الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

يوسف القعيد: مشروع تخليد «محفوظ» مازال حبيس الأدراج




كتب- محمد عبد الخالق
فى ختام أنشطته لهذه الدورة من معرض القاهرة الدولى للكتاب، احتفى «المقهى الثقافي» بالأديب العالمى نجيب محفوظ وبالدورية التى تصدر عنه من المجلس الأعلى للثقافة، فى لقاء شارك فيه: الكاتب حسين حمودة والقاص سعيد الكفراوى والمخرج محمد كامل القليوبي، وأحمد بهاء الدين شعبان رئيس لجنة الشباب فى المجلس الأعلى للثقافة.
 

أدار الندوة الروائى يوسف القعيد وأوضح أن بعد وفاة الأديب العالمى نجيب محفوظ عام 2006، شكل وزير الثقافة آنذاك فاروق حسنى، لجنة برئاسته من شأنها تخليد ذكرى نجيب محفوظ وكان هناك مشروعات كثيرة يفترض أن تقوم بها اللجنة على رأسها إنشاء مركز ثقافى باسمه يضم مقتنياته وأعماله والمكتبة السينمائية الخاصة به، وكان من المفترض أن ينشأ فى وكالة محمد بك أبو الدهب بحى الحسين الذى نشأ فيه محفوظ وظل متصلا به حتى آخر أيامه.

لكن هذا المشروع للأسف لم يرى النور، وبادر المجلس الأعلى للثقافة بإصدار دورية نجيب محفوظ، التى تعد العمل الوحيد الذى اهتم بالأستاذ بعد وفاته، رأس تحريرها الدكتور جابر عصفور ثم الكاتب والناقد حسين حمودة.

ثم بدأ الكاتب حسين حمودة حديثه بدورية نجيب محفوظ التى يرأس تحريرها: هى دورية سنوية تصدر فى ديسمبر من كل عام، وقد صدر من دورية نجيب محفوظ 6 أعداد حتى الآن، لكل منها محور خاص بكل عدد نحاول فيه تغطية الجوانب والزوايا المختلفة ﻷعمال نجيب محفوظ.

وعن مضمون دورية نجيب محفوظ أشار حمودة إلى أن العدد الأول من الدورية اتصل بفكر نجيب محفوظ ومشروعه الأدبي، والكتابات الأولى التى كتبها فى الثلاثينيات وقصصه القصيرة وأعماله الروائية.

بينما تناول العدد الثانى فكرة نجيب محفوظ والتراث الإنساني، فكما نعرف محفوظ انتمى إلى حضارتين فاغترف من التراث العربى الشعبى والصوفى والكلاسيكي.

كما كان له جسر موصول مع التراث الغربي. كثيرون لا يعرفون أنه كان يقرأ بالفرنسية وعندما نفى فى أجمل مكان يمكن أن ينفى فيه كاتب بعد إقالة مصطفى عبدالرازق حيث كان يعمل سكرتير مكتبه، ذهب إلى وكالة الغورى وهناك اكتشف مخطوطة البحث عن الزمن الضائع لمارسيل بروست، وتأثر بها تأثرا كبيرا حتى أنه أمضى فى قراءتها 6 أشهر.

واتصل العدد الثالث من الدورية بتجربة الزمن فى أعمال نجيب محفوظ الذى كان من أشد المهتمين بفعل الزمن وتأثيره على مصائر أبطال، وسؤاله عن المصير الإنساني.

أما العدد الرابع فتعرض لتجربة نجيب محفوظ والسينما ليس فقط فى أعماله التى حولت إلى السينما ولكن بآثاره وإسهاماته فى كتابة السيناريو.

وكان «نجيب محفوظ والثورة» هو محور العدد الخامس، فتجربة الثورة كانت أساسية جدا فى عالم نجيب محفوظ ليس فقط تناوله للثورات المرجعية التاريخية 1919  ولكن فى تصوره لمعنى الثورة المكتملة.

ويتناول العدد الأخير من الدورية فكرة التعددية فى عالم محفوظ، ففى تجربته كلها ظل مهتما بأن يعبر عن التيارات الفكرية والسياسية والانتماءات الاجتماعية المختلفة.

