الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وريقاتكم سقطت عن عوراتكم!




كتب: محمود الشربينى

- قبل ان تقرأ: أليست مفارقة مدهشة ان نكتشف اليوم -من دون ادعاء الحكمه بأثر رجعى- ان مصر الثائرة لم تكن جاهزه-وربما حتى الآن- للتغيير الثورى العاصف، الذى كان مجرد طيف يلوح على خيال كل حالم بالاصلاح والتغيير والتقدم، ثم فاجأنا كالبركان فى ثورة يناير المجيدة؟!
-من ذا الذى كان يستطيع التنبؤ بانفجار عاصفة التغيير؟ لكنها حينما هبت كان مفاجئا-بل مفجعا- الايكون هناك احد جاهز اللتعامل معها على هذا النحو الفاضح المخزى الذى يفاجئنا كل يوم! فخلافا لما يقال بان» الاخوان المسلمون» كانوا جاهزين اكثر من غيرهم فهذا لم يكن صحيحا بدليل ان ما انتظروه ٨٠ عاما اطاح به المصريون مرتين فى عام ونصف العام.. مرة باقتلاع الحاكم الاخوانى وعزله، ومرة برفض دستوره ووضع  دستور آخر جديد فى سابقة تصويت لم تحدث من قبل فى مصر!
-اندلعت الثوره ثم حان موعد موجتها الثانية فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، فإذا بنا نطل وبكثافة على عيوب المجتمع المصرى بكل سفور ووضوح.. عيوب اطلت برأسها بقسوة، وتناقلت الناس ووسائل الاعلام والتواصل الاجتماعى تلك المخازى والعيوب التى تلوث الثوب المصرى وتكشف اتساخه الشديد.. فها هى الاكثرية موصومة بالفساد، والنخبة التى تعلقنا بها وباهداب الامل فيها طويلا موصومة بأنها كاذب مخادعة،وتتمترس خلف بريق إعلامى زائف، وثوار ما ان نجحت محاولتهم وقدرتهم على الحشد ولاحت نذر التغيير حتى سعوا الى ارتكاب خطيئة المسلمين في» غزوة احد».. حيث تركوا مواقعهم فى الميادين وهبطوا على «المشهد السياسى.. والاعلامى» يبحثون عن الغنائم والاسلاب والسبايا..فى محاولة لاستبدال تاريخ ناصع نقى جديد بتاريخ ملىء بكل انواع وأصناف الضعف البشرى «بحشيشه ونسوانه وبفقره وبديونه وبشلليلته ومن يستطيع ان يمول لياليه الحاردة والباردة معا !!» حلموا بمحو «ملفات» تاريخهم السابق باستيكة، من خلال اقتحام «سوكه» وشركاه مقر امن الدولة، لاعدام الملفات وبدء حياة جديدة على نضافة! لقد ارادوا هدم جزء من تاريخهم ليبنوا لهم تاريخا جديدا من النقاء من دون اخطاء او شوائب او موبقات انسانية.. شأنهم فى ذلك شأن بقية شرائح وفصائل المجتمع المصرى التى لها اخطاؤها وخطاياها لكنها لم تسقط فى نفس الفخ الذى سقط فيه الاخوان والثوار وعدد من السياسيين الذين ما ان افتضح امرهم الآن حتى سألوا السؤال الخطأ وهو: هل يجوز هذا الافتضاح لنا على نحو غير قانونى كهذا فى حين ان السؤال كان يجب ان يكون: وماذا بعد هذا الافتضاح ؟اانتم معتذرون ام آسفون ام ماذا؟!
-هبط ثوار واخوان وساسة ومسئولون من قمة جبل احد، ساعين نحو الغنائم فكانت الهزيمة المنكرة التى ربما سجلت بأجهزة «تكنولوجية!» او سجلتها أجهزة «امنية».. او تبادل ابطالها تسجيلها كل للآخر توقعا للحظات تصفية الحسابات فكانت النتيجة مأساة مكتملة الاركان!
-انشغل هؤلاء بالملفات والمناصب وبالنسوان وبعطايا وهدايا الاخوان! تركوا الوطن يحترق بينما كانوا يعقدون صفقاتهم مع الأطراف المتصارعة على طريقة «هذه لى فى الصباح وهذه لى فى المساء وهذه لى بين الظهيرة والمساء» فهذا سيأتى وزيرا وهذا رئيسا وهذا رئيسا للحكومة، أما الآخر فإنه غارق فى خلافه مع الناس حول المسمى الذى يمكن ان يقدمه به المذيع للجمهور فى برنامجه التليفزيوني؟ وربما كان ايضا غارقا فى علاقاته الإنسانية، التى لانقر بها وان مزقنا انهم فى غمرة ذلك كانوا يتركون الوطن يحترق، بالطريقة التى شاهدناها مرات عديدة «بالكربون» كحرق المجمع العلمى ومبنى وزارة المالية ومنطقة فندق سميراميس!
وللأسف اننا لم نكن مستعدين لانفجار عاصفة الثورة المصرية بدليل اننا ونحن على مشارف الذكرى الثالثة للثورة ليس لدينا خطة عمل واضحة للتقدم نحو المستقبل؟ ولسنا على قلب رجل واحد فى ما يخص وقف نزيف الدم فى مصر فهذا لايرى امكانية لذلك من دون «هدم المؤسسة العسكرية» وهذا لايرى امكانية لذلك من دون اباحة حق التظاهر وعدم محاكمة المدنيين مطلقا امام محاكم عسكرية٠ ليس هذا وحسب بل اننا لم نتوافق على كيفية اختيار الرئيس القادم فبعضنا يهلل لتفويض رئيس عسكرى وتزكيته بلا انتخابات وبعضنا يدعو لحشد جماهيرى لإجبار قائد الجيش على الترشح!! يحدث هذا كله ولم نتمكن بعد من حسم امرنا وهل نبدأ بانتخابات البرلمان ام بانتخابات الرئاسة.. بل اننا لم نوقف الفساد فى المال العام فلم نقرر بعد تطبيق الحد الاقصى للاجور ولم نقرر بعد منع توريث المناصب القضائية والاكاديمية ونحو ذلك من مفاسد تنوء بها الدولة!
- بعد ان قرأت: هدم الدولة القديمة كان ولايزال أملا لكل الحالمين بمستقبل افضل لهذا الوطن ..هنالك اجماع على هذا الهدف.. حتى لدى المواطن العادى.. لكن الفرق المهم ان المواطن يريد ان يهدم سياسات فاسدة ويبعد رجالا فاسدين وتغيير وسائل فاسدة فى منظومة شاملة وليس تدمير مؤسسات الدولة، لكن رغم اننا على مشارف الذكرى الثالثة للثورة لم نحصد شيئا سوى اننا اسقطنا اوراق التوت عن كثير من العورات.. فقط!