السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لماذا نخشى الإسلام السياسى؟





بقلم مروان المعشر
  نائب الرئيس للدراسات فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولي
 

 انتقل مرشح الإخوان المسلمين للرئاسة من مصر إلى جولة ثانية من التصويت وبتصاعد الخوف أكثر من صعود الإسلاميين، هناك حنين للعالم العربى القديم بين العديد، داخل وخارج المنطقة. يبدأ البعض فى دفع الحجة القائلة بأن الأنظمة السابقة قيدت الحريات الشخصية، وخنق التنمية الاقتصادية ولكن على الأقل كنا نعرف مع من كنا نتعامل، وأين وقفنا ولم تكن هناك فوضى فى الاختيار.
 
اليوم، لمحة سريعة على عناوين الصحف فى أنحاء العالم.. تقود المرء للاعتقاد بأن الإسلام يحرض ضد العلمانية فى المعركة من أجل السيطرة على العالم العربى الجديد، فصعود الاسلاميين يزيد بوضوح مخاوف الغرب، ويزيد شوقهم للأيام الجميلة القديمة.
 
«لا تشترى هذه الضجة.» هذا التفكير يتجاهل الواقع هذا تمويه لمشاكل الماضى، ويعكس توقعات غير واقعية لتحولات سياسية فورية فى أعقاب الثورات هذا ليس صداما بين الإسلام وبقية العالم، بل معركة من بالتعددية ويضع هذا السباق المؤمنين فى التعددية من كلا المعسكرين العلمانى والاسلامى ضد أولئك الذين يتمسكون بأفكار عفى عليها الزمن من الاقصاء أو التفوق ويصر على حرمان الآخرين.
 
للفوز فى هذه المعركة، لا يمكننا أن نتجاهل ثلاثة دروس حاسمة نابعة من رماد العالم العربى القديم.
 
أولا، لا يمكن تجنب السياسة التأسيسية فهى ضرورية. الإصلاحات المفروضة من اعلى ليست كافية لتحقيق النضج السياسي. كل الجماعات والأحزاب بحاجة إلى تحويل التروس والمشاركة فى الحياة السياسية على أرض الواقع لتحقيق رغبات وحاجات المجتمع.
 
ولعل هذا هو الدرس الأهم، على ما يبدو أن الاسلاميين أدركوا هذا منذ عقود. يحتاج المرء فقط إلى أن يشير لنجاح الإخوان المسلمين فى مصر. بعض العلمانيين، من ناحية أخرى، ادى تفكيرهم الى بقاء الكثير منهم بعيدا ويفتقرون إلى شبكات كافية على الارض لتكون ناجحة. على المدى القصير، هذا هو الخبر السار بالنسبة للإسلاميين، ولكن السياسة التأسيسية هى السبيل الوحيد للدفاع عن الحريات الفردية وحماية الحقوق السياسية.
 
ثانيا، اعتماد بعض الجماعات أو الأقليات على الأنظمة الديكتاتورية لحماية حقوقهم وضمان طريقتهم فى الحياة - فى حين ان اغتصاب حقوق مواطنيهم - لا يمكن الدفاع عنهم بكل بساطة على سبيل المثال، دافع النظام السابق فى تونس عن حقوق المرأة لكنها تجاهلت حقوقاً أخرى كثيرة ودعمت العديد من المسيحيين السوريين حكومة بشار الأسد، والتى أسفرت عن مقتل الآلاف على مدى العام الماضي، وذلك لأن مجرد نظام الأسد العلوى حمى حقوقهم الدينية.
 
هذه المساومات غير مقبولة ولا يمكن تحملها بدلا من تجاهل وسوء معاملة الآخرين، ينبغى للمجموعات الكفاح من أجل حقوق الجميع، بغض النظر عن انتماءاتهم هذه هى الطريقة الوحيدة التى يمكن النظر بها إليهم كمواطنين وليس كأقليات.
 
ثالثا، خسر الإسلاميون قداستهم فى اللحظة التى دخلوا فيها عالم السياسة سواء كانت جماعات دينية أو علمانية، أو المحافظة المتطرفة، فى الحكومة أو خارجها، لم يعد جميع الذين يدخلون المعترك السياسى قادرين على تبنى نهجًا أقدس مما كانت عليه.
 
أصبح الميدان فى بلدان مثل مصر وتونس والمغرب وليبيا وغيرها مفتوحًا الآن للجميع، والشعب وحده هو المصدر الحقيقى للسلطة. اصبح لدى المجتمع الحق فى رفع أو إزالة أى شخص من السلطة. لا يمكن للأحزاب الدينية الاختباء وراء الدين أو الانغماس فى الذرائع المقدسة - شعارات مثل «الإسلام هو الحل» لن تنجح من دون أن ترافقها إجراءات لا يستطيع العلمانيون منع الاسلاميين من العمل السياسى بحجة أن هذا الأخير غير ملتزم بالتعددية.. وهذا يعنى أنه يجب على الجميع العمل معا للدفاع عن الحقوق الأساسية والانتقال إلى الديمقراطية الحقيقية يجب أن تفسح سياسات الإقصاء المجال للإدراج يستطيع ائتلاف التعدديون فقط النجاح فى بناء مجتمع ديمقراطى تحكمه القواعد الأغلبية، وتحترم فيها حقوق الأقليات، والحقوق الفردية فيها تكون آمنة وسيادة القانون تنطبق على الجميع دون محاباة.
 
وبدأت المعركة من أجل التعددية.
 
 واشنطن بوست
 
ترجمة ـ داليا طه