الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

كريم مروة: الثورة المصرية أمل كافة الشعوب العربية.. وطريقها مفروش بالأشواك




كتب - مجدي الكفراوى
أكد الكاتب والمفكر اللبنانى الكبير «كريم مروة» أن مصر الثورة هى الآن محط أنظار وآمال الأمة العربية، وقال خلال اللقاء الذى أقيم بمعرض القاهرة الدولى للكتاب لمناقشة أحدث كتبه التى أصدرها عقب ثورات الربيع العربى وهى: «قادة تاريخيون كبار فى ثورات القرن العشرين»، و«وجوه مصرية مضيئة فى الفكر والأدب والفن»، و«أفكار حول تحديث المشروع الاشتراكى»: أنا سعيد لأن أكون بينكم اليوم، فى هذه اللحظة التى تعانى منها الثورة المصرية من بعض الصعوبات، وتدخل الأعمال الإرهابية الدنيئة التى شهدتها مصر قبل الاحتفال بعيد الثورة الثالث، ضمن العديد من التحديات التى تواجه الثورة المصرية.

سعيد لأننى بينكم اليوم لأستعرض ما أنتجته من كتب وخاصة فى العقدين الأخيرين، ولعل أهم ما يميز كتاباتى الأخيرة هو أننى بما اكتسبته من خبرة ومواجهات وصعوبات عبر سنين عمرى، قد استطعت أن أتخلص من هذه الهالة التاريخية الضخمة التى كانت مفروضة حول تاريخ التجربة الشيوعية التى انضممت إليها منذ قراءتى للبيان الشيوعى الأول عام 1948، وكذلك الانتصارات الأسطورية التى حققها الجيش الأحمر فى الحرب العالمية الثانية. ومن هنا أدركت ضرورة أن نتخلص من الفكر الرومانسى واللاعقلانى الذى كان يسيطر علينا معشر الاشتراكيين، وليس معنى هذا أننى ضد الرومانسية، ولكن عندما تصبح الرومانسية هى الأداة التى تعبر بها القوى السياسية والحزبية عن برامجها فلا فائدة منها.

وأضاف: كان الجانب الرومانسى هو الطاغى على كتاباتى الأولية، وقبيل اندلاع ثورات الربيع العربى، فكرت فى استحضار وجوه ممن شاركوا فى التنوير الفكرى، وكذلك قادة الثورات التى شهدها العالم العربى بخاصة وبقية أنحاء العالم بصفة عامة.

وما أن اندلعت الثورة التونسية، حتى شرعت فى كتابة كتاب «قادة تاريخيون كبار فى ثورات القرن العشرين»، فقد دعتنى هذه الثورات بما حققته من نجاح حتى ولو كان حتى الآن نسبيًا، ودور الشباب فيها، أن أستحضر قادة ثورات القرن العشرين، وأن أستحضرها ليس من جانب السرد التاريخى؛ ولكن من زاوية النقد والتحليل لقادة هذه الثورات.

حيث توقفت عند كيفية بداية ونهاية هذه الثورات، كبف بدأت بإنجازات وكيف انتهت بفشل، وفى الحقيقة لعل أهم الرسائل التى أردت أن أوجهها من هذا الكتاب، هو رسالتى إلى الشباب بضرورة أن يقرأوا التاريخ، فهناك تاريخ سابق عليكم قديم وحديث، وعليكم أن تدركوا أن التاريخ متواصل لا إنقطاع فيه، لا يوجد تاريخ سابق وتاريخ لاحق، والتاريخ يتشابه ولا يكرر نفسه.

وتابع: ركزت فى الكتاب على ثورة أكتوبر التى أرى أنها من أعظم الثورات فى القرن العشرين، فهى من فتحت الباب أما بقية الثورات. وقد توصلت إلى نقطتين هامتين فى نهاية هذا الكتاب أولهما: أن قادة هذه الثورات جميعهم وبنسب متفاوته قد قاموا بشخصنة القضية التى من أجلها قامت الثورة، ومن هنا كانت هذه الشخصيات عائقاً وحائط سد فى وجه تحقيق ما قامت من أجله هذه الثورات.

ثانيهما: جميع هذه الثورات ارتبطت بأيدلوجيات مختلفة منها دينية وشيوعية وعسكرية، ومن هنا سيطرت الأحزاب السياسية من خلال أيدلوجياتها على الثورات، ومن هنا حادت تلك الثورات عن الطريق الصحيح.

ومن هنا فقد تساءلت عن أى مستقبل ينتظر العالم العربى فى ظل الثورات المعاصرة وتوقفت كذلك عند الشباب إذ رأيت أن الطابع العام لحركة الشباب الثورية، وأشكال نضالهم، يغلب عليها الجانب العفوى، ومن هنا كانت استحالة التغيير.

كما أن هذه الثورات عند قيامها لم يكن لها زعيم تاريخى، وهذا جانب إيجابى وسلبيته هى أن هذا الشباب افتقر إلى القيادات التى تملك الخبرة، لتحدد أولويات وأشكال النضال بشكل واقعى لتصل هذه الثورات إلى ما قامت من أجله، كما لاحظت وجود ارتقاء فى الوعى، وتقدم فى تحديد ما ينبغى الوصول إليه، وكنت أرى ولا زلت أصر الآن على أن النضال دائمًا يرافقه صعوبات، وعلينا أن نعرف ذلك جيدًا ونعد العدة للتعامل مع تلك الصعوبات.

