الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«شفيق رئيس».. يا راجل!




بين بناته الثلاث أميرة ومى وشيرين وصديقه المقرب الطيار، كان الفريق أحمد شفيق يجلس فى منزله بالتجمع الخامس عصر 24 يونيو 2012 منتظراً تنصيبه رئيساً لمصر، بعد أن أكدت جميع الدلائل فوزه فى سباق «كرسى الحكم» متفوقاً على منافسه الإخوانى محمد مرسى بفارق عدد كبير من الأصوات عقب استبعاد اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية الصناديق التى أشرف الخرفان على تزوير أصواتها فى المطابع الأميرية لصالح مرشح «قطيع السمع والطاعة».
«شفيق» لم يعر بالاً لأمر تلك الصناديق أو الطعون التى طاردتها، لاسيما مع بدء تحقيقات فعلية خلال الأيام السابقة لإعلان النتيجة كشفت عن ثمة تلاعب أخوانى فى الصناديق، إذ تيقن «الفريق» من فوزه بـ«الكرسى» من علامات أخرى عديدة أكدت حسم المعركة لصالحه، كان أبرزها حصار قوات الحرس الجمهورى لمنزله وبدئها بإجراءات تأمين «الرئيس المنتظر»، ناهيك عن علمه بأن كل كواليس اللقاءات السرية التى جمعت جنرالات المجلس العسكرى الممسكين بزمام الأمور فى هذا الوقت بقيادات «الإخوان» كانت تصب فى صالحه.
حول تلك الجلسات دارت علامات استفهام عديدة، فرغم استمرارها أسبوعاً منذ غلق لجان التصويت إلى إعلان النتيجة، إلا أنها لم تخرج بنتائج حاسمة إلا فى اللحظات الأخيرة التى سبقت إعلان المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا عن تولى مرسى «الرئاسة»، هذه اللحظات مرت على المصريين كـ«الكابوس» خاصة وأن الجميع كان يعلم مدى الضغوط التى تمارسها «الإخوان» حتى تخرج النتيجة فى صالح مرشحها، بعد أن حشدت أعضاءها فى الميادين مستغلة الوصف الفلولى لـ«شفيق» فى جمع الثوار الحقيقيين من أبناء هذا الوطن، الذين لم يستوعبوا حتى ذلك التوقيت أن 25 يناير «ثورة واتعملت فيهم»!
هذا الضغط الإخوانى جعل أنباء تلوح فى الأفق تؤكد أن جنرالات المجلس العسكرى طرحت صفقة على قيادات «الخرفان» فى محاولة لنزع فتيل القنبلة التى فخخوا بها الشوارع والميادين خلال ذلك الأسبوع الأسود لتنفجر إذا جاء الفريق رئيساً بعدما رسخوا فكرة مفادها أن «رئاسة شفيق = عودة دولة الفلول».. تلك الصفقة كانت تقول ببساطة أن: «نتائج فرز أصوات الناخبين فى جولة الإعادة تشير إلى فوز مرسى، مع وجود طعون يمكن أن تغير النتيجة لتحوله من فائز إلى خاسر، وأمام ذلك فيمكن إعلان نجاح مرشح الجماعة فى مقابل أن يكون من حق المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعيين وزراء الدفاع والداخلية والخارجية، وعلى أن تنتقل أيضاً جميع ملفات الأمن القومى إلى المؤسسة العسكرية».
وبغض النظر عن حقيقة تلك الصفقة من عدمها، كانت الأجهزة السيادية المصرية تعلم حجم مؤامرة الإخوان على هذا الوطن، والمصير الذى ستؤول إليه مصر إذا لم تستطع العبور من مأزق «الرئاسة» دون انقلاب إخوانى دموى على المصريين أنفسهم، مع الأخذ فى الاعتبار التهديدات التى وجهها الإخوان بوقاحة فى هذا التوقيت بـ«تفجير البلد» إذا لم يصل «مرسى» إلى «الكرسى»، لذا فإن الواقع كان يؤكد أن المطلوب من «المجلس العسكرى» تخطى الأمر بحسابات مدروسة تضمن له أن تظل مؤسسات الدولة الاستراتيجية ممسكة بـ«أوراق اللعبة» حتى تستطيع رميها جميعا فى الوقت المناسب، هذا الوقت الذى كان يعلمه جيداً الجنرال عمر سليمان عندما قال قبل أيام من لقاء ربه: «من انتخبوا الإخوان هم من سيسقطوهم».. ورغم رفض الإخوان للصفقة فى ظل أطماعهم بالتهام «التورتة» كاملة، إلا أن الشد والجذب الذي شهدته هذه الأيام أدي في  النهاية إلي قبولهم للصفقة بمنطق «نصف العمى ولا العمى كله»، وهو ما لم يسمح الوقت لـ«شفيق» بأن يعلمه وهو ينتظر تنصيبه رئيسا.
كل ما سبق كان تمهيداً لمعادلة بسيطة بدأ المصريون حسابها منذ أيام قليلة عندما طل الصوت المخابراتى لـ«مستر وحيد» فى برنامج الزميل عمرو أديب قائلا: «مفيش سيسى رئيس.. ومفيش انتخابات رئاسة تانى.. الرئيس القادم فريق بالمعاش وعسكرى حازم صارم سيتولى الأمور لينفذ إجراءات صارمة لمدة 4سنوات ثم يتم الاستغناء عنه».. هذا التصريح أستقبله قطاع كبير من المصريين على أنه تلويح بـ«رئاسة شفيق لمصر».. خاصة أن جملة «مفيش انتخابات رئاسة تانى» كان المعنى الأول لها أن القضاء هو من سيسلم مقاليد الحكم للرئيس القادم.
 وبما أن «شفيق» صاحب الطعن الوحيد الذى ينظره القضاء على الانتخابات الرئاسية، تيقن الكثير أنه «الرئيس القادم» حتى ظهر الزميل عبد الرحيم على الإعلامى الأقرب لـ«شفيق» ليفجر مع طونى خليفة مفاجأة من أثقل عيار قائلاً : «الأسبوع القادم سيشهد حكما تاريخيا ستصدره المحكمة بتزوير الإنتخابات الرئاسية ليكون أحمد شفيق الرئيس الشرعى لمصر»، وبهذه المفاجأة بدأت ملامح «المعادلة» تظهر جلية بعد أن صور الكثيرون تصريح «عبد الرحيم» على أنه «جس نبض» للمصريين حول العودة المنتظرة لـ«الفريق».. ليكمل «شفيق» نفسه أركان المعادلة أمس الأول ببيان أصدره عبر حزب «الحركة الوطنية» الذى يترأسه فى محاولة للتصالح مع شباب 25 يناير، قال فيه « دعونا نحتضن شباب 25 يناير.. دعونا نحتفل معهم لكونهم قد أشعلوا شرارة ثورة 30 يونيو التى استكملت بثورة 30 يونيو».
وبما أن فكرة «جس النبض» قد آتت بثمارها ليتجادل أبناء هذا الوطن حول «عودة الفريق».. وبما أن «شفيق» بدأ فى تغيير استراتيجية تعامله مع 25 يناير ليصفها بـ«شرارة الثورة».. وبما أن الرجل المخابراتى قد لوح بعدم إجراء انتخابات رئاسية «تانى».. إذًا يمكننا التأكيد على أن مصر قد تشهد تحولاً فارقاً حقيقياً يحسم «الرياسة».. وهو المطلوب من الأيام القادمة إثباته!