وعن علاقة محفوظ بالسينما قال المخرج محمد كامل القليوبي: علاقته بالسينما وطيدة جدا وشائكة فى نفس الوقت، فإذا كنا نعرف أن عدد الأفلام المأخوذة عن أعماله 45 فيلما، فإن كثير منا لا ينتبه لعلاقة محفوظ بالسيناريو فقد كتب للسينما 18 عملا عظيما لا يذكر عنهم شيئا، كان معنى بالمكان والزمن، واستطاع أن يقدم صورة حية عن مصر للعالم الخارجي، وأول من التقط موهبته فى السيناريو المخرج العظيم صلاح أبوسيف سنة 1947 عندما قرأ «عبث الأقدار» فذهب إليه وقال له أنت كاتب سيناريو، وألح عليه إلى أن وافق نجيب محفوظ، فكتب أول ما كتب فيلم «عنتر وعبلة»، بعدها تلازم مع صلاح أبو سيف الذى أخرج له 10 من السيناريوهات التى كتبها، ومن أهمها «لك يوم يا ظالم»، و»ريا وسكينة»، و»الوحش»، و»شباب امرأة»، و»الفتوة»، و»الطريق المسدود»، و»أنا حرة»، كما كتب قصة ملفتة جدا فى فيلم بين السماء والأرض، وانقطعت صلة محفوظ تماما بالسيناريو بعد كتابته للحرافيش.

وأضاف: ليس هناك مخرج فى جيلنا لم يراوده أن يخرج فيلم عن رواية لنجيب محفوظ ولكن كان ذلك بحذر وخوف، فالمخرج يخشى أن يوضع فى مقارنة مع النص الأصلي، وإذا نظرنا إلى الأفلام التى قامت على أعماله سنجد أنها تصنف وفقا لمرحلتين الأولى فى المرحلة القديمة من أدب محفوظ حين أخرج حسن الإمام الثلاثية وركز فيها على الجانب الحسي، وأعاد توفيق صالح معالجتها ولكن بشكل بارد.

وفى هذه المرحلة لن نجد أفلاما عبرت فعلا عن جوهر رواياته إلا القاهرة 30.. أما الأفلام التى تنتمى إلى المرحلة الجديدة فقد كانت منسجمة تماما مع السينما ﻷنها استخدمت أساليب التعامل مع الزمن مثل أفلام السمان والخريف، الكرنك، واللص والكلاب. ومما لاشك فيه أن تحويل أعمال نجيب محفوظ إلى السينما ساهم فى ترويجها وتعريف الجمهور بها.

وقدم أحمد بهاء شعبان رئيس لجنة الشباب فى المجلس الأعلى للثقافة قراءة سياسية لمواقف نجيب محفوظ المتعددة وقال: لنجيب محفوظ دين فى رقبتنا جميعا ولم نوفيه حقه حيا ولا بعد أن رحل، ففى مطلع السبعينات خرج الطلاب فى مظاهرات من أجل استعادة الأراضى التى احتلت بعد هزيمة 67، وحدث صدام بين الطلاب والأمن وتم اعتقال عدد كبير من الطلاب، انتفض المثقفون وتباروا فى التضامن مع الحركة الطلابية وأصدروا بيانا للدفاع عنا، و كان منهم  نجيب محفوظ ويوسف إدريس ولويس عوض.

وأضاف: مخطئ من يتصور أن نجيب محفوظ كان مواليا للسلطة أو منافقا لها، فعندما كتب ثرثرة فوق النيل قال أنه حاول  تمرير انتقاده للسلطة على لسان مجموعة من الحشاشين، وقال عبدالحكيم عامر أن محفوظ تجاوز الحد ولابد من تأديبه. وبالفعل صدر وقتها قرار باعتقاله لكن عبدالناصر أوقف هذا القرار.

أما الروائى والقاص سعيد الكفراوى فاسترجع ذكرياته مع نجيب محفوظ قائلا: الحديث عن الأستاذ دخول لعالم صاحبه رجل عشنا حوله كتلاميذ الكتاتيب وكنا شبانا نبدأ أول الخط بعد أن وصلت إلى قرانا كتبه فقرءناها على المراعى والسواعى وشطوط الأنهار وعلى لمبات الجاز، فكان محفوظ أول الوعى الذى لفت انتباهنا ﻷول الأسئلة المهمة عن علاقتنا بالكتابة ومعرفتنا بالرواية. كما عرفنا  على مدينة صاخبة وضاجة وصاحبة أسرار اسمها  القاهرة، حيث كان من حيثيات قبول نوبل  أنه أحيا مدينة، لا يعرف أحد مدينة القاهرة الا إذا قرأ نجيب محفوظ، فهل أحد يتصور أن الزقاق الذى لاتتعدى مساحته بضعة أمتار ينقله إلى العالمية . عندما عرفنا نجيب محفوظ عن قرب واظبنا على لقاءاتنا به فى مقهى ريش نتحلق حوله نستمد الدفء من وهج روحه الطيبة كان أديبا فذا وإنساناً لا يكرر.