الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إلى الفاسدين.. اطمئنوا البراءة فى انتظاركم!




ظل الفساد فترة طويلة مصطلحاً نظرياً فقط على الرغم من وجود صور وأنواع عديدة له، حتى صدر كتاب النائب العام الأسبق المستشار عبدالمجيد محمود فى كتابه «الفساد تعريفه صوره علاقته بالأنشطة الإجرامية الأخرى» ليضع أيدينا على الخطورة الكبيرة التى يمثلها انتشار أنماط الفساد على حياة الدول.. وكيف يؤدى الفساد إلى إقصاء الشرفاء عن المواقع والمناصب القيادية ويقلص فرص قيام حكومات وطنية نزيهة قوية وفعالة.
وفى كتابه يكشف المستشار عبدالمجيد محمود خطورة الفساد على تطور الدول وتقدمها.. وتعديه من مجرد كونه نشاطًا غير قانونى يدر أرباحاً على الفاسدين إلى ارتباطه بسائر أشكال الجريمة «خاصة الجريمة الاقتصادية وغسل الأموال على وجه الخصوص».. وفى كونه صورة من صور الجريمة المنظمة، وأيضا لم يعد شأناً محلياً يمكن مواجهته بقوانين وتدابير محدودة بل أصبح ظاهرة عالمية تمس جميع المجتمعات والنظم الاقتصادية على المستويات الاقليمية والدولية.
ويؤكد المستشار عبدالمجيد محمود على أن التشريع المصرى لا يتناول تعريفاً محدداً للفساد - كغيره من التشريعات المقارنة التى لم تصدر تشريعاً معيناً وواضحاً للفساد - إلا أنه يبرر ذلك بأن المنظومة التشريعية التى وضعها المشرع المصرى تجرم جميع الصور التى تضمنتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.. فجرمت الرشوة فى القطاع العام.. واختلاس المال العام.. والتربح من أعمال الوظيفية.. وإساءة استغلال السلطة.. وإخفاء الأموال ذات المصدر غير المشروع.. وعرقلة سير العدالة.. والاتجار بالنفوذ.. إلخ.
هذا هو الشق النظرى من الكتاب أما الشق العملى الذى ضرب له نماذج للدلالة على الصور المختلفة للفساد وجاءت هذه النماذج فى هامش الكتاب.. وهى نماذج تستحق التوقف عندها.. لأنها تبرز تساؤلاً كبيراً لأن عدداً كبيراً من القضايا التى ذكرها للدلالة على الفساد تم تبرئة أصحابها فى ساحات القضاء.
فمن صور الفساد التى يضربها عبد المجيد محمود الفساد الأخلاقي وهو يعني انحطاط القيم والمبادئ وضرب مثلاً على ذلك بالقضية التى إتهم فيها «أنس الفقى» وزير الإعلام السابق بصفته موظفاً عاماً ورقمها 556 لسنة 2011 مصر أموال عامة.. حيث أضر ضرراً جسيماً.. بأن قرر - بدون مقتضى من القانون - إعفاء القنوات الفضائية المصرية الخاصة من سداد قيمة إشارة البث فى مباريات كرة القدم للموسم الرياضى 2009 - 2010 وبداية الموسم الرياضى 2010 - 2011 وهى القضية التى برأته فيها المحكمة فيما بعد.
وأشار المستشار عبد المجيد محمود فى كتابه إلى صور من الفساد الثقافى وضرب مثلاً برئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق (أسامة الشيخ) بصفته موظفاً عاماً أضر عمداً فى غضون عام 2009 و2010 بأموال الجهة التى يعمل بها ضرراً جسيماً، وهى القضية التى حصل فيها المهندس أسامة الشيخ على البراءة.
وأشار صاحب الكتاب إلى أنماط مستحدثة للفساد طبقاً للتطورات التى تصاحب المجتمعات.. وضرب بها مثلاً قضية رقم 1054 لسنة 2007 ، وهى القضية التى عرفت إعلامياً بقضية «هايدلينا» وهى القضية التى صدرت فيها أحكام ضد المتهمين لكنهم نقضوا الحكم وفى الدرجة الثانية بجلسة 17 يونيو 2010 قضت المحكمة ببراءة جميع المتهمين من التهم المسندة إليهم.
ومن أنواع الفساد المستحدث أيضاً.. فساد التعليم.. وضرب مثلاً بتسريب أسئلة الثانوية العامة بمحافظة المنيا وأدين فيها المتهمون.. وكذلك الفساد فى مجال البترول وضرب مثلاً على هذا الفساد بقضية وزير البترول الأسبق «سامح فهمى» وهى القضية التى يعاد المحاكمة فيها الآن.
ولن نضيف جديداً بل سنكتفى بما كتبه المستشار عبد المجيد محمود وهو يحلل العوامل التى تساعد على انتشار الفساد، ومنها العامل السياسى الذى يراه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالفساد، فالفساد يبدو نتاجاً لا مفر منه لغياب قيم النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون وعن قيم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالديمقراطية كثقافة مجتمع ونظام حكم وإدارة.
ويحدد كذلك الآثار المترتبة على الفساد وخطورته على جميع مناحى الحياة.. وارتباطه بما يطلق عليه «الجريمة المنظمة».
هذه هى شهادة وتعريف النائب العام الأسبق المستشار عبد المجيد محمود.. فى كتابه الذى اعتبره وثيقة فى غاية الأهمية والخطورة ولكن السؤال الذى يدعو للحيرة لماذا البراءة فى قضايا الفساد خاصة تلك التى ذكرها الرجل فى كتابه ليدلل على أنواع الفساد.. خاصة أن من ذكر الوقائع ليعرف بها أنواع الفساد هو النائب العام الأسبق؟! ولا تعليق.