الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عاصم الدسوقى: الثورة انقلاب حتى تحقق أهدافها




حوار- كريم ربيع
قال إن ما حدث فى يناير 2011، ليس ثورة وإنما انقلاب، لأنها لم تحرك ساكنا، كذلك 30 يونيو أيضا انقلاب، وأكد أن السيسى هو الزعيم «الكفيل»، مثله مثل عبد الناصر ومحمد على، والبرادعى هو موظف أمريكا فى مصر، وصباحى وموسى لا يصلحان لرئاسة مصر، كل هذا وأكثر فى حوارنا مع د. عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب، جامعة حلوان وعميدها الأسبق.

 ■ فى البداية.. كيف نؤرخ لثورة الـ25 من يناير؟ وما تقييمك لما كتب حتى الآن؟

ـ عندما نؤرخ لأى حدث، فإن علينا الاعتماد على عدد من المصادر، منها شهادات شخصية لعدد ممن عاصروا الحدث، وتقارير الأمن، وعدد من التقارير الصحفية، ومراسلى الصحف الأجنبية، وتقارير سفراء الدول الأجنبية فى مصر، وسفراء مصر بالخارج.
أما عما كُتب عن الثورة، فلا يعتبر تأريخًا، وإنما مجموعة من الخواطر، أو كتابات انطباعية، ليس لها مصادر.

■ إذن.. متى نستطيع تأريخها؟
ـ لا أستطيع كتابة تاريخ لحدث لم ينتهِ بعد، بمعنى أن الثورة لا تزال فى مرحلتها الأولى، فإلى الآن لا نستطيع أن نطلق عليها مصطلح «الثورة».

■ كيف؟

ـ إن ما حدث فى يناير 2011، وإلى الآن على مدار ثلاث سنوات، ليس ثورة، وإنما انقلاب، هذا هو المفهوم العلمى لما حدث، لأن الثورة لابد لها أن تغير رأس الحكم وفلسفته، وما حدث هو إسقاط رأس الدولة فقط، ويبقى تغيير نظام الحكم.

■ وماذا عن 30 يونيو؟   

ـ من وجهة نظر العلم.. فإن ما حدث يعد أيضا انقلابًا، ولكن لكى لا يُفهم كلامى بصورة خطأ، أريد أن أشرح لكم أن الثورة الفرنسية أيضا كانت انقلابا، أطاحت برأس السلطة فى البداية، وتحولت إلى ثورة عندما تم إقرار أنظمة اقتصادية، وسياسية، مغايرة لما كانت قائمة، وبالتالى شعر المواطن البسيط بنتائج هذا التغيير، فأصبحت ثورة، مثلما كانت الحال فى ثورة يوليو 1952، التى كانت انقلابا، إلى أن استطاعت القضاء على الإقطاع، وإقرار مجانية التعليم، هنا شعر المواطن.. فأصبحت ثورة.

■ وكيف تتغير فلسفة الحكم؟

ـ علينا أن نذكر أن ما حدث فى يناير، هو إسقاط مبارك، ولكن فى الوقت ذاته لم يحدث تغيير جذرى فى السياسات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، إذ يصبح حينها المجتمع مجتمعا جديدا غير الذى كان، ففى الوقت الذى نملك فىه «قوت يومنا»، وإلغاء الخصخصة، والسيطرة التامة على الاقتصاد، وضبط الأسعار، فطالما أن رأس المال يتحكم فى طريقة الحكم.. «انسى العدالة الاجتماعية»، عندما يتحقق كل هذا، ننتقل من مرحلة الانقلاب، إلى مرحلة الثورة.

■ أتريد أن تعود بنا إلى الاشتراكية رغم زوالها من العالم؟

ـ بالفعل هناك أصوات تردد هذا الكلام «الأهبل»، ولكن أريد أن أقول لهم «راجعوا الأسباب الحقيقية للأزمة المالية العالمية»، ستجدون أن الرأسمالية هى السبب، والرئيس القادم إذا لم يراع «كفالة» الدولة لمواطنيها، لن يُكتب له النجاح.

■ ماذا تعنى بـ «كفالة» الدولة؟

ـ لابد أن تعود الدولة لحماية رعاياها من الاستبداد الاقتصادى، والقضاء على نظرية «العرض والطلب»، والسيطرة على السوق.

■ ومن تراه قادرا على تحقيق هذا؟

ـ بكل وضوح الفريق أول عبدالفتاح السيسى، هو الوحيد القادر على نقل هذا المصطلح إلى أرض الواقع.

■ لماذا هو الوحيد؟

ـ الفريق السيسى نجح فى تقديم شخصية الزعيم، أى الكفيل (الزعيم فى اللغة تعنى الكفيل، أى الذى يقوم بإجراءات لصالح الجماهير ودون مظاهرة أو دعوة)، ومن ذلك قيامه بدفع ديون الغارمات المسجونات، ودفع ديون أصحاب التاكسى الأبيض، ومخاطبة أمريكا بلغة خشنة، حين قال للسفيرة الأمريكية آن باترسون «أنت مجرد سفيرة لبلادك، وليس لك حق التدخل فى شئوننا، والاتصال بشخصيات من هنا وهناك، وعلاقتك تكون بوزارة الخارجية فقط»، وكذلك فعل عندما قابل «وليم بيرنز» من وزارة الدفاع الأمريكية، فأعاد إلى الأذهان شخصية عبد الناصر، وشعر المصريون بكرامتهم.

