الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ميدو.. الرهان الخطير فى الزمالك




كتــب – وليـــــد العـــدوى

أثار قرار تعيين أحمد حسام ميدو مديراً فنيا لفريق الكرة الاول بنادى الزمالك الكثير من ردود الفعل المختلفة، منها ردود غاضبة عند البعض، واخرى تعكس التفاؤل عند البعض الآخر، على اعتبار أنها التجربة الأولى من نوعها على الكرة المصرية، أن يقود لاعب شاب معتزل لتوه فريقاً فى حجم ووزن وثقل نادى الزمالك، خصوصاً مع مشاكله التاريخية وأزماته المالية اللا محدودة، ليصبح ميدو أمام رهان عظيم، إما أن يصنع منه هو شخصيا ومن أبناء جيله تجربة عالمية جديدة، إما يقضى على نفسه مبكراً كمدرب.

سبب اعتراض البعض على اسناد المهمة لميدو أنه حديث العهد بعالم التدريب، ولم يسبق له تولى مسئولية قيادة اى فريق من قبل، سواء فى الاندية الصغيرة او حتى فى قطاعات الناشئين كما اعتادنا من قبل، وهو سر غضب عدد غير قليل ممن سبقوه فى الاعتزال وخاضوا غمار التدريب من قبل، ليصبح التحدى ضخماً امام ميدو، الذى قبل رغم الازمة المالية الطاحنة، ومشاكل بعض النجوم وعلى رأسهم شيكابالا.

بتدريب الزمالك يكون ميدو قفز خطوات تاريخية ومهمة فى عالم التدريب، ويحسب فى ذلك اولاً لمسئولى نادى المصرى البورسعيدى الذين فكروا أولا فى ميدو، وعرضوا عليه الفكرة، لكنه اعتذر لهم فور انتقال نفس الفكرة لناديه الأصلى الزمالك، وعلى الفور رحب ميدو بخلافة مدربه السابق حلمى طولان، معلنا تنازله عن مستحقاته 4 ملايين و700 الف جنيه لدى إدارة البيت الأبيض.

قضية ميدو سحبت البساط من أزمة الساعة الدائرة رحاها بين حسن حمدى رئيس النادى الأهلى ووزير الرياضة طاهر ابوزيد بشأن الصراع بينهما، ولم لا؟ والجميع حبس انفاسه مع تأكيد خبر تولى ميدو القيادة الفنية للزمالك، والذى وقفت ولأول مرة ادارته بقيادة كمال درويش موقف المصارح لحقيقة نفسه، بانه لا يوجد ما يخسره فى الرهان على ميدو، وقد توقفت البطولات منذ بداية الالفية الجديدة، وتحديدا مع رحيل التوأم حسام وابراهيم حسن، ومن بعدها استقدم الزمالك مدربين اشكالاً والواناً من الداخل والخارج على مدار 12 عاما متواصل، دفع لهم الغالى والنفيس، دون تحقيق اى شئ يذكر سوى مزيد من الفشل والانكسارات وتعميق الجراح.

رغم أسماء الاندية الرنانة التى دافع عن ألوانها ميدو فى رحلته الأوروبية،إلا أنه لم يمكث فى الملاعب طويلا فاللاعب المولود فى الثالث والعشرين من فبراير عام 1983 قرر الاعتزال فى الحادى عشر من يونيو من عام 2013، بعد الاعتزال مباشرة قرر الإتجاه للتحليل الفنى للمباريات،ليصبح فى فترة وجيزة أحد أفراد فريق التحليل الفنى لقناة الجزيرة الرياضية لتحليل مباريات الدورى الإنجليزى قبل أن يقرر مسئولو الزمالك الرهان عليه.
ليست المرة الاولى التى يتولى فيها لاعب فور اعتزاله تدريب فريق بالدورى الممتاز فقد سبق أن تولى حسام حسن نجم الكرة المصرية تدريب نادى المصرى وهو مازال مقيداً فى صفوف الفريق كلاعب بقرار من السيد متولى رئيس النادى المصرى الراحل.

ويعد ميدو من أصغر المدربين فى تاريخ الدورى المصرى منذ انطلاقه عام 1948 بعد أن تولى بشكل رسمى تدريب الزمالك وهو فى سن 31 عاماً ليأتى ميدو كثانى أصغر مدير فنى فى تاريخ الكرة المصرية بعد الخبير الفنى الراحل محمد عبده صالح الوحش الذى تولى تدريب النادى الأهلى وهو فى سن الثلاثين من عمره والذى يأتى فى المقدمة.

