الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بأسلحة خفيفة قاوم الضباط والجنود الغطرسة البريطانية




الإسماعيلية - شهيرة ونيس

مرت أمس الذكرى 62على رفض ضباط وجنود الشرطة المصرية الانصياع لاوامر البريطانيين باخلاء منبى المحافظة والخروج بدون اسلحتهم مما أدى الى نشوب معركة كبيرة غير متكافئة فى الاسلحة والافراد ورغم ذلك استبسل فيها رجال الشرطة المصرية أمام الجيش البريطانى المدجج بالاسلحة الثقيلة من طائرات ودبابات ومدافع.
واسفرت المواجهة عن استشهاد 50 ضابطا وجنديا وجرح 80 آخرين مقابل 13 قتيلا بريطاينا و12 جريحا.
لذلك يعتبر 25يناير ‏1952‏ بدء الانطلاقة الثورية فى تاريخ مصر والذى توج باندلاع ثورة 23يوليو من نفس العام.
ترجع بداية هذا الحدث الى نشوب توتر شديد بين مصر وبريطانيا عندما اشتدت أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنود وضباط الاحتلال فى منطقة القنال، وكانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة، خاصة فى الفترة الأولى، كما أدى انسحاب العمال المصريين من العمل فى معسكرات الانجليز إلى وضع القوات البريطانية فى منطقة القناة فى حرج شديد.
وفى يوم الجمعة 25 يناير1952 أقدم الاستعمار البريطانى على ارتكاب مجزرة وحشية لا مثيل لها من قبل.. ففى فجر هذا اليوم تحركت قوات بريطانية ضخمة تقدر بـ7 آلاف ضابط وجندى من معسكراتها إلى شوارع الإسماعيلية مدججين بالدبابات والعربات المدرعة ومدافع الميدان وعربات اللاسلكى.
واتجهت هذه الحملة العسكرية الكبيرة إلى دار محافظة الإسماعيلية وثكنة بلوكات النظام التى تجاورها واللتين لم تكونا تضمان أكثر من850 ضابطا وجنديا حيث ضربت حولهما حصارا محكما.
وجه الجنرال اكسهام قائد القوات البريطانية فى الإسماعيلية فى منتصف الساعة السادسة صباحا انذارا إلى ضابط الاتصال المصري، المقدم شريف العبد، طلب فيه أن تسلم جميع قوات الشرطة وبلوكات النظام فى الإسماعيلية، أسلحتها وأن ترحل عن منطقة القناة فى صباح اليوم نفسه بكامل قواتها،وهدد باستخدام القوة فى حالة عدم الاستجابة إلى انذاره.
وقام اللواء أحمد رائف قائد بلوكات النظام، وعلى حلمى وكيل المحافظة بالاتصال هاتفيا على الفور بوزير الداخلية وقتئذ فؤاد سراج الدين فى منزله بالقاهرة، فأمرهما برفض الانذار البريطانى ودفع القوة بالقوة والمقاومة حتى آخر طلقة وآخر رجل.
وفى السابعة صباحا بدأت المجزرة الوحشية وانطلقت مدافع الميدان زنة25 رطلا ومدافع الدبابات (السنتوريون) الضخمة من عيار100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقة أو رحمة.
وبعد ان تقوضت الجدران وسالت الدماء، أمر الجنرال اكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل انذاره الاخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم وإلا فإن قواته ستستأنف
الضرب بأقصى شدة. وتملكت الدهشة القائد البريطانى المتعجرف حينما جاءه الرد النقيب مصطفى رفعت متأججا بالحماسة والوطنية صراخا فى وجهه فى شجاعة وثبات: لن تتسلموا منا إلا جثثا هامدة.
واستأنف البريطانيون المذبحة الشائنة فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت في أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء الطاهرة.
بالرغم من ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز (لى انفيلد) أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم وسقط منهم فى المعركة50 شهيدا و80 جريحا، بينما سقط من الضباط البريطانيين13 قتيلا و12 جريحا واسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير1952.  لم يستطع الجنرال اكسهام أن يخفى اعجابه بشجاعة المصريين، فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال: لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا.
وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال اكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة.