما يسير فى إتجاه من أجل تحقيق أطماعه ومآربه عازفاً لحنا منفردا خاصاً به فى خسة ووضاعة حتى يلتقيان تحقيقا لمصالحهما الخاصة،  فتمكنا من قبض كفيهما على مصر لتصور لنا سرقة ممنهجة لوطن على مدار 45 سنة.

ونقرأ فى الرواية رحلة صعود من القاع للقمة لبطلى العمل الادبى فالسارق يبدأ بالتنقيب والحفر فى صعيد مصر عن قطع اثرية صغيرة ليبيعها ببضعة جنيهات حتى يبلغ به الامر لبيع بيته وطرد امه منه لوجود كنز من العملات الاثرية اسفله ويرحل للقاهرة حيث يستكمل رحلته مع تاجر الآثار الكبير ليرث تجارته وابنته وصبيانه وحانوته وتتضخم ثروته فيبدأ رحلة تهريب الآثار الى دول اوروبا خاصة سويسرا باساليب مبتكرة دوخت البوليس خلفه حتى صار يعرف بالرجل الزئبقى.

اما البطل المحورى الثانى فهو الارهابى المتطرف الذى يبدأ مسيرته فى منتصف الستينيات عضوا غير فعال بجماعة الاخوان المسلمين ويعتقل فيعترف على زملائه بالجماعة ويتحول الى مرشد للشرطة بعلم جماعته الدينية التى تشجعه وتعظم من دوره داخلها حتى يتمكن من استقطاب ضابط مباحث امن الدولة الذى يتولى متابعة ملف جماعته امنيا فيخترق وزارة الداخلية.

ويبدأ رحلة صعود نحو السلطة من خلال السيطرة على الزوايا والمساجد الصغيرة واستقطاب الشباب والاسر الفقيرة بالمناطق الشعبية وفى نفس الوقت يغض الطرف عن جماعات متطرفة ترتكب حوادث ارهابية ثم يبلغ عن بعض اعضائها بعد التنفيذ.

والرواية تصور كيف يعيد التاريخ نفسه فى الثلاثين سنة الاخيرة من خلال الاسقاط على ما حدث فى العامين التاليين للثورة وكأن شيئا لم يكن، حث تدور احداث الرواية فى بداياتها باعماق الريف المصرى ثم تنتقل الى قلب  القاهرة وشوارعها القديمة وخبايا حوانيتها العتيقة ثم منطقة الهرم وتغوص فى دهاليز الجريمة السرية المنظمة لتجارة الآثار وسرقات المتاحف وجرائم الارهاب وقتل السائحين الاجانب.

وتتصدى لشرح نفسية المهربين والمتطرفين ومرشدى الشرطة من اعضاء الجماعات الدينية كيف كانوا  يرون انفسهم ويبررون افعالهم وكيف تراهم الشرطة التى تستخدمهم لتحقيق غايتها حتى ينقلبوا عليها بعد اختراقها من الداخل . كما تتناول الرواية احاسيس ومشاعر متباينة لمن كانوا بالسجون المصرية وقت قيام الثورة وكيف  شعروا بها ونظرتهم اليها وتفاصيل هروب بعضهم .

أما روايتى الأولى «زمن الضباع» فهى باختصار عن غابة رمزية واشبه بقصص «كليلة ودمنة» تدور كلها على لسان الحيوان والطير ويمكن القول بأن إذا ما غاب الاسد عن حكم الغابة فثق أن مآل الامر سيكون للضباع التى ستديرها من وراء الستار.

والرواية الاقرب لى هى التى لم اكتبها بعد فمازال لدى الكثير فى مشروعى الادبى واتمنى ان يعطينى الله الصحة والعمر لانجازه، وقد استفدت من عملى كقاضى فى تكوين الروائى بداخلى من خلال الخبرات الحياتية المتراكمة ولكن العكس غير صحيح.

بعد الآثار والأدب، يتحول معنا المستشار أشرف العشماوى فى حواره إلى الشأن العام ويقول نحن فى مناخ محتقن متشنج من الصعب أن تقنع أحدا فيه برأيك، وأنا مؤمن أن الفاعلية الحقيقية فى التطبيق واحترام القوانين والدساتير من جانب الدولة التى تصدرها أما النصوص وتنميقها وتدبيجها فهو أمر سهل على أى أديب أو شاعر أو قانونى متمرس العبرة دوما بالتطبيق والفاعلية وهو ما لا يحدث حتى الآن، وأتمنى حدوثه وأترقبه.

ويتابع: بعد قراءة سريعة للمسودة الأخيرة للدستور أرى أنها أفضل كثيرا من دستور 2012، وإن كنت أتحفظ على المادة 67 الخاصة بمصادرة
الاعمال الادبية وهو امر عرفته النظم الشمولية وزمن ولى وذهب ومن غير المقبول ان تكون هناك مصادرة لعمل ادبى واذا ما كان سيئا فليهمل ويتم تجاهله فالمصادرة فى دول مثل دولتنا تعطى شهرة لمن لا يستحق ولعنا نذكر رواية «وليمة لأعشاب البحر» التى صادرتها مباحث امن الدولة وبعد ان حفظت انا القضية كانت الرواية تباع فى السوق السوداء بضعف ثمنها بلا اى مبرر فلم يكن فيها شئ يذكر يستحق المصادرة.

كما أننى ضد استمرار محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية واذا ما كانت وجهة النظر المؤيدة تقول إن المحاكم العسكرية تطبق نفس القوانين والاجراءات فمن باب أولى أن يكون ذلك سببا لوقفها فما الفائدة ان تحاكمنى أمام قاض عسكرى بنفس القوانين ولماذا لا تتركنى امام القاضى الطبيعي؟