ميدو وإن كانت نهايته فى الملاعب لم تكن بالشكل المطلوب، فتاريخه لن يمحى أبدا أنه المصرى الوحيد الذى لعب فى أهم دوريات العالم (فرنسا وإيطاليا وانجلترا واسبانيا)، كما تدرب تحت أيدى مجموعة من أفضل مدربى مصر والعالم سواء حسن شحاتة أو الراحل محمود الجوهرى أو حسام حسن، وفى أوروبا رونالد كومان ومارتن يول وتشيزارى برانديلى ورودى فولر وغيرهم الكثيرون.

دائما ما يكون ميدو النجم الأول أينما حل فى مارسيليا على حساب دروجبا أو أياكس على حساب زلاتان أو توتنهام على حساب كانوتيه أو ويجان والزمالك على حساب عمرو زكي، ميدو سيشكل بنجوميته حالة مع الجماهير أشبه بتلك التى يخلقها حسام حسن مع جمهور الزمالك.

صحيح لم يعتمد مسئولو الزمالك على الأسس العلمية فى اختيار ميدو كمدرب، كما يحدث فى أوروبا، حيث تحدد الأندية أهدافها حسب احتياجاتها، وهى مختلفة بالطبع من نادٍ إلى آخر، وعلى أساس ذلك يتم وضع قائمة للمرشحين وفق هذه الشروط لاختيار الأفضل تحقيقاً للنتائج المرجوة بعد سلسلة اجتماعات معهم لسماع افكارهم، فهناك نوعيات من المدربين: من يجيد التعامل مع الشباب، ومن يفشل فى ذلك لكنه يتعامل جيداً مع النجوم، ومن يجمع نقاط فى دورى، أو يفوز ببطولات كئوس.

عدم الاعتماد على هذه المعايير ربما يزرع بعضاً من الشكوك حول سر اختيار ميدو فى هذا التوقيت الملبد بالمشاكل والخلافات والازمات خصوصا المالية، ليكون كبش فدا لإدارة الزمالك التى ما زالت تبحث عن الاستقرار الإدارى، فى وقت مازال ميدو معجباً بالتجربة ومتحمساً لها بعد ان اتت له على طبق من ذهب، متخطيا بذلك اجيالاً عظيمة وكثيرة من سابقيه.

تناول ميدو الملفات الشائكة التى تواجهه فى تحديه الجديد مع الزمالك، أبرزها أزمة شيكابالا الذى رحل عن النادى الأبيض بسبب خلافه مع الإدارة حول مستحقاته المتأخرة وعقده الكبير الذى ترفضه الإدارة الحالية، ورغم ذلك تعهد ميدو بعودة شيكابالا لسابق عهده، مستغلا صداقتهما القوية .
أما اهم القضايا على الاطلاق فهى خاصة بأزمة المستحقات المالية، التى دائما ما تقف عائقاً أمام استمرار تفوق نجوم الزمالك فى البطولات المختلفة.
تبقى الاشارة فيما يخص النواحى الفنية أن ميدو من الجيل الذى لحق العمل مع الجنرال الراحل محمود الجوهرى الذى رسم له شخصية اللاعب الدولى فى سن صغيرة، وهو ما يفسر فى الوقت نفسه سر اتجاه الأجيال التى تدربت على يد الجنرال الراحل للعمل التدريبى بعد اعتزال كرة القدم.
من أبرز اللاعبين الذين يعتبرون محمود الجوهرى مدرستهم التدريبية الأولى والملهم الأكبر لهم هما التوءم حسام وإبراهيم حسن، أحد أهم أسلحة الراحل محمود الجوهرى فى منتخب مصر عبر التسعينيات وحتى مطلع القرن الحالى.

ميدو اعتبر الجنرال بمثابة الأب الروحى وكان يتلقن من خلاله كل فنون كرة القدم ويصغى لتعليماته جيداً فى كيفية الهروب من تكتلات الدفاع التى يصنعها المدربون ضده والرقابة اللصيقة التى فرضت عليه بعد أن ذاع صيته وأصبح نجماً كبيراً يعرفه الخصوم.

ميدو كان الفتى المدلل للجنرال الراحل على الرغم من أن حظه السيئ لم يجعله يكمل المسيرة مع الجوهرى بعد أن رحل الأخير عن تدريب منتخب مصر فى 2002، لكن الأعوام القليلة التى قضاها ميدو مع الجوهرى أثقلت خبراته التى زادت فى أوروبا وجعلته يرى فى نفسه مدرباً يمكنه أن يسير على خطى أستاذه، وها هو الآن يخلف أستاذه الجوهرى فى قيادة نادى الزمالك إحدى قلاع كرة القدم فى مصر والشرق الأوسط والقارة الإفريقية.