  ■ ولكن الغرب وعددًا من القوى السياسية لا يريدونه؟

 ـ أستطيع أن أتفهم رفض الغرب لترشح الفريق، وذلك بسبب قلقهم منه، لأنه رفض التدخل الخارجى فى شئوننا، واتجاهه نحو القطب الروسى، وهذا بمفرده يكفى لرفضه،  ولكن ما لا أفهمه، هو رفض بعض الساسة المصريين لترشحه.

■ وماذا عن البرادعى وحمدين وعمرو موسى؟

ـ البرادعى ما هو إلا موظف لدى الإدارة الامريكية، منذ أن كان فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتجديد له ثلاث دورات.

أما بخصوص حمدين صباحى، فإنه فقد «أرضيته» فى الشارع بشكل واضح جدا، بسبب تحالفه مع «الجماعة الارهابية» فى 2011، كما طلب من الشعب الاعتذار لهم عما بدر من مبارك ضدهم، كما أرى أنه فى حالة خوضه السباق الانتخابى سيكون مرشح «الجماعة».

وعن عمرو موسى، فهو رجل دبلوماسى، لا يستطيع من وجهة نظرى اتخاذ إجراءات حاسمة، فالمدقق فى الدستور، الذى كان رئيس لجنته الخمسينية، يستطيع بكل سهولة أن يدرك ذلك، فالتناقض هو سمة عدد ليس بالقليل من مواده.

■ نعود للثورة وأحداثها.. كيف تؤرخ لدور «المجلس العسكرى» بقيادة المشير طنطاوى؟

ـ من وجهة نظرى أن المجلس العسكرى، هو من حمى مصر من الحرب الأهلية، والتدخل الخارجى، وهو الذى أجبر الرئيس «المخلوع» مبارك على التنحى، والدليل على صحة كلامى، أن مبارك لم يتنح بنفسه، وإنما كان نائبه عمر سليمان، بالإضافة إلى أننا لم نجد أى ورقة تخص هذا التنحى، مدون عليها إمضاء مبارك، ولم يتم نشره فى الجريدة الرسمية بتوقيع المخلوع، لذا فقد حافظ على حرمة الدم المصرى.

■ كيف تنظر إلى القوى الثورية كحركة شباب 6 إبريل ومن يدور فى فلك الإخوان الآن؟

ـ هذه قوى ثائرة لا ثورية، فبعضها مثل6 أبريل يحصل على تمويل خارجي، وبهذا يضعون أنفسهم فى دائرة التبعية والعمالة دون أن يدروا خطورة المنحدر الذى ينزلقون إليه، حيث إن الولاء فى النهاية لدافع الأجر. وأما الذين يدورون فى فلك الإخوان، فإنهم أيضا يقومون بدور العمالة لجماعة تريد تدمير البلاد، وقسمة شعبها على أسس طائفية: عرقية، أو دينية، أو مذهبية.

■ هل ترى دورا سياسيا للإخوان مستقبلا؟

ـ الحقيقة أنه إذا ما استمرت صحوة الدولة كما هى الآن من شرطة وجيش فى ملاحقة باقى جسد الجثمان الإخوانى من بؤر إجرامية وإرهابية، وتقديمهم للمحاكمة، فسوف تنتهى الجماعة للأبد، ولن تقوم لهم قائمة. وللأسف، هناك كثير من الشعب مغيب،   ومنهم من أدرك حقيقتهم، ومنهم من لم يدرك حتى الآن، وهذه الحقيقة أنهم متناقضون مع الموروث الثقافى فى مصر، وهى العادات والتقاليد التى هى موجودة من قبل حتى الإسلام والمسيحية، إذ يمكننا أن نقول إن ما يجمع المصريين من عادات وتقاليد أكبر مما يفرقهم على مستوى العقائد والأديان. وواقعيا، أرى أن جماعة الإخوان انتهت، لأنها فقدت مصداقيتها فى تدخلها فى السياسة والصراع السياسي، وفرضهم على الشعب، خاصة أنهم كانوا يقولون باستمرار إن التجربة الإسلامية هى الحل البديل عن التجربة الليبرالية والاشتراكية، لكنهم فشلوا تماما، وإعادة بناء مصداقيتهم مرة أخرى تحتاج إلى أجيال.

 ■ كيف ترى مستقبل الجماعة السياسى والتنظيم الدولى للإخوان؟

ـ سوف يكررون السيناريو الذى صنعوه بعد ديسمبر 1948 (اغتيال النقراشي)، وفبراير 1949(اغتيال حسن البنا)، واكتوبر1954(محاولة اغتيال عبد الناصر ومحاكمتهم)، و1965(إعدام سيد قطب) بالعمل تحت الأرض، ومغادرة البلاد، حيث يتم احتضانهم من قبل النظم السياسية التى تقف لمصر
بالمرصاد، وتمنعها من الإقدام على التنمية، حتى تظل سوقا مفتوحة للمنتجات الرأسمالية عالميا، وتابعة سياسيا للأجندة الإسرائيلية والأمريكية لتحقيق أهداف النظام العالمى الجديد عبر الفوضى الخلاقة، وإقامة الشرق الأوسط الجديد.

أما إذا نجحت الثورة المصرية (يناير2011- يونيو2013) فى تحقيق أهدافها، طبقا للشعارات المرفوعة، فسوف تنجح مصر فى العبور من الأزمة بفضل إيجاد مجتمع متماسك، وطنيا واجتماعيا.