وفى الإجمال أنا قاطع وأوكد قاطع بأن هذه الثورات، فتحت الباب لتاريخ جديد فى العالم العربى، وما يجرى فى مصر هو بداية بالغة الأهمية فى طريق ليس بطويل وليس بقصير لتستعيد مصر تاريخها المجيد، ودورها الرائد فى المنطقة، وإقرار الدستور المصرى الأخير هو دليل على نجاح الثورة المصرية. وقد ضم كتابى هذا ثلاثة مصريين من أشهر قادة الثورات فى العالم فى القرن العشرين» سعد زغلول، هدى شعراوى، جمال عبد الناصر».

أما كتابى الثانى «وجوه مصرية مضيئة»، فقد تناولت فيه تاريخ مجموعة من رواد مصر فى شتى المجالات والذين تركوا بصمات واضحة ليس فى التاريخ المصرى والعربى فحسب بل فى تاريخ العال ومنهم على ما أتذكر الآن» سيد درويش، نجيب الريحانى، سلامة موسى، أمين الخولى، محمد مندور، فؤاد مرسى، طه حسين، محمود أمين العالم، عبد العظيم أنيس، سيزى نبراوى، لطيفة الزيات».

وقد استحضرت هذه الشخصيات لسببين أولهما: هو ما تركته فى نفسى فترة إقامتى بالقاهرة فى مرحلة الشباب، حيث إطلعت خلالها على التراث الثقافى والحضارى المصرى فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى، فتربيت على كتابات عمالقة الأدب والفكر العربى طه حسين والعقاد والمازنى وحافظ وشوقى وغيرهم. لذا أطلقت على هذا الجزء فى الكتاب اسم»حب مصر» الذى كان ولا زال يسيطر على وجدانى.

أما السبب الثانى فهو أننى أردت أن يكون هذا الكتاب؛ مرجعًا للشباب المصرى بصفة عامة والعربى بصفة خاصة، ليعرفوا أن تاريخهم الثقافى والفكرى والأدبى ملئ وزاخر بأولئك الذين أفنوا زهرة شبابهم بل وحياتهم فى صنع المجد الثقافى المصرى والعربى.. أما عن أهمية كتابى الثالث حول تجديد الفكر الاشتراكى، فهى تكمن فى أننى أردت أن أقول بأن ماركس ليس بنبيًا، والاشتراكية قابلة للتجديد والتطوير، لذلك قلت أنه علينا أن نجدد من أفكارنا وأن نأخذ من التاريخ ما هو جديد دون البكاء على أمجاد الماضى. وهذا هو معنى تجديد المشروع الاشتراكى وكما قلت فى البداية التاريخ هو تواصل.

فلا توجد بداية من الصفر نحن نبنى على ما تركه لنا من سبقونا وأبناؤنا وأحفادنا سيبنون على ما تركناه، ومن هنا فقد وضعت فى أخر الكتاب برنامج لا توجد به كلمة يسار أو اشتراكية يؤسس للعمل على إقامة دولة مدنية ديمقراطية بعيدًا عن السلطة المطلقة للأفراد أو الأسر المالكة.

وذكرت فى الكتاب بعض ذكرياتى عن رحلاتى لروسيا وكوبا فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، وأود أن أشير إلى أن تاريخًا لم يكن اليسار أبدًا فى طليعة ثورات العالم العربى، وإذا كان اليسار يرغب فى أن يكون فى الطليعة، فعليه أن يتخلى عن سياسة الكلام ويبدأ فى الأفعال.

وعن كيفية إقامة حياة ديمقراطية فى ظل التهديدات الخارجية التى تحيط بنا ؟ قال كريم أن التهديدات موجودة والعدو متربص بنا منذ عقود، فقد استطعنا أن ننتصر على العدو والاستعمار الخارجى فى ظل وجود تهديدات كثيرة، وبعد الاستقلال واجهنا بصبر وجلد قوة أخرى معادية لا تريد لنا التقدم ونحن نصر على التقدم، لذا علينا أن يكون لدينا برنامج واضح ومحدد للنهوض، وهذا البرنامج فى حاجة إلى قوى ومؤسسات وهيئات مؤهلة لتصل به إلى جميع أفراد الشعب، والعدو المتربص بنا ليس خارجيًا فقط فأعداء التقدم من الداخل أيضًا.

أقول نعم هناك أعداء خارجيون وداخليون، لا يريدون لنا التقدم، ولكن مهمتنا أن نقف فى مواجهتهم وأنا واثق فى أننا سننتصر فى النهاية مهما طال الأمد على هؤلاء الظلاميون.

وحول رؤيته لمستقبل القومية العربية فى ظل المتغيرات الدولية الحديثة، قال: من الحتمى وجود صيغة ديمقراطية للقومية العربية، وأنا منذ كنت فى سن الطفولة وأنا مؤمن إيمانًا لا يتزعزع بأنه لا أمل فى مستقبل العرب إلا بالوحدة، وأتمنى أن تقود هذه الثورات ليس فقط إلى تصحيح الأوضاع الداخلية فى البلدان التى قامت فيها، ولكن أن تسعى لوحدة العرب تحت راية واحدة شعارها الديمقراطية والحرية.